نازيو اليونان في البرلمان وسط جدل

GREECE : A man casts his vote during Greece's general elections in Athens on May 6, 2012. Greeks voted Sunday in a tough-to-predict general election that threatened to turn the crisis-hit country's old political system on its head and bring eurozone turmoil back with a vengeance. AFP
undefined

شادي الأيوبي-أثينا

فاجأت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في اليونان المراقبين، وذلك بعد فوز عدد من حزب "الفجر الذهبي" النازي بعضوية البرلمان.

ولا يخفي نيكولاوس باباذوبولوس (38عاماً) تصميمه على صحة خياره بانتخاب حزب "الفجر الذهبي" في الانتخابات الأخيرة، ويبرر ذلك بغضبه من فساد النظام السياسي القائم منذ السبعينيات، وعدم معاقبة السياسيين الفاسدين.

واعتبر باباذوبولوس في مقابلة مع الجزيرة نت أن دخول الحزب الجديد البرلمان قد يردع الأحزاب الأخرى عن سرقة الدولة، متهماً الإعلام بتشويه صورة أعضائه وعدم إتاحة المجال لهم للدفاع عن أنفسهم.

باباذوبولوس قال إن الكثير من الأعمال التي تنسب لمجموعات الفجر الذهبي محض افتراء، وفي المقابل لم تستطع أحزاب اليسار أن تتوحد كمعارضة فعالة.

مهاجر عربي باليونان وقع ضحية هجمات من اليمين المتطرف النازي (الجزيرة)
مهاجر عربي باليونان وقع ضحية هجمات من اليمين المتطرف النازي (الجزيرة)

خدمات أمنية
وقال إن مواطنين يونانيين تعرضوا لتجاوزات واعتداءات على أملاكهم من أجانب، وبينما لم تتدخل الشرطة، قام أعضاء من "الفجر الذهبي" بإرجاع الحق لأصحابه، وهو ما يفسر تصويت نسبة من اليونانيين لهم، وهم يقومون بشكل دائم بهذه الخدمات.

واعترف بأن أعضاء المنظمة الذي وصل 21 منهم للمجلس النيابي ليسوا على قدر من الكفاءة، لكنه أضاف أن نواب الأحزاب الأخرى ليسوا أكفأ منهم، مضيفاً أنه في حال تعثر تشكيل حكومة وتم إقرار المضي في انتخابات جديدة، فلن ينتخبهم من جديد لأنه اعتبر أن رسالته نحو الأحزاب الكبرى وصلت.

الحجج التي ساقها باباذوبولوس، تختصر حجج الذين انتخبوا حزب "الفجر الذهبي" لا سيما من الشباب الذين أرادوا إظهار غضبهم على الحزبين الرئيسين "باسوك" و"الديمقراطية الجديدة" بسبب استغلالهما للسلطة منذ عام 1974 حينما سقطت الدكتاتورية وبدأ عهد السياسة الحديث، لم يسجل فيه معاقبة أي سياسي فاسد.

وقد أوصل الناخبون اليونانيون 21 عضواً من أحزاب المنظمة المتطرفة لقبة البرلمان، الأمر الذي أثار عاصفة جدل في البلد، خاصة أن البعض منهم يحاكم أمام العدالة اليونانية بجرائم سرقة وغيرها.

وفي بلد قتل النازيون الآلاف من أبنائه خلال الحرب العالمية الثانية، أظهرت مطبوعات قديمة للحزب تمجد زعيمه بالزعيم النازي أدولف هتلر واتخاذه مثلاً يحتذى للحزب وأعضائه، الأمر الذي يثير استغراب الباحثين والمتابعين.

‪خاتزيفاسيليو: البرلمان اليوناني لم يعرف أحزابا نازية بالسابق‬ (الجزيرة)
‪خاتزيفاسيليو: البرلمان اليوناني لم يعرف أحزابا نازية بالسابق‬ (الجزيرة)

مشكلات
فاغيليس بابايورييو، المحامي الذي كان مسؤولا عن قسم انتخابي بمنطقة أغرينيو الزراعية (300 كلم شمال أثينا) قال للجزيرة نت إن معظم الناخبين بالمنطقة كانوا يعرفون ماذا يريدون، ولاحظ أن انزعاج أهالي المنطقة الزراعية التي تعاني من مشكلات بالبطالة، دفعهم لانتخاب الأحزاب الصغيرة مثل التجمع الاشتراكي أو الفجر الذهبي، لكن حزب الديمقراطية الجديدة جاء بالصدارة.

من جانبه أوضح أستاذ التاريخ الحديث بجامعة أثينا إيفانثيس خاتزيفاسيليو للجزيرة نت أن البرلمان لم يعرف أحزابا نازية حتى بانتخابات 1936، حينما كانت النازية والفاشية منتشرتين بكل أوروبا، وبطريقة النسبية البسيطة، حيث كان يكفي أخذ عدة آلاف من الأصوات بدائرة انتخابية واحدة للحصول على مقعد بالبرلمان.

وحول التصويت لحزب "الفجر الذهبي" بمناطق تعرضت لمذابح نازية، قال إنه يعبر عن خيبة أمل أكثر من خيار سياسي، بينما نال الحزب 18% إلى 35% من أصوات الشباب الذين لم يدركوا بالضبط طبيعته، كما صوت له يونانيون من أعمار مختلفة رغبة في اختيار أكثر حزب معاداةً للنظام السياسي القائم.

واستغرب ادعاءات يونانيين بأن تصويتهم احتجاج على الأوضاع المعيشية، مذكراً بأن مستوى اليونان الاقتصادي بالعالم هو 27 من بين 220 دولة، ومعتبراً أنه إذا كانت أسباب نشوء وقوة هذه الأحزاب اقتصادية واجتماعية، فستعرف الفترة القادمة تعاظما أكثر في قوتها، لأن السنوات القادمة على اليونان ستكون أصعب اقتصاديا واجتماعياً.

غياب الدولة
أما عالم الاجتماع بجامعة بانديون، ماكيس ماكريس، فأشار إلى غياب الدولة عن بعض مناطق المدن، الأمر الذي سمح لهذا الحزب بملء الفراغ، إضافة إلى ما توحيه بنية الحزب النازية من تنظيم وقوة يجتذبان الناس البسطاء.

وقال ماكريس للجزيرة نت إن القليل من الأشخاص الذين انتخبوا الحزب النازي يعرفون حقيقته، لكنه استدرك أن الناس قد تتغاضى عن بعض عنصريته حينما تقارنه بالأحزاب الكبرى وإساءاتها للبلد، كما أشار إلى وجود عناصر يمين متطرفة في بنية الدولة اليونانية الحديثة، لا سيما في أجهزة الأمن.

ويشير متابعون إلى أنه في حال جرت انتخابات في القريب، فسينخفض نصيب الحزب لأن الكثيرين من ناخبيه أدركوا خطورته على الحياة السياسية.

المصدر : الجزيرة