خلف "قضبان النقابة".. الدعم الحكومي يُشعل الجدل في انتخابات الصحفيين المصريين

القضبان على مبنى نقابة الصحفيين منذ سنوات
القضبان على مبنى نقابة الصحفيين المصريين منذ سنوات يقول البعض إنها ترمز لحالهم (الجزيرة نت)

القاهرة- قبل أيام قليلة من انتخابات نقابة الصحفيين في مصر وعلى غير المعتاد، تخلو واجهة مبنى نقابتهم في وسط القاهرة من لافتات الدعاية لأي من المرشحين الذين التزموا بحالة من الصمت.

وفي هذه الأثناء، توالى الهمس في أوساط الصحفيين الناخبين بشأن حجم الدعم النقدي الحكومي المقدم هذه الدورة، والذي يعتبره مشاركون "رشوة" انتخابية صريحة، بينما يراه البعض حقا لهم.

وبينما تتراجع ملفات "معتقلي الرأي"، يقفز "البدل" النقدي أو الدعم الحكومي الذي يقدم للصحفيين شهريا ليشكّل عنوانا رئيسيا للدورة الجديدة، ويعيد الارتباط بنجاح مرشح الحكومة. وتصل قيمة هذا "البدل" قبل الزيادة المرتقبة إلى 3 آلاف جنيه (98 دولارًا تقريبا).

المرشحون لجأوا لتعليق لافتاتهم على المباني المجاورة سبب القضبان
المرشحون لجؤوا لتعليق لافتاتهم الدعائية على المباني المجاورة بسبب القضبان المحيطة بمبنى النقابة (الجزيرة نت)

مطالب بتقنين الزيادة

وبينما يقدّم المرشح المدعوم حكوميا خالد ميري زيادة إضافية لدعم الصحفيين بقيمة 600 جنيه، يرى الصحفي كارم يحيى أن الأمر لا يعدو أن يكون رشوة انتخابية صريحة.

ويشير يحيى إلى أنه طالب القضاء بالتدخل ورفع دعوى قانونية تم تأجيلها المرة تلو الأخرى، وكانت بغرض تقنين الزيادة النقدية في دخل الصحفيين، وجعلها دورية، وعدم ربطها بالدورات الانتخابية.

ويأسف يحيى لما سمّاه "التضامن الهش" من الصحفيين أنفسهم مع قضيتهم التي يرى أنها تحمي استقلال النقابة.

وفي هذا السياق أيضا، يقول سالم عبد الكريم -صحفي بإحدى الصحف المغلقة- إنه يعيش على "البدل النقدي" فقط وينتظر الزيادة الحكومية بفارغ الصبر.

ويرى الصحفي وعضو الجمعية العمومية محمود عبد الكريم أن الانتخابات فرصة لزيادة الدعم المقدم للصحفيين ويرفض اعتباره رشوة انتخابية.

معتقلون وقضبان

في سياق مختلف، يربط صحفيون بين واجهة مقر النقابة المحاطة بسياج حديدي وبين قضايا الحريات وحبس عدد من الصحفيين في قضايا رأي.

ويقول الصحفي أسامة صقر إن "معركة انتخاب النقابيين الشرفاء هي معركة مصيرية، ليس لرفع الكفن من على واجهة النقابة فقط، ولكن لاستعادة الحقوق المنهوبة للصحفيين"، في إشارة إلى أن الواجهة على هذا الوضع منذ سنوات.

كما يشبّه الصحفي خالد عميرة الستار الحديدي بقضبان سجن يحجب ويمنع الحريات، على حد تعبيره.

ويغرّد الكاتب الصحفي أنور الهواري، رئيس التحرير السابق لمجلة "الأهرام العربي" وصحيفة "المصري اليوم"، متمنيا نجاح من يسميه تيار الاستقلال لإنهاء هذا الوضع.

ويتحدث الصحفي علي القماش عن محاولات حكومية "بعد فوات الأوان" لتجميل واجهة النقابة. ويقول "بعد طول انتظار لإزاحة الخيش القميء الذي يغطى واجهة المبنى فإذا بالحكومة تغطيها بسيراميك مثل الذي يستخدم في دورات المياه العمومية". ويضيف متسائلا "الجواب يعرف من عنوانه، فماذا ننتظر؟".

كما يصف الصحفي محمد رفعت إعادة ترشّح بعض أعضاء مجلس النقابة المنتهية ولايته بأنها "بجاحة منقطعة النظير". ويقول مستنكرا "كيف صمتوا طوال السنوات الماضية على العمل خلف قضبان النقابة؟".

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في 3 مارس/آذار وسط تكهنات بعدم اكتمال النصاب اللازم لحضور أكثر من 50% من أعضاء الجمعية العمومية للتصويت، خاصة مع هدوء المعركة الانتخابية وغياب التنافس بسبب ضغوط حكومية على عمل النقابات وليس على الصحفيين فقط.

وفي هذا السياق، يعلّق الصحفي كامل محمود على قضية معتقلي الرأي قائلا "النقيب والمجلس المنتهية ولايته وقفا عاجزين لسنوات عن إزالة واجهة من الخيش والقضبان، فهل يفعل شيئا للمعتقلين؟!".

مدخل النقابة تحول إلى قبو صغير بسبب القضبان
مدخل النقابة تحول إلى قبو صغير بسبب القضبان (الجزيرة)

نفي حكومي

وتنفي الحكومة رسميا وجود أي من معتقلي الرأي في مصر، بينما تقدّر اللجنة الدولية لحماية الصحفيين عدد من تم اعتقالهم خلال عامي 2021 و2022 بـ25 على خلفية ممارسة عملهم الصحفي أو كتابة تدوينات، ووجّهت لهم جميعا تهمة "إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة".

ويعِد النقيب المنتهية ولايته ضياء رشوان على صفحته الرسمية بإغلاق هذا الملف قريبا، لكن صحفيين آخرين يشككون في جهود رشوان الذي ترأس في الوقت نفسه مؤتمرا للحوار الوطني دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي.

واعتبر محمد سامي، الرئيس الشرفي لحزب الكرامة، والذي شارك أخيرا في جلسات الحوار مع الحكومة أن الإعلان عن البدء الفعلي للمؤتمر كان يجب أن تصحبه انفراجة جديدة بالعفو الرئاسي عن جميع معتقلي الرأي.

وقال في تصريحات نشرها حزب الكرامة المعارض، إنه من الضروري إغلاق هذا الملف نهائيًّا، موضّحا أنه سيكون له انعكاس كبير وجيد للتهيئة لحوار مثمر وفعال.

يأتي ذلك بينما توجّه اللجنة الدولية لحماية الصحفيين انتقادات متجددة للقاهرة، وترى أن مصر هي ثالث أكثر بلد يسجن صحفيين في العالم بعد الصين وميانمار.

المصدر : الجزيرة