الشتاء يقسو على اللاجئين بجزر اليونان

رجلا لاجئ في مخيم موريا بجزيرة ليسبوس بعد هطول الثلج
لاجئ يغطي قدميه بالنيلون اتقاء للبرد في مخيم موريا للاجئين (دويتشه فيلله)

خيام باردة توشك أن تنهار تحت وطأة الثلوج التي تغطيها بارتفاع نصف متر. أرضية تتجمد ليلا وتتحول إلى وحل في النهار. إنها صور تكشف مرة أخرى عن حجم البؤس الذي يعيشه سكان مخيمات اللاجئين في الجزر اليونانية.

الطبيبة صوفي دي فريز تعمل منذ ستة أسابيع في مخيم موريا للاجئين بجزيرة ليسبوس. اختصرت دي فريز المنتمية إلى منظمة أطباء بلا حدود الوضع في المخيم قائلة "الطريقة التي يُترك بها الناس يعيشون بها هنا غير مسؤولة وغير إنسانية على الإطلاق".

لم تخف الطبيبة شعورها بالإحباط واصفةً عملها في هذا المكان بأنه "حرب ضد طواحين الهواء". وقالت إن هناك نحو ألفين شخص بينهم أطفال صغار وحوامل "مصابون بصدمات نفسية يعيشون في هذه الخيام المصنوعة من النايلون الرقيق بلا ماء ولا تدفئة ولا كهرباء، ليس لديهم أسرة للنوم، وفي بعض الحالات ينامون على الأرض منذ  ثمانية أو تسعة أشهر".

مبللون دائما
بنظرة سريعة إلى عدد المتطوعين العاملين في المخيم، يتضح أن هؤلاء غير قادرين على الوفاء بحاجة اللاجئين إلى الرعاية في فصل الشتاء. تقول الطبيبة دي فريز في هذا الصدد إن "اللاجئين مبللون دائما، نوزع ملابس جافة عليهم ولكن عند هطول المطر، يبدأ كل شيء من الصفر مرة أخرى، يحدث ذلك مرارا في اليوم الواحد، المعسكر كله عبارة عن ثقب موحل، عند هطول الأمطار تنجرف خيام بأكملها".

وأضافت الطبيبة أن اللاجئين فروا من مآسي الحرب ويحاولون البقاء على قيد الحياة في المخيم، وتقول "من لم يصبه المرض يصبح مريضا في كل الأحوال، فالأوضاع هنا تنذر بمخاطر صحية هائلة".

بدوره يصف منسق منظمة أطباء العالم نيكولاوس مارينوس درجة معاناة الباحثين عن حماية من الشتاء قائلا "لدينا أطفال بأعداد متزايدة وكبار سن يعانون من التهابات في الجهاز التنفسي".

ويضيف أن "الوضع يهدد حياة بعض اللاجئين، لأن البرودة يمكن أن تتسبب في نزلات ربو وفي التهابات رئوية شديدة". وهو ما أكدته الطبيبة دي فريز بدورها قائلة إن حالات الإصابة بالالتهابات الرئوية تضاعفت خلال الشهرين الماضيين.

مخيم للاجئين في سالونيك (دويتشه فيلله)
مخيم للاجئين في سالونيك (دويتشه فيلله)

يشار إلى أن درجات الحرارة استمرت منخفضة إلى ما دون الصفر خلال الأسبوع الماضي، وعلى مدى عدة أيام. وقد تدخلت الحكومة اليونانية حيث أرسلت أمس الأربعاء إلى جزيرة ليسبوس مدافئ وأغطية وأشياء ضرورية أخرى على متن سفينة تابعة لسلاح البحرية اليونانية لمساعدة 500 شخص بشكل مؤقت.

يفضلون الموت
وعلق أحد المتطوعين اليونانيين على هذه الخطوة متسائلا "لماذا لم يرسلوا عبارة؟ ألا يرون أن لدينا هنا الكثير من الناس المصابين بصدمات نفسية ويفضلون الموت تجمدا على الصعود على متن سفينة حربية خوفا، على سبيل المثال، من أن تعيدهم السلطات إلى تركيا؟".

ويحمل المدير التنفيذي لمنظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا فلوريان فيستفال اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا المسؤولية عن البؤس، الذي يعيشه اللاجئون في اليونان، "فسبب هذه الصفقة هناك الآن أكثر من 15 ألف شخص في بؤر أوروبية مزدحمة في الجزر اليونانية يعانون من البرد".

يشار إلى أن الوضع السيئ للاجئين في اليونان ليس مقتصرا على الجزر فقط، فالأوضاع في مخيمات اللاجئين في أماكن أخرى سيئة بدورها، حسبما ذكر مدير منظمة أطباء العالم في ألمانيا فرانسوا دي كيرسميكر. وقال كيرسميكر إيضا إن اليونان تمر بأزمة اقتصادية، "ولا نستطيع أن ننتظر من هذا البلد أن يواجه هذه المشكلة بمفرده في الوقت الذي لا تؤوي فيه دول أوروبية أخرى أي لاجئين".

المصدر : الجزيرة + دويتشه فيله