طارق رمضان بين محرابي الشرق والغرب

f / Swiss intellectual Tarik Ramadan speaks


                                                         إلياس تملالي

حفيد حسن البنا واحد من أهم مائة شخصية عالمية في القرن الـ21, هكذا صنفت مجلة تايم الأميركية المفكر الإسلامي طارق رمضان أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية في جامعة فرايبورج وكلية جنيف بسويسرا.

 
على مدى عقد من الزمن ظل طارق رمضان يثير الجدل بكتاباته ومؤتمراته التي يعقدها مرارا في الدول الأوروبية, بين جزء من الشباب المسلم في أوروبا الذي يرى فيه مثال المسلم الناجح القادر على الاندماج في وسطه الأوروبي دون فقدان نقاط ارتكازه الإسلامية, وجزء آخر يرى الإسلام الذي يدعو إليه مائعا أكثر من اللزوم في وقت يتهدد الزوال هويته.
 
حفيد البنا
ويقر طارق رمضان بأنه دخل العالم الأوروبي -حيث نشأ ودرس- محملا بماضيه المبني على التراث الإسلامي وحتى مرجعيات الإخوان المسلمين, فأبوه سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، كان مسؤول الإخوان المسلمين بالمنفى بعد أن طاردته يد الأمن المصري ليستقر في سويسرا.
 
undefined

وهو يقول في أحد حواراته "لقد عشت كل طفولتي تلازمني صورة جدي المقتول" في إشارة إلى البنا.

 
لكن طارق رمضان يقر كذلك أن سنوات دراسته التي نال فيها دكتوراه الفلسفة والأدب الفرنسي والسنوات التي أمضاها مع مسيحيين وإنسانيين و"لا أدريين" أو ملحدين، من الأسقف بيير إلى الأم تيريزا، وعمله في منظمات إغاثة ومنها "أطباء بلا حدود" و"جمعية أرض البشر" جاب من خلالها أفريقيا وأميركا الجنوبية والهند، كل ذلك أثر في تفكيره وهو المسلم الشاب من أبناء الجيل الثاني من مسلمي أوروبا وفتح له آفاقا أخرى.
 
مثار للجدل
وبقدر ما لم يحقق طارق رمضان الإجماع بين مسلمي أوروبا, كان مثار جدل بين حكومات أوروبا ذاتها, ففي الوقت الذي قررت فيه الحكومة البريطانية اللجوء إلى استشارته في علاقاتها مع الجالية المسلمة, فإن الولايات المتحدة تحظر دخوله بدعوى الخطر الإرهابي ذاته الذي كان يسارع كل مرة إلى التنديد به.

"
أخرجوا من غيتوهاتكم الثقافية وافتحوا فضاءات ثقة مع الآخرين. لا تكونوا ضحايا لكن مواطنين كاملي الحقوق, وتذكروا أن الفرق بين كندي أصيل ومهاجر هو أن الكندي الأصيل مهاجر منذ وقت أطول فحسب
"
طارق رمضان

 
وقبل ذلك بتسع سنوات وضع حدا لمشاركته في لجنة خاصة بـ"الإسلام والعلمانية" تعكف على دراسة الموازنة بين حفاظ المسلمين على حريتهم ومتطلبات العلمانية الفرنسية في المؤسسات التعليمية, قبل أن يحظر عليه وزير الداخلية آنذاك جان لويس دوبري دخول فرنسا في وقت كانت فيه البلاد تعيش على وقع تفجيرات الجماعة الإسلامية المسلحة.
 
أما كتابات طارق رمضان فلا تكاد واحدة منها تخلو من إثارة للجدل, فهو يدعو مثلا إلى عدم اعتبار المسلمين أقلية في أوروبا، وينجر على ذلك عدم اعترافه بالحاجة إلى فقه الأقليات لأن المسلمين -حسب قوله- يمكنهم أن يكونوا جزءا فاعلا من النسيج الذي يعيشون فيه وبالتالي هم ليسوا أقلية إذ بإمكانهم التأثير.
 
كما أنه دعا إلى تعليق العمل بالحدود, ويدعو مسلمي أوروبا إلى العيش باستقلالية ماديا وفكريا عن مسلمي الشرق, فبالنسبة لطارق رمضان فإن الدين الإسلامي ليس مبنيا على "الغيرية" وليس نابعا من مضاداتنا للغرب أو لليهود أو المسيحيين أو العلمانيين.
 
كونوا مواطنين لا ضحايا
عندما سألته مسلمة محجبة في أحد المؤتمرات بكندا كيف تتغلب على شعور العزلة الذي يطغى عليها بكندا؛ قال لها "اخرجوا من غيتوهاتكم الثقافية وافتحوا فضاءات ثقة مع الآخرين. لا تكونوا ضحايا لكن مواطنين كاملي الحقوق, وتذكروا أن الفرق بين كندي أصيل ومهاجر هو أن الكندي الأصيل مهاجر منذ وقت أطول فحسب".
 
لكن مفكرين آخرين يرون أن طارق رمضان مغرق في وهمه في الإيمان بالحرية الدينية في أوروبا كما يرى إقبال صديقي في تعليقه على كتابه "أن تكون مسلما أوروبيا", وإن كان حفيد حسن البنا يشدد على أن تعريف هوية إسلامية أوروبية يمر حتما بنقد شديد لـ"العصرنة" و"للفكر الغربي" الذي حلت فيه الحرية والملذات محل قيم "الله والأخلاق والواجب والعفة".
___________________
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة