محاكمة ضخمة للنازيين الجدد بألمانيا
تفتتح غدا الاثنين في ميونيخ واحدة من أكبر محاكمات النازيين الجدد بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا، وستبت المحاكمة في تسع قضايا تتعلق بقتل أجانب وصفتها المستشارة أنجيلا ميركل بأنها "عار على ألمانيا".
وتواجه المتهمة الرئيسية بياتي شابي (38 عاما) عقوبة بالسجن مدة طويلة، وتحاكم للاشتباه بمشاركتها في تسع عمليات قتل لأجانب، إضافة إلى قتل شرطية عام 2007. كما يشتبه بضلوعها في اعتداءين على جاليات أجنبية و15 عملية سطو على مصرف، طبقا لمحضر الاتهام.
وأعلن أحد محاميها أنها لا تعتزم التعبير عن موقفها من الوقائع المنسوبة إليها، وقد اختارت التزام الصمت منذ سنة ونصف السنة.
أما شريكاها أوفي بونهارت (34 عاما) وأوفي موندلوس (38 عاما) وهما متهمان بالقتل،؛ فانتحرا في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
كما يحاكم أربعة أشخاص يشتبه في تقديمهم مساعدة لوجستية لمن سبق.
ويدعي ما لا يقل عن 77 بالحق المدني بمواكبة خمسين محاميا. وسيتم استدعاء ستمائة شاهد إلى المنصة للإدلاء بأقوالهم في إطار هذه المحاكمة التي قد تستغرق سنتين ونصف السنة.
وستسعى المحكمة إلى الإجابة عن سؤالين يؤرقان ألمانيا منذ الكشف عن القضية: كيف تمكن هؤلاء النازيون الجدد الثلاثة الذين كانوا يخضعون لمراقبة أجهزة الاستخبارات منذ أواخر التسعينيات من التحرك طوال هذه الفترة من دون قلق؟ وكيف بقيت عدة عمليات قتل تجار صغار بلا أي تفسير طوال أكثر من عقد؟
جرائم القتل
وقتل ثمانية مواطنين أتراك أو من أصل تركي، ويوناني واحد بين التاسع من سبتمبر/أيلول 2000 والسادس من أبريل/نيسان 2006.
وارتكبت عمليات القتل هذه في مقاه للإنترنت ومحال للخضار والفاكهة ومطاعم كباب عبر البلاد وبالسلاح نفسه. لكن الشرطة لم تحقق في أي من هذه الجرائم بجدية في إطار سيناريو معاداة الأجانب. بل على العكس تم الاشتباه بعائلات الضحايا التي سيحضر بعضها المحاكمة، وخضعوا للضغوط والتهديدات.
واتضحت معالم القضايا وارتباطها بخلية النازيين الجدد في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، فقد عثر عناصر من الشرطة على جثتي بونهارت وموندلوس اللذين فضلا الموت على تسليم نفسيهما بعد فشل عملية سطو على مصرف. وبعد ساعات أحرقت بياتي شابي شقتهم وسلمت نفسها بعد أربعة أيام.
في هذا الوقت ربطت الشرطة بين القضيتين واكتشفت في حطام الشقة السلاح المستخدم لقتل المهاجرين التسعة. كما عثرت على قرص فيديو رقمي يتبنى فيه الثلاثة جرائمهم.
وفي الأشهر التالية اكتشفت ألمانيا إخفاقات التحقيق، واتهم جهاز الاستخبارات الداخلية بالإهمال وحتى بالعنصرية، كما شكلت لجنة تحقيق برلمانية.
وخلال مراسم إحياء ذكرى الضحايا العام الماضي، وجهت ميركل اعتذارات علنية إلى العائلات المتهمة خطأ، وقالت إن تلك الجرائم "عار على بلادنا".
وأواخر أبريل/نيسان الماضي اعتذرت ألمانيا رسميا بالأمم المتحدة عن الأخطاء التي ارتكبت أثناء التحقيق، معترفة بأن عمليات القتل العنصرية هذه تشكل "دون أدنى شك أحد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان في العقود الأخيرة في ألمانيا".
تنظيم المحاكمة
ويثير تنظيم المحاكمة منذ أسابيع جدلا حادا وخاصة ما تعلق منه بتوزيع الأماكن المخصصة لوسائل الإعلام، ففي البداية لم تخصص محكمة ميونيخ مقاعد لوسائل الإعلام التركية بالنظر لوجود ضحايا من الأتراك، مما تسبب بأزمة دبلوماسية صغيرة بين برلين وأنقرة.
لكن بعد أن طلبت منها المحكمة الدستورية إعادة النظر في موقفها، قررت المحكمة باللحظة الأخيرة تأجيل المحاكمة ووزعت بالقرعة المقاعد الخمسين المخصصة لوسائل الإعلام. لكن الجدل لم يتوقف، لاسيما وأن مجلة نسائية وإذاعات موسيقية حصلت على أماكن، ولم تحصل عليها بعض من أبرز الصحف الألمانية أو وكالات الأنباء الدولية.
يُذكر أن هذه المحاكمة لا تضاهيها أخرى من حيث حجمها منذ محاكمة "عصابة بادر ماينهوف" قبل 36 عاما.