التردد يدفع أوباما للسعي لكسب الثقة

epa03861935 President Barack Obama addresses the nation in a live televised speech from the East Room of the White House in Washington, DC, USA, 10 September 2013. President Obama blended the threat of military action with the hope of a diplomatic solution as he works to strip Syria of its chemical weapons. EPA/EVAN VUCCI / POOL
undefined

استخدم الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابه المتلفز ليلة أمس لحشد الرأي العام الأميركي لعمل عسكري في سوريا, رغم اعترافه بأن الإجراءات الدبلوماسية الجارية على قدم وساق قد تجعل في نهاية الأمر مثل هذا العمل غير ضروري.

وقال أوباما للأميركيين الذين أعيتهم الحروب في السنوات الماضية إن استخدام نظام بشار الأسد في سوريا للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين يمثل خطرا على أمن الولايات المتحدة، وأن بلاده "تستطيع وقف قتل الأطفال بالمواد الكيميائية".

وهكذا سعى أوباما إلى كسب تأييد شعبه لضربة عسكرية "دقيقة ومحددة" -كما اقترح سابقا- كما سعى إلى كسب ثقتهم.

لكن بشأن ما إذا كان استطاع أن يحقق تلك الغاية بالفعل فإن الإجابة تعتمد على الرد الذي سيقوم به إزاء سوريا كزعيم لأكبر قوة في العالم, وعلى أولوياته في فترة رئاسته الثانية.

ومع قناعته بأن معظم الأميركيين يعارضون استخدام القوة في سوريا، طلب أوباما من شعبه منحه الثقة كقائد عام للقوات المسلحة في حال قرر القيام بضربة رغم معارضتهم.

مخرج
ويبدو أن أوباما أراد أيضا أن يكسب ثقتهم بأن الرئيس الذي انتخبوه في حملة كان هدفها إنهاء الحروب ما زال يسعى لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية, وربما قد يكون هذا المخرج هو تأمين الأمم المتحدة لأسلحة سوريا الكيميائية.

وقال أوباما في خطابه "إنني أعلم أن فكرة أي عمل عسكري، مهما كان محدودا لن تحظى بشعبية بعد الخسائر البشرية الكبيرة في العراق وأفغانستان". وأضاف "إنني أفضل بشدة الحلول السلمية".

ومهما كانت نتيجة الأزمة السورية، فإن محافظة أوباما على ثقة الشعب الأميركي تبدو مهمة شاقة في وقت يواجه فيه صعوبة كبيرة في كسب تأييد المشرعين بالكونغرس.

وفي حالة كسب أوباما لمثل هذه الثقة فإنه سيستطيع المناورة إزاء مسألة سوريا والقضايا الأخرى. لكن خسارته لها تعني أنه سيجد من الصعب لعب الدور الذي يجب أن يؤديه بقوة على المسرح الدولي وإقناع الكونغرس بالموافقة محليا على تعديل قانون الهجرة، أو تأييد مسائل تتعلق بالموازنة وغيرها.

فالسياسيون بجميع أطيافهم سيفتقرون إلى المحفز لاتباع زعيم ضعيف في حال فقد الناخبون ثقتهم به.

ويقول جيفر إنغل مدير مركز دراسات التاريخ الرئاسي بجامعة ساثيرن ميثوديست إن الرئيس الأميركي يحتاج بالفعل لثقة الرأي العام والمجتمع الدولي في قضية سوريا التي فرضت عليه،  ومنحه الثقة في القضايا التي يختارها هو.

توضيح

حربا العراق وأفغانستان أعيتا الأميركيين (الفرنسية)
حربا العراق وأفغانستان أعيتا الأميركيين (الفرنسية)

ولم يكن خطاب ليلة أمس هو ذاته الذي كان أعده في الأصل. لكن الجهود الدبلوماسية العاجلة فرضت عليه تغييره من لغة تستهدف حشد تأييد أعضاء الكونغرس لضربة لسوريا إلى أخرى تستهدف التوضيح للأميركيين لماذا يضيع كل هذا الوقت على مسألة يعارضونها.

وقال أوباما "إنني أعلم أن الأميركيين يريدون من حكومتهم -خاصة مني- التركيز على بناء الجبهة الداخلية، إعادة الناس إلى أعمالهم, وتعليم أبنائنا ودعم الطبقة الوسطى.. ولا عجب من طرح أسئلة صعبة".

فمعظم الأميركيين، أو أكثر من 60% منهم يريدون من الكونغرس معارضة استخدام القوة ضد سوريا، طبقا لاستطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس.

أما في الكونغرس ذاته فإن 53% من الديمقراطيين و59% من المستقلين و73% من الجمهوريين يقولون إنه يجب على الكونغرس معارضة ضربة لسوريا.

لذلك فقد سعى أوباما للتعامل مع تلك النقاط واحدة تلو الأخرى.

فعلى الذين يتساءلون ما إذا كانت قضية سوريا تحتاج إلى ضربة عسكرية محدودة, رد أوباما بالقول إنها "ستبعث برسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد لن تستطيع دولة أخرى إرسالها", وللذين يخشون من رد سوري استبعد أوباما قدرة النظام السوري على تهديد المصالح الأميركية.

وأما للذين يرون بأن الضربة ستجر أميركا إلى نزاع طويل فقد أكد أوباما أنه لا مصلحة للولايات المتحدة في حرب أخرى. وقال "إنني لن أضع أقدام الجنود الأميركيين على أرض سوريا.. إنني لن أسعى وراء عمل مفتوح مثل العراق أو أفغانستان".

فقد وجه أوباما خطابه كله لكسب ثقة الأميركيين. وبعد وجوده في السلطة لأربعة أعوام يقول معظم الأميركيين إنهم يثقون به, لكن حجم هذه الثقة يتآكل.

فطبقا لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب هذا الأسبوع أكد 55% من الأميركيين أن أوباما جدير بالثقة, هبوطا من 63% في مارس/آذار 2008 عندما كان مرشحا للبيت الأبيض.

ويعي أوباما ومستشاروه مدى تأثير هبوط آخر في الثقة على السنوات الباقية في رئاسته.

فقد أخفق الرئيس السابق جورج دبليو بوش في استعادة الثقة في الفترة الثانية لرئاسته، بعد فقدانها بسبب العراق وارتفاع عدد ضحايا الحرب هناك, وبعد هبوط الثقة في المعلومات التي استخدمتها أجهزة استخباراته لتبرير الحرب.

ويؤكد بيتر ويلش -السناتور الديمقراطي من فيرمونت- أن لدى الديمقراطيين حاليا رئيس ينهي الحروب ولا يبدؤها. ويبرر ما يواجهه أوباما من تردد شديد فيقول ويلش إنه متردد شخصيا في تأييد عمل عسكري ضد سوريا.

المصدر : أسوشيتد برس