وجه كاتبان في صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية الواسعة الانتشار انتقادات حادة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبيل بدء زيارته لألمانيا، ووصفاه بـ”الدكتاتور” و”رئيس دولة البوليس”.
خالد شمت-برلين
وحملت الندوة -التي أقيمت مساء الثلاثاء ببرلين– عنوان "مصر على شفا الانهيار.. لماذا ينبغي على ألمانيا عدم التعويل على استقرار زائف بمصر؟"، واستهلتها باربار أونموسيغ من رئاسة وقفية هاينريش بول بالإشارة إلى تحقق العكس مما وعد به السيسي عند تسلمه السلطة عام 2014، بتحقيق استقرار يمثل للمصريين ولأوروبا ضمانة للتطور الاقتصادي والأمن.
وقالت أونموسيغ إنه بعد ثلاث سنوات من الانقلاب تم تفادي إعلان إفلاس مصر بشق الأنفس عبر مساعدات خارجية مكثفة، وتردت أوضاع حقوق الإنسان لدرك سحيق لم تشهده الأنظمة السابقة، بينما أسهم القمع الحكومي المتزايد لكافة تيارات المعارضة في إفراز بيئة خصبة لتطرف الشباب، وأصبحت أجزاء من شبه جزيرة سيناء خارجة عن سيطرة الدولة.
طريق مسدود
ورأت مسؤولة الوقفية البحثية أن التعاون الألماني غير النقدي مع القاهرة يتغاضى عن مسؤولية السيسي ونظامه بهز استقرار مصر الداخلي، وتزايد حدة التمزق المجتمعي فيها، وتدهور أوضاعها الأمنية، ونوهت إلى استهداف الندوة حثّ برلين والاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في سياستهما تجاه النظام المصري الحالي لأسباب أخلاقية ولاعتبارات السياسة الواقعية.
وأشار رئيس وحدة شمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية إيساندر عمراني إلى أن التردي غير المسبوق في أوضاع الاقتصاد وحقوق الإنسان، والتخبط في مواجهة أزمات تلو أخرى، أوصلا مصر إلى طريق مسدود، تجاوز فيه إغلاق الفضاء السياسي أمام الإسلاميين إلى مختلف النشطاء الآخرين.
وبرّأ عمراني جماعة الإخوان المسلمين من مسؤولية المأزق الراهن، ولفت إلى إدراك النخبة التي أيدت الحكم الحالي أن السيسي غير قادر على فعل شيء، وأن الأوضاع الراهنة لا يمكن أن تستمر، في مقابل رفض السيسي ومحيطه أي نصيحة من الخارج، وانسحاب داعمي النظام الخارجيين، واختزال الغرب علاقته مع القاهرة في تأمين الحدود في سيناء، ومكافحة الهجرة غير النظامية.
وأشار الباحث السياسي إلى أن النظام المصري يستمد مشروعيته من تقديم نفسه منقذا للبلاد وحاميا لها من الإخوان الذين يريد تصويرهم كخطر دائم، وخلص إلى أن انسداد الأفق السياسي مع الإدراك بأن السيسي لن ينسحب طواعية من المشهد، أوجد مناخا عاما يتوقع انهيارا لا يريده أحد، وطرح سؤالا مفتوحا حول كيفية خروج مصر من أزمتها المستفحلة.
بلد غير آمن
من جهتها، قالت الباحثة البريطانية في الشأن المصري هيلين ميشو إن مصر أصبحت بعد ثلاث سنوات من انقلاب السيسي بلدا غير آمن لعمل المؤسسات البحثية الدولية.
وانتقدت الباحثة ما عدته تعاملا براغماتيا للدول الغربية مع النظام المصري، وأشارت إلى تميز السياسيين الألمان عن أقرانهم الأوروبيين بإدراكهم حدة الأزمة التي أوصل السيسي مصر إليها، وانتقدت -في المقابل- عدم استخدام برلين ثقلها بالضغط لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، والحث على تحقيق انفتاح سياسي بمصر.
من جانبها، رأت فرانيشسكا برانتنير ممثلة حزب الخضر المعارض بلجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (البوندستاغ) في بداية كلمتها بالندوة، أن الأمل أصبح مفقودا في حدوث تحول إيجابي بمصر في ظل تطورات السنوات الثلاث الأخيرة.
وأشارت إلى أن نظام السيسي حوّل الشباب الذين قاموا بثورة 25 يناير/تشرين الأول 2011 إلى مساجين أو مطاردين، وأقال رئيس جهاز المحاسبات هشام جنينة بعد كشفه عن تغول الفساد بمصر، وذكرت أن مصر أصبحت معزولة اقتصاديا، ولا ترغب في الاستثمار فيها لأن كل شيء فيها بات معتمدا على الرشوة.
إغلاق الوقفيات
وتطرقت برانتنير إلى إغلاق كافة الوقفيات البحثية الألمانية لفروعها في مصر بسبب ما تعرضت له من تضييق وتهديد لسلامة الشركاء المصريين المتعاونين معها، وذكرت أن البرلمان الألماني يواجه حيرة تجاه مواصلة برامج التبادل مع مصر بسبب توقع تهديد سلامة أي نشطاء مصريين يشاركون فيها بعد عودتهم لبلدهم.
ودعت برانتنير الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي لربط المفاوضات الحالية لمصر مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بإنهاء النظام المصري ملاحقته للنشطاء السياسيين وتضييقه على منظمات المجتمع المدني، وإحداثه انفتاحا سياسيا بالبلاد.