ترحيل المغاربيين من ألمانيا.. شجرة تحجب غابة

مظاهرة في تونس رفعت شعار" أنجيىلا ميركل .. تونس ليست مكب نفايات
مظاهرة بتونس رفعت لافتة "أنجيلا ميركل.. تونس ليست مكب نفايات" (دويتشه)

تدفع الحكومة الألمانية باتجاه مزيد من الضغط على حكومات دول المغرب العربي عبر ترحيل آلاف المغاربيين الذين ترفض طلبات لجوئهم استنادا إلى تصنيفها كدول آمنة، ومنحها المزيد من المساعدات التنموية إن هي تعاونت في ملف الترحيل.

لكن المعارضة الألمانية تعترض على تصنيف "دول آمنة" بسبب استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدول. واقترح رئيس حزب الخضر "جيم أوزدمير" بالمقابل تسهيل حصول المغاربيين على تأشيرات السفر وفرص الهجرة النظامية إلى ألمانيا بغرض حث هذه الدول على استعادة مهاجريها غير النظاميين.

وبينما يتوقع أن يحتدم الجدل في ألمانيا حول هذه المسألة لعلاقتها بقضايا الأمن واللاجئين في أجواء انتخابات 2017، فإن النقاشات العامة بالدول المغاربية لا تضع هذا الموضوع ضمن أولوياتها. ويعتقد خبراء أن من أسباب الصمت أو التجاهل وجود مشاكل عديدة تثقل كاهل الدول المغاربية من ناحية، وعدم وجود مصلحة في فتح ملف الهجرة غير النظامية من الناحية الأخرى.

ويشبه موضوع ترحيل آلاف المهاجرين من ألمانيا شجرة تخفي غابة كثيفة من المشاكل التي يواجهها الشباب الذي تصل نسبتهم إلى 70% من مجموع سكان البلدان المغاربية الثلاثة المغرب والجزائر وتونس والتي تناهز حاليا تسعين مليون نسمة.

ففي الجزائر البلد الغني بالنفط والغاز، تنشغل الطبقة السياسية بحالة الغمسيبوض حول المستقبل في ظل حكم الرئيس "المريض" عبد العزيز بوتفليقة وتراجع عائدات الطاقة.

بلا آفق
وطبقا لأحدث تصنيف لـ البنك الدولي فإن حوالي 50% من الشباب الذين تقل أعمارهم عن عشرين سنة ليس لديهم آفاق. ففي ظل تراجع عائدات النفط بحوالي 30% الذي يٌفقد خزينة الدولة ما يناهز 35 مليار يورو، يتعرض مئات آلاف الشبان لمزيد من المتاعب، حيث تعجز الحكومة عن الاستمرار في سياسة شراء السلم الاجتماعي عبر تمويل مشاريع صغيرة للشباب من خلال "الريع النفطي".

وفي المغرب الذي تجاوز احتجاجات الربيع العربي بإصلاحات دستورية واجتماعية "محسوبة" ما تزال ثمار التنمية المدعومة من أوروبا ودول الخليج لا تؤتي أكلها لفئات واسعة من الشباب المهمش بالأحياء الفقيرة والبلدات النائية، وتصل معدلات بطالة الشباب في المدن وخصوصا بين خريجي الجامعات إلى حوالي 39%.

أما في تونس، فبعد ست سنوات من الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي تبدو الديمقراطية الناشئة رازحة تحت ثقل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، إذ يناهز معدل البطالة 15%، ويوجد معظم الشباب العاطل والفقير في مناطق مهمشة في غرب البلاد وجنوبها، وهي المناطق التي خرجت منها الانتفاضة ضد الدكتاتورية.

وفي ظل انسداد الآفاق أمام الشباب في البلدان المغاربية، فإن الخيارات أمامه محدودة، وغالبا ما تنحصر بين الاحتجاجات في الشوارع أو البحث عن طرق الهجرة غير النظامية نحو أوروبا.

دورية للشرطة في الحي المغربي في دوسلدورف
دورية للشرطة في الحي المغربي في دوسلدورف

هجرة الشبان المغاربيين إلى أوروبا تحولت إلى كابوس بفعل تسلل الآلاف ممن كانوا يعيشون على هامش مجتمعاتهم المغاربية أو في بلدان أوروبية تعيش أزمات اقتصادية مثل إيطاليا أو إسبانيا، وبعضهم كان من أصحاب السوابق.

المتاعب تتضاعف
وفي ظل رفض بقائهم في ألمانيا بحكم القانون الأوروبي حيث لا تتجاوز نسبة قبول طلبات اللجوء للمغاربيين 1 إلى 2.5%، فإن المتاعب ستتضاعف على كاهل البلد المضيّف ألمانيا وستتزايد التداعيات السلبية على صورة البلدان المغاربية وخصوصا منها التي تعتمد على السياحة مثل المغرب وتونس.

وقد عبرت جهات رسمية في المغرب عن استعدادها للتعاون مع ألمانيا واستقبال مواطنيها المرحلين، في حين انتقدت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ذلك.

خاسر آخر بالمشهد هو الجاليات بالقارة العجوز، ففي شارع إيلار (الحي المغاربي) في دوسلدورف، وحي كالك في كولونيا، يشتكي ممثلو الجالية المغاربية من وضعهم بين مطرقة الجريمة وسندان الأحكام المسبقة. ويرون أنّ الجدل المشتعل بألمانيا حول مصطلح "نافريس" Nafris الذي استخدمته شرطة كولونيا ليلة رأس السنة على مهاجرين منحدرين من شمال أفريقيا "ذوي سوابق" يغذي صورا نمطيا عن "مهاجرين غير مندمجين" ويمكن أن يؤدي إلى إطلاق أحكام عامة سلبية على أحيائهم التي تقطنها أجيال من الجاليات المغاربية المندمجة في المجتمع الألماني.

المصدر : دويتشه فيله