الخوف يخيم على اللاجئين الباقين في ليسبوس

قلق وخوف بين الشبان في مخيم ليسبوس
شبان في المخيم مشغولون بالهواتف النقالة أثناء الترقب والانتظار قبل إزالة المخيم(دورتشه فيله)

على الرغم من أن اللاجئين أو المهاجرين شكلوا حتى وقت قريب سدس عدد سكان جزيرة ليسبوس اليونانية، فقد اختفت آثارهم منها فجأة. فقبل نحو أسبوعين كانت الجزيرة تضيق بهم، أما الآن فتغير كل شيء بدخول الاتفاق الأوروبي التركي حيز التنفيذ، حيث يصار إلى نقل القادمين إلى ليسبوس بعد 20 مارس/آذار إلى مخيم موريا المغلق تمهيدا لترحيلهم إلى تركيا.

على أرض هذه الجزيرة المواجهة للساحل التركي، أقيم مخيم في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على بعد نصف كيلومتر من ميناء مدينة ميتليني عاصمة الولاية، ما زال 259 مهاجرا ولاجئا -غالبيتهم شبان ذكور من باكستان– يقيمون فيه، وتزودهم منظمات إغاثية بحاجاتهم الضرورية، وتقدم لهم مجموعة نشطاء تسمى "مطبخ بلا حدود" طعاماً نباتياً خالياً من اللحوم.

انعدام ثقة
الشرطة اليونانية والسلطات تتجنبان حتى اللحظة الاقتراب من هؤلاء الشبان، غير أن علامات انعدام ثقتهم بالوضع الجديد ماثلة بوضوح، فهم لا يبتعدون كثيرا عن المخيم، فحدهم الأقصى يقع عند حدود سور الميناء. والسبب هو خشيتهم من اعتقال الشرطة لهم ونقلهم إلى موريا، خصوصا بعد إعلان عمدة ميتليني عزمه إزالة المخيم.

الأسبوع الماضي، توجه محامٍ وشخصان يساعدان اللاجئين إلى مكتب عمدة المدينة، حيث تم الاتفاق على أن يُخلي اللاجئون والمهاجرون المخيم حتى يوم الأربعاء. وفي مقابل ذلك تعهد العمدة بعدم دخول رجال الشرطة إلى فضاء المخيم، ولكن ماذا سيحدث بعد الأربعاء؟

المتحدث باسم العمدة يوضح أنه سيتم إرسال حافلات لنقل اللاجئين أو المهاجرين إلى مخيم في كاراتيبي، تشرف عليه البلدية. ولكن قبل ذلك يلزم أخذ اللاجئين أو المهاجرين إلى مركز التسجيل في مخيم موريا. ألا يمكن إبقاؤهم هناك أو نقلهم إلى البر اليوناني الداخلي؟ يجيب المتحدث أنه لا يمكنه البت في الأمر، فاللاجئون والمهاجرون لا يخضعون لسلطة البلدية.

فتح المتطوع الأميركي القادم من سياتل جوي أكروسان ذراعيه معبراً بدوره عن جهله بما سيحل بالمهاجرين في مخيم تساماكيا بعد الأربعاء.. "هذا هو قدر اللاجئين"، يقولها بشكل مجرد من المشاعر تقريباً.

مشاعر الإخفاق
عندما سمع المهاجرون واللاجئون بالنتيجة سادت مشاعر الإخفاق.. "ماذا نستطيع فعله غير الخوف مما سيأتي؟"، يقول أحمد بلغة يونانية لابأس بها، فقد عمل سبع سنوات في اليونان، ودفع التأمينات والضرائب المتوجبة عليه. غير أنه عاد عام 2014 إلى باكستان ثم تزوج هناك وأنجب طفلة. ولكن الوضع هناك لم يعد آمناً، لهذا عاد من جديد إلى اليونان وكانت وجهته العاصمة أثينا.

مخيم اللاجئين قرب ميناء ميتليني (دويتشه فيله)
مخيم اللاجئين قرب ميناء ميتليني (دويتشه فيله)

ولكن في ظل الظروف الحالية لم يعد بإمكانه الوصول إلى أثينا، فالسلطات منعت مكاتب السفر من بيع تذاكر ركوب السفن للاجئين والمهاجرين. ورغم وصوله قبل 20 مارس/آذار الماضي، فإنه لم يتم تسجيله في موريا إلا بعد ذلك التاريخ. وبما أنه يتحدث اليونانية، يتملكه الخوف من احتمال ترحيله إلى تركيا.

يتصدر الخوف قائمة الغرائز الإنسانية في تساماكيا، وتغذي الأخبار الواردة من موريا هذا الخوف. ويؤكد الكثيرون أن الجميع منشغل طوال الوقت بالهواتف المحمولة، ويحكي البعض عن صعوبات التقدم بطلب لجوء.

ويقول آخرون إنه يتوجب على الباكستانيين العيش في فضاء خاص بهم في المخيم. منذ يوم الاثنين يتم جلب المئات من اللاجئين تمهيداً لإعادتهم إلى تركيا. البعض يتحدث عن قيام شاب باكستاني مساء الأحد بمحاولة انتحار من خلال قطع شرايين معصمه. كان مقررا أن يكون ضمن المرحلين، فأدخل المشفى.

ويقول الباكستاني ريحان (20 عاما) "أتمنى الموت على الترحيل إلى تركيا"، وحسب قوله فإنه وصل ليسبوس يوم 31 مارس/آذار الماضي وقد استغنى عن التسجيل لأنه لا يريد أن يعرض نفسه لمخاطر الترحيل الفوري إلى تركيا.. لقد باعت عائلته كل ما تملكه حتى يصل إلى هنا،. وكان عليه أن يدفع ستة آلاف دولار للمهرّب، واستغرقت رحلته شهراً كاملاً. يقول ريحان "لو كنت أعلم أن الحدود ستُغلق، لما قمت بالرحلة".

لم تتراجع موجة اللجوء إلى ليسبوس، فقد أعلنت الشرطة صباح أمس الثلاثاء عن وصول 187 لاجئاً خلال الساعات الـ24 الماضية، تم نقلهم مباشرة إلى مخيم موريا. وحتى الطالب فرحان يحكي قصة مشابهة عن الانتحار. وفي نهاية الحديث قال "إما البقاء في أوروبا أو الانتحار؟

المصدر : دويتشه فيله