"آليات" ألمانية لتقليل تدفق اللاجئين

خطة الوزير الألماني تشمل تحويل سفن اللاجئين الموقوفة بالمتوسط ونصف مليون شخص رفضت ألمانيا لجوئهم إليها لمصر. الجزيرة نت
ميركل كشفت عن نيتها عقد اتفاقيات بشأن اللاجئين مع دول أفريقية مماثلة للاتفاقية الموقعة مع تركيا (الجزيرة نت-أرشيف)

خالد شمت-برلين

مثلت اتفاقيات استعادة اللاجئين مقابل مساعدات -على غرار الاتفاقية الأوروبية التركية الشهيرة- أهم آلية خارجية تسعى حكومة المستشارة أنجيلا ميركل لعقدها مع دول أخرى لتقليل أعداد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، بموازاة تشديدها التشريعات الداخلية للجوء وتسريع إجراءات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.

وعكست مشاركة الحكومة القوية بالقمة الأوروبية الأفريقية في مالطا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 إدراكها أن الزيادة الكبيرة بأعداد السوريين الذين لجؤوا لألمانيا منذ خريف العام الماضي لا تخفي ارتفاعا أكبر بالهجرة القادمة من أفريقيا، في ضوء تدفق أكثر من نصف مليون مهاجر غير نظامي -من تلك القارة خاصة من دول جنوبي الصحراء- على إيطاليا خلال العامين الماضيين.

وتعهدت برلين في قمة مالطا بتقديم جزء كبير من مساعدات أوروبية بقيمة 1.8 مليار يورو للدول الأفريقية إضافة لمساعدات تنموية واستثمارات، مقابل مراقبة هذه الدول لحدودها ومنعها موجات اللجوء المتجهة لأوروبا.

جولة ميركل
ووجد هذا التعهد داخل ألمانيا انتقادات سياسية وحقوقية اعتبرت أن توزيع 1.8 مليار يورو على 54 بلدا أفريقيا يعني حصول كل دولة على مبلغ صغير (33.3 مليونا) لن يفيدها بمكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر.

ووصف حزب اليسار المعارض قمة مالطا بـ"المنافقة"، بينما اعتبرت خبيرة الحزب بشؤون اللجوء والنائبة بالبرلمان الألماني (البوندستاغ) أنيته غروت -بتصريح للجزيرة نت- أن مناقشات القمة اقتصرت على الوسائل الأمنية لمنع الأفارقة من الوصول لأوروبا، ولم تهتم بإيجاد آليات لتنمية الجوار الأوروبي شمالي أفريقيا وجنوبي الصحراء، وإنشاء مشروعات إنتاجية تقنع الشباب هناك بالبقاء ببلدانهم.

وضمن اهتمامها بتقليل الهجرة من الدول الأفريقية، وعدت ميركل خلال جولتها في مالي والنيجر وإثيوبيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمشروعات تقنية وزيادة الاستثمارات لتحفيز الدول الثلاث على السيطرة على طرق اللجوء عبر حدودها، وحاولت بخطاب عقلاني توعية الرأي العام هناك بخطورة وعدم جدوى الرحلة لأوروبا، وأهمية بقاء عقول أفريقيا "اللامعة " ببلدانهم.

لكن أهم ما كشفت عته ميركل خلال وقبل جولتها الأفريقية هو عزم حكومتها والاتحاد الأوروبي على عقد اتفاقيات -مماثلة للاتفاقية الأوروبية التركية- مع دول أفريقية وأسيوية، لتستعيد هذه الدول مواطنيها المرفوضين لاجئين من ألمانيا وأوروبا.

وذكر غونتر بوركهاردت الأمين العام لمنظمة برو أويل الحقوقية -أكبر منظمة لمساعدة اللاجئين بأوروبا- أن هذه الاتفاقيات ستشمل 15 دولة من أهمها مصر والسودان وتونس وليبيا وإثيوبيا وإريتريا والنيجر ونيجيريا ومالي والسنغال ولبنان والأردن وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش.

وأوضح -للجزيرة نت- أن تقليص الاتفاق الأوروبي التركي وإغلاق طريق البلقان أمام أعداد اللاجئين القادمين لألمانيا، وإلغاء أو تقليص السلطات للاستقدام القانوني للاجئين وإجراءات جمع الشمل العائلي، دفعت كثيرا الباحثين عن حماية إلى التوجه لطرق خطرة وطويلة مثل مصر للوصول لأوروبا.

بوركهاردت: إجراءات ألمانيا دفعت اللاجئين للبحث عن طرق بديلة
بوركهاردت: إجراءات ألمانيا دفعت اللاجئين للبحث عن طرق بديلة

وأشار بوركهاردت إلى أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي يريدان إسناد المهام -التي لا يمكنهما القيام بها لدواع أخلاقية أو قانونية كإغلاق الحدود- للدول التي يتفاوضان معها على اتفاقيات استعادة اللاجئين، واعتبر أن هذه الاتفاقيات ستكون على حساب أشخاص يستحقون الحماية وفارين من أنظمة ديكتاتورية والحروب كالإريتريين والسوريين.

تأثير فعال
ومن جانبه، رأى هانز شامان أستاذ الهجرة بجامعة هيلدسهايم الألمانية أن الاتفاقية الأوروبية التركية وإغلاق طريق غربي البلقان كان لهما -بعكس مؤتمر مالطا- تأثير فعال بخفض أعداد اللاجئين القادمين لألمانيا بمعدلات كبيرة.

واعتبر شامان -بتصريح للجزيرة نت- أن إجراءات الحكومة الألمانية المركزة على قصر الاندماج على طالبي اللجوء الذين لديهم فرصة بالبقاء، وتخفيض المساعدات الاجتماعية للاجئين، لن تسهم بشكل فعال بإفزاع المتجهين لأوروبا فرارا من الفقر المدقع أو الحروب.

المصدر : الجزيرة