غولن يهاجم الحكومة وأردوغان يهدد بطرد سفراء

انتقد رجل الدين التركي فتح الله غولن الحملة التي تشنها الحكومة التركية بـ"تطهير الشرطة" وتوقيف الضباط الذين شاركوا في تحقيقات بقضايا "فساد" أدت إلى اعتقال العشرات بينهم مقربون من وزراء، ولوح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بطرد سفراء أجانب على خلفية هذه القضية.

وفي أول تعليق على القضية التي هزت النخبة الحاكمة في البلاد وباتت تمثل أكبر تحد لأردوغان، قال غولن في تسجيل تم تحميله على إحدى صفحاته على الإنترنت أمس الجمعة، "أولئك الذين لا يرون اللص ويتعقبون من يحاولون الإمساك به والذين لا يرون جريمة القتل ويحاولون تشويه آخرين باتهام الأبرياء، اللهم أحرق بيوتهم وخرب ديارهم وفرّق جمعهم".

ووصف أردوغان في وقت سابق حملة الاعتقالات بأنها "عملية قذرة" تستهدف تقويض حكمه، وأحجم عن ذكر اسم غولن -الذي يتمتع بنفوذ في دوائر الشرطة والقضاء- بوصفه المحرك وراء التحقيقات.

وبعد أن كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، أعلنت جماعة فتح الله غولن حربا على الحكومة بسبب مشروع إلغاء مدارس خاصة تستمد منها قسما من مواردها المالية. ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999.

من جانب آخر قالت محطات تلفزيون تركية إن قضاة في إسطنبول وجهوا اليوم السبت رسميا تهما لـ24 شخصا بينهم نجلا وزيري الداخلية والاقتصاد، تم توقيفهم في إطار حملة الاعتقالات المرتبطة بـ"قضايا الفساد"، بينما تم الإفراج عن نجل وزير البيئة مساء الجمعة بعد التحقيق معه على مدار ساعات.

وقرر القضاة أيضا توجيه الاتهام لرجل الأعمال الإيراني الأذري رضا زراب الذي يشتبه بتورطه في تهريب الذهب إلى إيران التي تخضع لعقوبات دولية.

وكان القضاء التركي وجه أمس الجمعة أول الاتهامات رسميا لعدد من الموقوفين، وكان من بين المتهمين المدير العام لبنك خلق التركي (البنك الأهلي) سليمان أصلان الذي وجهت إليه تهم الفساد والاختلاس والتزوير، وفق ما ذكرت محطتا تلفزيون تركيتان.

أكبر تحقيق
واعتقلت الشرطة 52 شخصا -بينهم أبناء الوزراء الثلاثة المذكورين ورجال أعمال بارزون مقربون من رئيس الوزراء ومسؤولون بحكومات محلية- يوم الاثنين الماضي، في أكبر تحقيق حول مزاعم فساد منذ تولي أردوغان السلطة.

ويشتبه تورط هؤلاء جميعا بأعمال فساد وتزوير وتبييض أموال، في إطار ثلاث قضايا مرتبطة بصفقات عقارية عمومية وتحويل أموال وذهب بين تركيا وإيران.

وقامت الحكومة عقب حملة الاعتقالات بحملة "تطهير" واسعة في صفوف قوات الشرطة، فأقالت حاكم شرطة إسطنبول حسين جابكين الخميس، وعزلت الجمعة 14 ضابطا من المديرية العامة بشرطة أنقرة، ليبلغ العدد الإجمالي للكوادر الأمنية المقالة نحو خمسين ضابطا ومديرا، في إطار هذه الحملة التي بدأت الثلاثاء.

محتجون أمام فرع لبنك خلق الذي كان مديره العام بين المعتقلين في قضايا الفساد (الفرنسية)
محتجون أمام فرع لبنك خلق الذي كان مديره العام بين المعتقلين في قضايا الفساد (الفرنسية)

ويأخذ أردوغان على العناصر الأمنية المقالة "استغلال النفوذ" وعدم إبلاغ سلطة الوصاية السياسية بالتحقيق الذي كان يستهدفها.

وفي سياق متصل عثر اليوم على قيادي بالشرطة التركية قتيلاً داخل سيارته في أنقرة، وذكرت وسائل إعلام تركية أنه كان يعمل بقسم مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، وقد عثر عليه قتيلاً داخل سيارته في مقاطعة ديكمان، ورجحت تقارير أن يكون قد انتحر برصاصة في الرأس.

إبعاد سفراء
من جانب آخر حذر أردوغان من أنه قد يعمد إلى إبعاد بعض السفراء الأجانب الذين يقومون "بالتحريض" على خلفية التوترات الناجمة عن هذه الاعتقالات، وقال في كلمة ألقاها في مدينة سامسون على البحر الأسود ونقلها التلفزيون التركي، إن "بعض السفراء يقومون بأعمال تحريض"، وأضاف "لسنا مستعدين لإبقائكم في بلادنا".

وتأتي تصريحات أردوغان بمثابة تحذير ضمني للسفير الأميركي فرنسيس ريتشاردوني، الذي وفق بعض وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة، كان قد صرح لممثلين عن الاتحاد الأوروبي أن واشنطن طلبت من بنك خلق قطع جميع علاقاته بإيران بسبب العقوبات على هذا البلد "ولكنه لم يستمع، ونحن نشهد انهيار إمبراطورية".

ونفى ريتشاردوني تلك التقارير وقال عبر تغريدة بموقع تويتر "لا يتعين على أي شخص أن يعرض  للخطر العلاقات الأميركية التركية بمزاعم لا أساس لها من الصحة".

المصدر : وكالات