رئيس حزب النهضة الطاجيكي: نحافظ على هوية البلاد سلما

عبدالله نوري - رئيس حزب النهضة الاسلامي

ليث مشتاق–دوشنبيه 
عبد الله نوري رئيس حزب النهضة الإسلامي في طاجيكستان.. خاض كفاحا مسلحا طوال خمس سنوات للحفاظ على هوية طاجيكستان الإسلامية ضد بقايا الشيوعية من مخلفات الاتحاد السوفياتي، ولنيل الاستقلال والحرية كباقي جمهوريات آسيا الوسطى التي سئمت الجدار الحديدي والعزلة والتخلف.

نوري لم يدرس في بلد عربي لكنه تعلم العربية سرا على يد أبيه الذي كان من علماء طاجيكستان أيام الحكم السوفياتي، وكان يشرح تعاليم الإسلام للناس بعيدا عن أعين أجهزة الأمن.

وكان لموقع الجزيرة على الإنترنت هذا اللقاء مع الزعيم الطاجيكي عبد الله نوري.

undefinedحبذا لو تقدمون للقارئ نبذة عن حزبكم وظروف نشأته والأهداف التي يرمي إليها.

– بسم الله الرحمن الرحيم تأسس حزب النهضة الإسلامي عام 1993، واعتبر تحولا نحو الاتجاه السياسي للحركة الإسلامية الطاجيكية التي نشأت عام 1981، وحينها كانت البلاد تحت حكم الاتحاد السوفياتي السابق.

كان هناك الكثير من القيود والعراقيل التي تعترض طريق حركتنا لكنها شقت طريقها دون أي مساعدة أو دعم خارجي، حيث قامت مجموعة من الشباب الطاجيك الذين استفادوا من تجربة الحركات الإسلامية حينها رغم القيود والعزلة التي أحاطنا بها الشيوعيون.

فقد كان من الصعب الحصول على الكتب والدراسات، فلذنا بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والفقه الحنفي لنستنبط منها.

undefinedعذرا للمقاطعة.. لكن هل غاب هذا  الطوق بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أو عله بات أقل ضراوة؟

– بعد زوال الاتحاد السوفياتي بدأت بلادنا تتصل بالعالم بشكل أوسع، ووصلت إلى بلادنا مئات الكتب والمؤلفات التي اطلعنا من خلالها على الأدبيات والأيديولوجيات التي أفادتنا في تأصيل منهاج حزبنا السياسي عام 1993. فقمنا بدراسة منهاج مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله وكذلك مؤلفات الشهيد سيد قطب والشيخ محمد الغزالي والإمام المودودي، وأخذنا منها ما يلائم بيئتنا وخصوصية مجتمعنا…

وأؤكد هنا على استقلالية حزبنا وإن كنا على علاقة طيبة مع الحركات الإسلامية الأخرى إلا أن حزب النهضة الإسلامي نبع من داخل طاجيكستان.

undefinedلكن حزبكم الذي يعد حديث عهد بالحياة السياسية وكذلك الحركة الإسلامية التي انبثق عنها، كيف له أن يواجه ما خلفه نظام شمولي حكم البلاد على مدى سبعين عاما؟

– أؤكد لك أن طاجيكستان خلال حكم السوفيات لم تكن كلها شيوعية.. نعم الحكام والسياسيون كلهم شيوعيون لكن الشعب الطاجيكي ظل مسلما مؤمنا بعقيدة راسخة وهي الإسلام، ويراعي أحكام الشريعة في معظم مظاهر حياته.

 أما حزب النهضة الإسلامي فألخص لك نشاطه في أربع نقاط هي، أولا: الجانب السياسي وهذا ما يقوم به كادر الحزب على الساحة السياسية.

ثانيا: رعايتنا لجمعية شورى العلماء والتي بدورها تشرف على المساجد والمدارس الدينية بعلم الحكومة طبعا ووفقا للقوانين.

ثالثا: إرسال الدعاة -وهم مستقلون طبعا- إلى عموم البلاد لشرح تعاليم الإسلام للناس عن طريق الخطب والمحاضرات والندوات.

رابعا: الاهتمام بالثقافة الدينية لدى الناس، ومحاورة الطرق الصوفية لتعليمهم العقيدة الصحيحة، ومكافحة البدع والضلالات، وتقويم المفاهيم الخاطئة التي ازدهرت أيام الحكم الشيوعي.

undefinedخضتم وحركتم قتالا ضد السلطة على مدى خمس سنوات بين 1993–1998، وكانت الأحداث التي أدت إلى الحرب وملابساتها بعيدة عن وسائل الإعلام. فهل لكم أن تطلعونا على ما حدث حينها على الأقل من وجهة نظركم ؟

– تفككت أجزاء الاتحاد السوفياتي بعد انهياره، وحصلت كثير من الجمهوريات على استقلالها، وهذا لم يحدث في طاجيكستان، بل عاد الشيوعيون للسلطة بعد أن تخندقوا تحت مسميات جديدة، أي لم يتغير سوى الاسم في كل شيء، فمثلا أصبح عندنا جيش الحرية بعد أن كان جيش الشعب، وهو هو لم يتغير في شيء، القيادات ذاتها والأسلوب القمعي ذاته.

 وعادت السلطة بيد الشيوعيين، وهي لم تخرج من أيديهم أصلا، فثار الناس وخرجت الأحزاب السياسية للشوارع، وعمت التظاهرات، ونحن كنا من ضمن الأحزاب بل وأكثرها تنظيما وانضباطا.

 وطالبنا بتنحي رموز الشيوعية من السلطة والجيش، وبدلا من الاستجابة للمطلب الشعبي شهر الجيش في وجهنا السلاح، وعملوا فينا تقتيلا وخطفا وتعذيبا وشرد الآلاف من أبناء شعبنا، وهنا كان لابد لنا من دفع الأذى عنا وعن الناس.

ورغم كل ما سببته لنا القوات المسلحة والقيادة الشيوعية من أذى، كنا حريصين على التفاوض، ومد أيدينا بالسلام مع كل الأطراف حقنا للدماء، وأؤكد أننا جررنا إلى الحرب جرا ولم نكن الساعين وراءها.

 وقد قلت للممثل الروسي في المفاوضات بريماكوف "إنني لا أريد الحرب، والسلام هو مقصدي، لكن كفوا أيديكم عنا" قلت هذا بعد عام من الحرب، لكن المفاوضات استمرت أربع سنوات، وحين حرصت كل الأطراف على السلم على الرغم من سعي أطراف خارجية على إبقاء نار الفتنة مستعرة، عم السلام طاجيكستان.

undefinedهل سببت لكم أحداث الحادي عشر من سبتمبر ودعاوى مكافحة الإرهاب أي عوائق في سبيل تحقيق أهداف حزب النهضة الإسلامي؟

– لا أستطيع الجزم بمن يقف وراء تلك الأحداث: هل هو تنظيم القاعدة أم أفراد من الاستخبارات الأميركية ذاتها، فهناك آراء كثيرة حول تلك الحادثة، ومهما تكن الجهة التي تقف وراءها فإن لها بالغ الأثر علينا، حيث تم إدراج حزب النهضة الإسلامي على لائحة المنظمات الإرهابية.

وهذا يسبب لنا الكثير من المشاكل، ونحن نحاول بشتى الطرق أن نبين أننا حزب سياسي بأيديولوجية إسلامية ولسنا منظمة إرهابية.

undefinedلننتقل إلى المعترك السياسي المتمثل بالانتخابات البرلمانية الطاجيكية.. كيف تنظرون لهذه الانتخابات وما هي توقعاتكم لنتائجها؟

– ترشح لانتخابات البرلمان الطاجيكي ستة أحزاب من ضمنها النهضة، وقمنا بتقديم خمسة وعشرين مرشحا لحزبنا، لكن الحكومة أعاقت الحملات الانتخابية لكل الأحزاب، حيث تقوم برفع صور المرشحين فور تعليقها في الشوارع، وتعتقل من يحمل شعارات حزبنا.

 وفي كل يوم نذهب إلى مراكز الشرطة لطلب إطلاق سراح شبابنا، علما أن حزبنا يعد الثاني بانتشاره الشعبي بعد الحزب الحاكم طبعا، ولو تجولت في شوارع دوشنبيه فلن تجد إلا صور مرشحي الحزب الحاكم، وأعتقد أن الانتخابات كسابقاتها لن تكون نزيهة.

وبالمناسبة حصلنا على منشورات توزعها السلطة على الناس تهاجم فيها حزبنا وخصوصيتنا الإسلامية، وهذا خلاف الدستور.

undefinedإذا قطعت عليكم طرق الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات فهل ستعودون لحمل السلاح ضد السلطة؟

– كلا لقد اخترنا طريق الكفاح السلمي وسنستمر به، وشعبنا كفيل بالتمييز بين من جاؤوا إلى السلطة لتحقيق أطماعهم الشخصية، ومن كل غايته رفع مستوى المواطن في كل المجالات.

undefinedكيف ترون مستقبل طاجيكستان؟

– يا أخي هذه البلاد فتحها المسلمون وأخرجوها من ضلال المجوسية إلى الإسلام، هذا الشعب مسلم والإسلام فيه حي، ونحن نسعى لنشر إسلام معتدل وسطي، يحب السلام ويذم العنف إلا في كف الظلم، كما هو حال إخوتنا في فلسطين والعراق، ونحن نسعى من خلال طرقنا السلمية للحفاظ على هوية هذا الشعب.
__________________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : غير معروف