فرغانة .. بوتقة لصهر القوميات في آسيا الوسطي

f_Uzbek women walk on the street in downtown Karshi, a small town in
 

تعتبر مدينة أنديجان الأوزبكية التي تشهد اضطرابات متزايدة منذ يوم الجمعة الماضي العاصمة الإدارية لوادي فرغانة الذي قسمه الزعيم السوفياتي الأسبق جوزيف ستالين عام 1925 بين أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزيا.

وعرف الوادي الممتد على مسافة 300 كم طولا و150 كم عرضا في العهد السوفياتي كقلب زراعي للدولة وواحة شديدة الخصوبة ليس فيها مساحة خالية من حقول القطن وأشجار الفاكهة المثمرة، لا سيما المشمش والتفاح والرمان التي يشتهر بها الوادي في أنحاء آسيا الوسطي.

وبسبب خصوبته الزراعية احتل الوادي المرتبة الأولى في المنطقة من حيث ارتفاع معدل الكثافة السكانية، إذ يعيش فيه اليوم نحو عشرة ملايين إنسان نصفهم من القيرغيز وثلثهم من الأوزبك والبقية من الطاجيك.

ورغم هذا التنوع العرقي عاش سكان وادي فرغانة به لقرون خلت ككتلة سكانية متجانسة، وأظهروا تضامنهم انطلاقا من الرابطة التي أوجدها بينهم الإسلام. 

ويقول محللون إنه وبعد نجاح ثورة 1917 الشيوعية وقيام الاتحاد السوفياتي السابق مثلت وحدة الوادي مصدر خطر للحكام الشيوعيين الجدد فعمدوا إلي تقسيمه بصورة هزلية بين الدول الثلاث عام 1924 بهدف تأجيج النزاعات العرقية بين السكان بصور مستمرة.

خطايا التقسيم
وتسبب هذا التقسيم بالفعل في إحداث عدد من الاضطرابات العرقية العنيفة بين سكان الوادي خلال العهد السوفياتي التي كانت أخراها تلك التي وقعت في مدينة أوش القيرغيزية عام 1990 وراح ضحيتها 100 شخص من القيرغيز والأوزبك.

وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي واستقلال جمهوريات آسيا الوسطي المسلمة نظرت أنظمة هذه الدول إلي وادي فرغانة، خاصة مناطق القبائل الأوزبكية الغنية بالنفط كخطر أمني يتهددها.

وفي الفترة التالية للاستقلال لم يحصل وادي فرغانه على حقه من التطور الذي اقتصر على المراكز الرئيسية في دوله الثلاث، كما أدت سياسة التصنيع التي طبقتها حكومات طشقند ودوشنبه وبشكيك في الوادي إلى حدوث تراجع حاد في إنتاجه الزراعي وانتشار الفقر والبطالة بين سكانه.

وإلى جانب أنديجان تعد مدينة نامانجان الواقعة أيضا في الجزء الأوزبكي من وادي فرغانة أكبر مدينة في الوادي من حيث المساحة ويسكنها نحو 400 ألف نسمة وتقع على بعد 200 من العاصمة الأوزبكية طشقند.

معقل إسلامي

وإلى جانب شهرته كمنطقة زراعية شديدة الخصوبة يشتهر وادي فرغانة بانتشار المشاعر الإسلامية بقوة بين سكان مناطقه الثلاث الفخورين بعدم أكلهم للحم الخنزير طوال العهد السوفياتي الشيوعي.

ويعرف سكان الجزء الأوزبكي من الوادي بأنهم الأكثر التزاما بالإسلام في آسيا الوسطى، ويبدو هذا في سفر أكبر عدد من الناس سنويا للحج من هذا الجزء الذي ينتشر الحجاب بين نسائه أكثر من أي مكان في المنطقة.

وأسهمت الصحوة الدينية المنتشرة بين سكان وادي فرغانة منذ زوال الاتحاد السوفياتي  في ازدهار المنظمات الإسلامية مثل حزب التحرير الإسلامي والحركة الإسلامية الأوزبكية التي ظلت حتي أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الخطر الحقيقي المهدد لأنظمة دول المنطقة.

وفي صيف العام 2000 خاضت الحركة الإسلامية الأوزبكية انطلاقا من قاعدتها الرئيسية في منطقة جام بالجزء الطاجيكي من وادي فرغانة مواجهة مسلحة ضارية مع الجيشين الأوزبكي والقيرغيزي الذين قتل منهما المئات.

______________________
المصدر : الجزيرة