شيخوخة الأوروبيين دفعتهم لاستقبال اللاجئين
أوردت وكالة أسوشيتد برس تقريرا يعدد المآثر التي ستجنيها القارة الأوروبية من لجوء عشرات الألوف من البشر في السنوات الماضية إليها، على عكس ما تحاول وسائل إعلام غربية أخرى الترويج له بأن هذه ظاهرة ستعود بالوبال على الدول المستضيفة لهم.
فتدني معدلات المواليد يعني ندرة العمالة الأوروبية السنوات القادمة بحيث قد لا تجد الأعداد المتعاظمة من السكان المتقاعدين عن العمل من يعولهم. لذا فإن وصول آلاف اللاجئين الشبان -وأغلبهم ممن تلقوا قسطا وافرا من التعليم- من شأنه أن يعزز إمكانيات المنطقة الاقتصادية على المدى البعيد.
وتبقى القضية الأهم -بنظر وكالة الأنباء التي تتخذ من نيويورك مقرا- في كيفية دمج هؤلاء في مجتمعاتهم الجديدة، وفي عدد الوظائف التي يمكن للدول الأوروبية أن توفرها لهم.
فـ ألمانيا أكبر الدول الداعية إلى الترحيب باللاجئين، هي أيضا أكثر من سيجني فوائد سريعة من المهاجرين، ذلك أنها تتمتع بسوق عمل قوية وشواغر عمل كثيرة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الأمر سيستغرق وقتا طويلا بدول -مثل اليونان وإيطاليا ذواتي الاقتصاديات الأضعف- حتى تنعكس عليها آثار الهجرة إيجابيا، فهي لا تزال تكافح لكي توفر وظائف لسكانها على الرغم من أنها هي الأخرى تعاني من خطر "القنبلة السكانية الزمنية".
وأعادت أسوشيتد برس إلى الأذهان ما صرح به رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، جان كلود يونكر، الشهر الماضي، حين قال "دعونا لا ننسى أننا قارة هَرِِمة من حيث التراجع السكاني. نحن سنحتاج إلى مواهب".
فقبل أن تبدأ تدفقات اللاجئين هذا العام، توقع مكتب الإحصاءات الألماني أن تتناقص أعداد السكان، البالغ عددهم حاليا 80.8 مليون نسمة، بمعدل العُشْر أو أكثر بحلول عام 2060. كما تتوقع ألمانيا أن تنخفض القوى العاملة فيها بمعدل ستة ملايين خلال 15 سنة القادمة.
وتقول وكالة الأنباء -في تقريرها- إن استضافة ثمانمئة ألف لاجئ تقريبا من سوريا والعراق ودول أخرى هذا العام سيكلف ألمانيا زهاء ستة مليارات يورو (6.6 مليارات دولار أميركي) العام المقبل في شكل برامج رعاية اجتماعية وتعليم لغة للوافدين الجدد.
وطبقا لتقديرات الخبير الاقتصادي ببنك يونيكريديت، أندرياس رييس، فإن "طوفان الواصلين الجدد" خلال السنوات القليلة القادمة قد يجعل الاقتصاد الألماني ينمو بنسبة 1.7% إضافية بحلول عام 2020.
ويقول دييتر زيتشي (الرئيس التنفيذي لشركة دايملر صانعة سيارات وشاحنات مرسيدس) إن "ألمانيا باستيعابها أكثر من ثمانمئة ألف شخص بحاجة إلى مساعدتنا، تضطلع بعمل جبار، لكن ذلك قد يشكل في أحسن الأحوال أساسا لمعجزة اقتصادية ألمانية جديدة".
أما السويد التي تعد ثانية أكبر دول الاتحاد الأوروبي -بعد ألمانيا- استضافة للاجئين باستقبالها ثمانين ألفا من طالبي حق اللجوء العام الماضي، فهي تنظر للقادمين الجدد على أنهم خير كله رغم ما قد تتكبده من تكاليف مباشرة وباهظة. وتقول وزيرة التعاون كريستينا بيرسون "نظرا لشيخوخة سكاننا، فإننا مضطرون لاستبدال أولئك الذين يتركون سوق العمل".