لاجئة سورية احترفت التجارة الإلكترونية

هناء قصيباتي - لاجئة سورية في ألمانيا
هناء قصيباتي سوقت بضاعة كانت السيدات السوريات والألمانيات ينتظرنها (دويتشه فيلله)
بعد قبول طلب لجوء عائلة موفق المفتي إلى ألمانيا وحصول الزوج على عمل استطاع من خلاله الاستغناء عن المساعدات المقدمة من الدولة، انتقلت العائلة للعيش بسكن مستقل بمدينة ميونخ، والبدء في مواجهة تحديات الاندماج بالمجتمع الجديد.
في سوريا لم يكن للزوجة هناء قصيباتي (39 عاما) وظيفة معينة، فقد كانت تهتم ببيتها وبمتابعة دراسة أبنائها، لكن بسبب افتقادها للمحيط الاجتماعي الذي تعودت عليه، فكرت في خلق محيط اجتماعي جديد. تقول هناء بهذا الصدد " أنا بطبيعتي إنسانة اجتماعية ولا أستطيع الجلوس بالبيت دون عمل أو مزاولة أي نشاط، لم أكن حقا أعمل في سوريا، ولكن كان هناك بديل مثل زيارة الأهل والأصدقاء".
 
فكرت هناء في عمل يكون مناسب يملأ الفراغ الذي كانت تحس به، وبعد بحث قررت بيع الشالات الشرقية والحجابات ومستلزمات مرتبطة بالصلاة عبر الانترنت.
 
وعن فكرة مشروعها تقول هناء "بصراحة كانت لدي أفكار كثيرة، ولكن أحسست أن هناك نقصا بهذا المجال، فهناك محلات بيع للحجب والأوشحة ولكن هناك نساء منهن السوريات تعودن على نوعية معينة من الأقمشة والألوان والجودة، ولا يجدن ذلك إلا بصعوبة، خاصة الملابس الخاصة بالصلاة. وقد وجدت الأوشحة الشرقية اهتماما كبيرا لدى الألمانيات أيضا، لأنهن يملن إلى الحس الشرقي والمشغولات اليدوية".

في البداية لم تكن لدى هناء أدنى فكرة عن التجارة الإلكترونية، وكانت لها فرصة الحديث مع أحد التجار من سوريا فأخبرته بفكرة مشروعها فشجعها وقدم لها الدعم.

مصاعب الاستيراد
وعن مصاعب استيراد البضاعة من سوريا في ظل الحرب الدائرة قالت هناء "لم تكن للتاجر مشاكل مع الجمارك وشحن البضاعة"، لأنه بعد الحرب فتحت عدة فروع خارج سوريا مثل جدة والرياض ومصر والأردن، وعندما تواجهه صعوبة في شحن البضاعة من سوريا إلى ألمانيا، يقوم بتزويد هناء بالبضاعة من أحد تلك الفروع.

حرصت هناء على إدارة مشروعها بشكل قانوني في ألمانيا، لذلك سألت الأصدقاء العرب والألمان عن الإجراءات اللازمة المتعلقة بالتسجيل الضريبي والجمارك، وفي الوقت نفسه كانت تبحث عن كيفية البيع عبر الإنترنت.
 
لم تتوقع هناء أن يلقى مشروعها مثل هذا النجاح، ليس فقط بسبب حداثتها في المعاملات التجارية، وإنما أيضا بسبب غياب ثقافة التسوق عبر الإنترنت لدى العديد من الزبونات السوريات.
أذكر موقفا واجهني في بداية مشواري مع إحدى الزبونات التي لا تجيد القراءة والكتابة وطلبت أن تجري صفقة البيع من خلال الحديث بالهاتف، وفي موقف آخر حين اتفقت معي إحدى الزبونات على صفقة شراء أبلغتني لاحقا برفض زوجها الشراء.

وهي تقول بهذا الصدد "هذه المشكلة كانت تأخذ مني كثيرا من الوقت، أذكر موقفا واجهني في بداية مشواري مع إحدى الزبونات التي لا تجيد القراءة والكتابة وطلبت أن تجري صفقة البيع من خلال الحديث بالهاتف، وفي موقف آخر حين اتفقت معي إحدى الزبونات على صفقة شراء أبلغتني لاحقا برفض زوجها الشراء".

الصابون الشامي
وعن طريق صفحة مشروعها على فيسبوك التي اختارت لها هناء اسم "حجابي أناقتي"، تعرفت اللاجئة السورية على نساء سوريات يقمن في ألمانيا وأوروبا، حيث أبدين إعجابهن بالمشروع والبضاعة، وقد كتبت إحدى الزبونات السوريات ملاحظة قالت فيها "عندما فتحت طقم ملابس الصلاة، فاحت منه رائحة الشام، وتذكرت أهلي وأحبائي هناك".
 
وتشير هناء إلى أنه بالفعل قد تكون بعض الملابس أحيانا معطرة برائحة الصابون الشامي "كان الموقف مؤثرا للغاية وبكيت حينها".

ومن بين زبونات هناء سيدات ألمانيات من محيطها الاجتماعي، ساعدنها في تطبيق مشروعها وأعجبن كثيرا بالمنتوجات السورية والتطريز اليدوي، ومن بينهن السيدة فالتغاود هازه وهي مديرة مؤسسة أزول بلوس التي أنشئت مؤخرا بمدينة ميونيخ لدعم اللاجئين ودمجهم في المجتمع الألماني وفي سوق العمل.

تقول هازه تعرفت على هناء وعلى مشروعها عن طريق زوجها موفق المفتي الذي يعمل مسؤولا عن قسم الحاسوب بمؤسسة أزول بلوس، وهي ترى أن عائلة هناء عائلة سورية مثقفة، حيث استطاع أفرادها الاندماج في المجتمع في وقت وجيز. 

ويؤكد الزوج موفق المفتي أن زوجته كانت في حاجة إلى مثل هذا المشروع لملء فراغها وتكوين صداقات داخل المجتمع الألماني ويقول "ساعدت هناء من خلال مرافقتي لمشروعها خطوة بخطوة.
المصدر : دويتشه فيله