مساع أوروبية لإقامة معسكرات لجوء بشمال أفريقيا

عملية ترحيل سابقة للاجئين رفضت طلبات لجوئهم
لاجئون إلى ألمانيا أثناء ترحيلهم بعد رفض طلبات لجوئهم (دويتشه)

باعتمادها شبكة المراقبة البحرية المعروفة بـ "مشروع فرس البحر" تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى سد طريق البحر المتوسط في وجه اللاجئين. ومنذ إبرام اتفاق اللجوء مع تركيا تحول هذا الطريق لممر رئيسي للمهاجرين، عبره عام 2016 وحده أكثر من 181 ألف شخص في طريقهم إلى أوروبا.

ولا يخفي وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير رغبته بأن يتم إيواء اللاجئين الذين يتم العثور عليهم وسط البحر بمعسكرات في بلدان شمال أفريقيا. وحتى رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي توماس أوبرمان لم يتردد مؤخرا بالمطالبة بإعادة اللاجئين للقضاء على أنشطة عصابات التهريب.

بيد أن هذه الموضوعات لم تطرح رسميا على جدول أعمال المفوضية الأوروبية في بروكسل. وقال موظف رفيع بالاتحاد الأوروبي بهذا الصدد إنه "ليس لدينا مخططات حاليا لإقامة معسكرات إيواء في شمال أفريقيا، رغم أن وسائل الإعلام تثير هذا الموضوع". وأوضح أن دول شمال أفريقيا غير مستعدة لذلك حاليا، وهي ستعارض أي مفاوضات رسمية حول استقبال اللاجئين.

وإذا ما تم تقليب الاحتمالات المتعلقة بكل بلد سيجد المراقب أوضاعا متباينة. فـ ليبيا التي تعاني من حرب أهلية تحتل مكانة محورية في جهود الاتحاد الأوروبي، لأن نحو 90% من اللاجئين ينطلقون من أراضيها. لكن الحكومة المعترف بها دوليا بطرابلس لا تبسط نفوذها سوى على جزء صغير من البلاد.

وخلال قمة خاصة أقر زعماء حكومات الاتحاد الأوروبي مخططا مكونا من عشر نقاط للحد من الهجرة، بينها "بناء معسكرات إيواء آمنة ولائقة". غير أن الوضع داخل معسكرات اللاجئين بليبيا كارثي بكل المقاييس. وقد انتقدت الأمم المتحدة مؤخرا خروقات حقوق الإنسان في تلك المعسكرات، حيث يتم في الغالب حبس اللاجئين في مراكز اعتقال مكتظة دون أكل ولا شراب أو منفذ للمراحيض.

أما مصر، فتريد ألمانيا على وجه الخصوص تكثيف التعاون معها في مجاليْ الهجرة والأمن. وحتى الاتحاد الأوروبي يبذل جهدا منذ الخريف لإقامة علاقات أفضل مع القاهرة. وقال بيان للمفوضية الأوروبية "إن الاتحاد الأوروبي يأمل بالتوصل إلى تعاون شامل بشأن اللاجئين". بينما تتحدث دوائر دبلوماسية عن مفاوضات صعبة لأن مصر تطالب بخدمات في المقابل.

الشاهد وميركل خلال مؤتمرها الصحفي في برلين
الشاهد وميركل خلال مؤتمرها الصحفي في برلين

إعادة طوعية
أما بالنسبة إلى تونس، فتعتزم الحكومة الألمانية ترتيب إعادة طوعية لطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم مقابل محفزات مالية. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عقب محادثات مع رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد إن العودة "تتم بشكل أفضل عندما تكون طوعية". ومن بين تلك المحفزات عروض للتأهيل والمساعدة في إقامة مشروعات.

وقالت المستشارة والشاهد إن موضوع إقامة معسكرات استقبال في تونس لم يكن مطروحا على طاولة النقاش. وأشارت ميركل إلى أن كلمة "معسكرات الإيواء" المستخدمة بوسائل الإعلام "ليست جزءا من مفرداتها اللغوية" مشيرة إلى أن تخميناتها ترمي إلى إقامة "مؤسسات معينة" في شمال أفريقيا تمنع الناس من خوض غمار رحلة العبور الخطيرة عبر البحر المتوسط، وتلك هي الفكرة الأساسية التي غلبت على تعاملها في إبرام اتفاقية اللجوء مع تركيا.

وبخصوص الجزائر، يراد لها أن تكون أيضا طرفا في إستراتيجية شاملة لتنظيم اللجوء وفق المنظار الأوروبي. وورد في وثيقة نهاية يناير/كانون الثاني أن محادثات أولية أوروبية جزائرية عقدت وتناولت التعاون حول الهجرة.

أما بالنسبة إلى المغرب، فقد أكدت خارجيتها إجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير النظامية. وأعلنت الوزارة أن الطرفين يريدان التعاون بصفة وثيقة لإقامة نظام لجوء وطني في المغرب.

حارس بوابة
غير أن منظمات غير حكومية انتقدت المخططات لأنها لا تريد أن يتحول المغرب إلى "حارس بوابة أوروبا". وأفادت دوائر دبلوماسية ألمانية بأن إقامة معسكرات استقبال في المملكة ليس مطروحا في الوقت الراهن.

وينتقد حقوقيون مخططات إعادة اللاجئين إلى أوطانهم وإقامة معسكرات إيواء لأنها تحول فقط وجهة المشاكل، وتهدد الاستقرار الهش في المنطقة.

وتفيد بعض المنظمات بأن أوروبا تريد فقط إبعاد المشاكل إلى شمال أفريقيا، وهي تشارك بالتالي في خرق حقوق الإنسان.

المصدر : دويتشه فيله