ترحيل ألمانيا اللاجئين المغاربيين.. العقبات والسيناريوهات

الشرطة الألمانية خلال حملة تفتيش في الحي المغربي في دسلدورف
حملة تفتيش للشرطة في ما يعرف بالحي المغربي في دسلدروف (دويتشه فيلله)

تسعى الحكومة الألمانية إلى تسهيل عمليات ترحيل اللاجئين من الجزائر والمغرب إلى بلدانهم، وقالت وزارة الداخلية -في هذا الصدد- إنها ستعطي تعليمات لمكتب الهجرة ليعطي الأولوية لدراسة طلبات اللجوء من هذين البلدين، حسبما أوضح متحدث باسم الوزارة.

وبمقتضى هذا الإجراء، ستتم إعادة الأشخاص الذين رُفضت طلباتهم في أسرع وقت إلى أوطانهم، وخطت ولايتا بافاريا وبادن فورتمبيرغ خطوة عملية على هذا الصعيد، حيث نقلتا طالبي اللجوء من المغرب والجزائر إلى مراكز ترحيل سيمكثون فيها حتى البت في طلباتهم.

تأتي هذه الخطوات استجابة لأصوات داخل ألمانيا تدعو حكومة برلين إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد طلبات اللجوء غير المبررة، ويطالب سياسيون ألمان محافظون بإعلان المغرب والجزائر دولتين آمنتين، سيرا على خطى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي صادق مؤخراً على هذا القرار، وقال الأمين العام للحزب بيتر تاوبر إنه يتوقع أن يتخذ الحزب الاشتراكي الديمقراطي -حليفه بالحكومة- الخطوة نفسها.

غير أن المتحدث باسم الحكومة الاتحادية شتيفن زايبرت تجنب الإجابة مباشرة عن سؤال بشأن اعتبار المغرب والجزائر بلدين آمنين. وقال "سنتحدث مع شركائنا الأوروبيين بشأن ما إذا كان مثل هذا التصنيف وارداً".

موافقة المجلسين
يشار إلى أن توسيع قائمة البلدان الآمنة في معيار ألمانيا يندرج ضمن مسؤولية البرلمان، ويجب أن تتم الموافقة على ذلك القرار من قبل مجلسي البرلمان. فداخل مجلس الولايات الاتحادي لا توجد هناك أغلبية للحكومة الاتحادية، وسيكون التحالف الحاكم في حاجة لدعم حزب الخضر، لكن زعيم الحزب جيم أوزدمير رفض الموافقة على ذلك المطلب، حيث يرى أن إدراج البلدين ضمن الدول الآمنة "لا يغير المشكلة الحقيقية التي تتجلى في رفض البلدان الأصلية استقبال مواطنيها".

وكان عدد طالبي اللجوء من المغرب والجزائر وتونس ارتفع بدرجة كبيرة في الشهور الأخيرة، وبلغ عدد الطلبات من هذين البلدين في يونيو/حزيران الماضي نحو 1215، وفي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي كان عدد الطلبات 5192. ومع ذلك فهذه الدول لا تندرج في قائمة الدول العشر التي يأتي منها أكبر عدد من اللاجئين.

غير أن الاهتمام بطالبي اللجوء من هذه الدول لا علاقة له بأرقامهم، بل بأحداث ليلة رأس السنة في كولونيا، لأن من بين المشتبه بهم في عمليات التحرش بالنساء وأعمال السرقة شبانا من أصول مغربية وجزائرية، حسب الشرطة الألمانية.

وعندما تدرج دولة ما ضمن الدول الآمنة، تتم دراسة طلبات اللجوء بأسرع وقت، ولا يتم الاستماع للحالات الفردية الخاصة، لكن الحق في تقديم طلب اللجوء من جديد يبقى متاحاً، ففي الخريف الماضي أدرجت ألمانيا عددا من الدول من غرب البلقان ضمن الدول الآمنة، ومنذ ذلك الوقت تراجع عدد طلبات اللجوء من هذه الدول بشكل ملحوظ.

‪الجزيرة)‬ جانب من ساحة محطة قطارات كولونيا حيث وقعت حادثة التحرش
‪الجزيرة)‬ جانب من ساحة محطة قطارات كولونيا حيث وقعت حادثة التحرش

ورغم أن ألمانيا تجمعها بالجزائر والمغرب وتونس اتفاقية لاستقبال أصحاب الطلبات الذين لم يتم قبولهم كلاجئين، فإن عدم امتلاك طالبي اللجوء وثائق تثبت هويتهم يدفع سفارات تلك الدول في ألمانيا للقول "إنها ليست مختصة في إصدار أوراق جديدة، أو إنها غير قادرة على ذلك".

إقناع السفارات
وتسعى الحكومة الاتحادية لإقناع سفارات المغرب والجزائر وتونس بتسهيل عملية إصدار أوراق هوية جديدة للذين لا يملكونها. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إن "هناك محادثات بناءة على نحو أفضل مما كانت عليه الحال في الماضي" مع مسؤولي البلدين.

وفي هذا السياق، استقبل وزير الخارجية الألمانية نظيره التونسي خميس الجهيناوي، حيث يتوقع المراقبون أن يتطرق الجانبان إلى ملف اللاجئين المرفوضين، وحث الجانب التونسي للتعاون مع ألمانيا بشأن قبول تونس عودة هؤلاء إلى بلدهم.

ومن بين السيناريوهات المتداولة الآن هو منح طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم أوراق مرور داخل الاتحاد الأوروبي، وهي الأوراق التي تمنح للذين لا يحملون أي جواز سفر، كجواز سفر بديل ومؤقت يتم إصداره من قبل السلطات الأوروبية. غير أن المغرب والجزائر لا يعترفان حتى الآن بهذه الأوراق، ويطالبان ألمانيا بتقديم أدلة على أن طالبي اللجوء الذين لم تقبل طلباتهم هم مواطنوها فعلا.

ومؤخرا قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن المفاوضات مع مسؤولي الدولتين للوصول إلى حل ستكون عسيرة. ومن جانبه، طالب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي زيغمار غابرييل خفض المساعدات الإنمائية التي تمنحها ألمانيا للمغرب والجزائر، في حال عدم تعاونها في استقبال مواطنيها الذين رفضت طلباتهم، غير أن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية رفضت الاستجابة لذلك الطلب.

وفي هذا الصدد، قال متحدث باسم الوزارة "هدفنا هو تعزيز التنمية في هذين البلدين وليس المساهمة في زعزعة استقرارهما".

المصدر : دويتشه فيله