التعذيب ليس غريبا عن المجتمع الأميركي بل مبرر

Demonstrator Maboud Ebrahimzadeh is held down during a simulation of waterboarding outside the Justice Department in Washington in this November 5, 2007 file photo. The possibility that U.S. spies located Osama bin Laden with help from detainees who'd been subjected to "enhanced interrogation" techniques seems certain to reopen the debate over practices that many have equated with torture, security experts said on Monday.
الغمر بالماء أحد أساليب التعذيب التي مارستها المخابرات الأميركية بحق المعتقلين (رويترز)

تعتبر غالبية الأميركيين أساليب التعذيب التي استعملتها وكالة الاستخبارات (سي آي أي) مبررة. إنه واقع لا يشكل مفاجأة، وهو لن يتغير حتى يتعامل البلد مع هذه المعضلة بمزيد من الجدية، كما يرى متخصصون.

وقال الكاتب بيتر باينارت -في مقال نشرته مجلة "ذي آتلانتيك" الأميركية- إن التعذيب في أميركا أسلوب لم يبدأ على إثر اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

وأضاف أن من المعروف أن التعذيب مارسته أميركا على امتداد تاريخها، سواء في الفترة التي ساد فيها الرق، أو إبان الحرب الإسبانية الأميركية عام 1898، أو حتى خلال حرب فيتنام القرن الماضي.

وبذلك يعارض باينارت ما قاله الرئيس باراك أوباما بعد صدور تقرير مجلس الشيوخ الأميركي في التاسع من الشهر الجاري بشأن أساليب التعذيب التي استعملتها "سي آي أي" حيث قال "إن التعذيب يتعارض مع قيم الولايات المتحدة".

وندد أوباما بما عده وسائل "مخالفة ً" لقيم الولايات المتحدة، وذلك في إشارة لتقنيات الاستجواب العنيفة التي استخدمتها (سي آي أي) بحق معتقلين متهمين بالعلاقة مع تنظيم القاعدة. وتعهد بألا يتكرر استخدام وسائل التحقيق القاسية.

وفي مقاله رأى باينارت أن "التعذيب هو تعبير عن ما نحن عليه في الولايات المتحدة".

وأكدت استطلاعات للرأي ما ذهب إليه باينارت، فقبل عامين أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف أن 63% من الأميركيين لا يرون مانعا في استعمال التعذيب تحت شروط معينة، وهو اتجاه أكده استطلاع جديد بعد صدور تقرير مجلس الشيوخ، معتبرا التعذيب أمرا مرعبا لكنه لا يثير الاستغراب.

ومن شأن المناخ السياسي الأميركي أن يبرر التعذيب، فهناك طغيان لأحداث بعينها على مستوى السياسة الخارجية ولا يمكن تخفيف حدة فظاعتها، كالهجمات "الإرهابية" في باكستان وأفغانستان، وأستراليا، والعراق، حيث تبقى هي الموضوعات المهيمنة على وسائل الإعلام. أما محليا، فيسود خوف من الأعمال الإرهابية.

هناك عنصر هام آخر في الإعلام، ألا وهو غياب صوت ضحايا التعذيب عكس صوت المسؤولين السياسيين. ففي الوقت الذي نظّم فيه ديك تشيني -نائب الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش– بالتنسيق مع (سي آي أي) حملة استباقية مضادة بدأت حتى قبل نشر تقرير مجلس الشيوخ، بقي ضحايا التعذيب غائبين لا صوت لهم.

وهذه معطيات تؤكد -حسب متخصصين- على أن الولايات المتحدة بحاجة لفتح حوار وطني بشأن التعذيب، حوار لن يكتسب الصدقية إلا بمحاكمة المتورطين المشتبه بهم، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.

المصدر : دويتشه فيله