صنداي تايمز: فنادق اللاجئين تشعل أوار العنصرية في بريطانيا

تسبب الخلل في نظام الهجرة البريطاني في ظهور العديد من المشاكل بالمجتمع البريطاني، على رأسها تغذية مشاعر الكراهية التي يثيرها اليمينيون المتطرفون ضد طالبي اللجوء في أنحاء بريطانيا.
وفي مقال نشرته "صنداي تايمز"، قال الكاتب جوش جلانسي إن فندق تشاتسوورث الواقع على شاطئ مدينة سكيغنيس واحد من 4 فنادق بالمدينة تضم أكثر من 200 طالبي لجوء جاؤوا من سوريا وإيران وإريتريا، وهو ما أثار غضب العديد من السكان المحليين وجسد الخلل الكبير في نظام الهجرة في بريطانيا؛ حيث يجلس الشباب اللاجئ خارج فنادقهم يدخنون ويثيرون المشاكل في ظل عدم وجود عمل لهم وعدم إجادتهم للغة الإنجليزية.
وأفاد الكاتب بأن استقبال سكان سكيغنيس لهؤلاء اللاجئين كان باردا جدا في أحسن الأحوال؛ حيث نقل عن آن -61 عامًا- قولها: "هذا ليس الاتجاه الصحيح؛ حيث إنهم يحصلون على فراش مجاني وطعام مجاني، إنهم يقفون جميعهم الآن يحدقون في وجهي".
وذكر الكاتب أنه استنادًا لكل الحقوق فلا ينبغي أن توجد فنادق اللجوء هذه؛ حيث يشير وجودها إلى خلل في النظام القانوني، موضحًا أنها تتكلف فواتير باهظة الثمن للغاية -والتي يدفعها البريطانيون من جيوبهم- تبلغ 5.6 ملايين دولار في اليوم، وهو ما أدى إلى إشعال الغضب بين المجتمعات المحلية، إضافة إلى زيادة مشاعر كراهية الأجانب، والتي تم تضخيمها من قبل مجموعات اليمين المتطرف مثل حزب البديل الوطني.
ووفقًا للكاتب، فإن هذا الغضب تسبب في إثارة المشاكل خارج فندق سويتس في نوسلي بمدينة ليفربول قبل 9 أيام؛ حيث تم اعتقال 15 شخصًا خلال احتجاجات شجعتها عناصر من اليمين المتطرف، عقب نشر مقطع فيديو يُظهر شابا يبدو أنه طالب لجوء وهو يحاول مواعدة فتاة قاصر.
وأضاف الكاتب أن هذا الغضب نفسه انتشر أيضا في سكيغنيس التي تحولت إلى مكان أسوأ في 3 سنوات متتالية؛ إلا أن السياحة لا تزال قائمة بها، بسبب توفر الفنادق الرخيصة في المدينة، مما جعلها نقطة جذب لفنادق طالبي اللجوء؛ حيث يسمح لهذه الفنادق بالتعامل مع شركات خارجية مثل سيركو، التي تقوم بحجز أماكن إقامة نيابة عن الحكومة؛ حيث إن هناك التزاما قانونيا بوجود سقف تمويل مالي مقبول لكل طالب لجوء يذهب إلى هناك.
وأشار الكاتب إلى أنه تم تقديم أكثر من 72 ألف طلب لجوء في بريطانيا في العام الماضي حتى سبتمبر/أيلول منه، وهو أكثر من ضعف عدد الطلبات التي قدمت في عام 2019؛ وقد جاء جميعهم تقريبًا على متن قوارب صغيرة تعبر بحر المانش؛ حيث لا يوجد حتى ما يقرب من المساكن المدعومة الكافية لاستيعاب كل هؤلاء الأشخاص، لذلك تلجأ وزارة الخارجية إلى الفنادق باعتبارها خيارا اضطراريا وملاذا أخيرا.
وأوضح الكاتب أن سياسة الطوارئ الخاصة بطالبي اللجوء، كما هو الحال مع الملاجئ البيروقراطية الأخيرة، تتحول بسرعة إلى واقع طويل الأجل، حيث يقضي طالبو اللجوء أسابيع وشهورا فيما يفترض أن يكون سكنًا للطوارئ، إلا أن عدد المساكن من هذا النوع قد ارتفع خلال الوباء، من 2577 في مارس/آذار 2020 إلى 37 ألفا و142 في سبتمبر/أيلول 2022، يشغلون أكثر من 200 فندق.
وتابع بأن موقع وزارة الداخلية لا يزال يدعي أن طالبي اللجوء سيتلقون عادة قرارًا بشأن مطالبهم في غضون 6 أشهر، لكن تقريرًا لمجلس اللاجئين في عام 2021 وجد أن متوسط القرار الأولي يستغرق ما بين سنة و3 سنوات.
ونقل الكاتب عن مارغريت روش، التي تدير "نوسلي شار" وهي مؤسسة خيرية تساعد طالبي اللجوء في فندق سويتس، قولها: "من الشائع بالنسبة لنا أن ننتظر أكثر من عامين لإجراء مقابلة معهم، وهو ما يعتبر تدميرًا للروح؛ حيث تشاهد تدهور صحتهم العقلية أمام عينيك".
وتابع الكاتب بأن روش لم تتمكن من الوصول إلى سويتس هذا الأسبوع، لأن الأجواء المحلية أصبحت الآن معادية للغاية، فقد تم فرض حظر تجول، لكنها عرضت رسائل واتساب أرسلها بعض الشباب في الداخل؛ حيث قال أحدهم: "في دقيقة يرمون المال علينا، وفي الدقيقة التالية يبصقون علينا"، وقال آخر: "لقد مروا على الدراجات وضايقونا، لا شيء يمكن أن يدمرنا مثل الحزن".
واعتبر الكاتب أنه ليس كل المخاوف قائمة على التعصب الأعمى، ففي فندق سافوي يشعر الكثيرون، مثلهم مثل الآخرين في سكيغنيس، بالإحباط لأنه لم يكن هناك تنبيه عند إنشاء الفنادق؛ حيث فوجئوا، في إحدى أمسيات الأحد من شهر نوفمبر/تشرين الثاني بوصول حافلتين أو 3 حافلات بطالبي اللجوء. وقد اشتكوا للمجالس المحلية والنواب من تعرضهم للصدمة بسبب الظهور المفاجئ لفنادق اللجوء بجوار منازلهم.
ولفت الكاتب إلى أن هناك أمرا أكثر سوءًا آخذ في الارتفاع، وهو انتشار العنف ضد المهاجرين من قبل اليمين المتطرف الذين هاجموا فنادق اللجوء 253 مرة العام الماضي؛ حيث تظاهر البعض بأنهم صحفيون من أجل الاقتراب من الفنادق للإساءة إلى الموظفين والمقيمين.
واشتعلت مجموعات سكيغنيس على الفيسبوك بالتعليقات المعادية للمهاجرين والمطالبة بإرسالهم إلى حيث أتوا، كما رفعوا لافتة خارج فندق كاونتي الذي يضم طالبي اللجوء كُتب عليها: "إنجلترا للإنجليز – أوقفوا الإبادة الجماعية للبيض".
وذكر الكاتب أنه تم التخطيط لمسيرة "كفى كفى"، يوم السبت، على طول واجهة المدينة الساحلية؛ حيث يخطط حزب "البديل الوطني" لمشاركة السكان المحليين هناك، بينما أعربت وزارة الداخلية عن قلقها بشأن المسيرة، على الرغم من قلة تنظيم الفعاليات المماثلة في المنطقة.
ورأى الكاتب أن الكثير من الغضب في سكيغنيس ينصب على أصحاب الفنادق الذين استفادوا بشكل رائع من يأس الحكومة؛ حيث تقول ألين إنه عُرض عليها مرتين تسليم فندقها إلى الحكومة، مقابل 10 آلاف دولار في الأسبوع، أو نصف مليون جنيه سنويًّا، لكنها رفضت، وقالت:" كان الأمر مغريًا للغاية، ليس الأمر كما لو كنا مليونيرات أو أي شيء آخر، إلا أننا لم نقم بذلك لأننا لا نريد المساهمة في الجنون الذي يحدث".
وتابع بأن البعض الآخر قد استطاع تحويل الوضع لصالحهم؛ حيث اشترت شركة واحدة وهي "إتش آند إتش" التي وصفها كريج ليلاند، زعيم مجلس مقاطعة إيست ليندسي، بأنها "انتهازية" – 4 فنادق على الواجهة البحرية في سكيغنيس، وقامت بتسليمها إلى سيركو، بعد شرائها، لتشغيلها.
ولفت الكاتب إلى أنه بالطبع ليس كل سكان سكيغنيس يشعرون بالتحدي من جيرانهم الجدد؛ حيث رحبت إحدى المنظمات المحلية، بطالبي اللجوء وأقامت لهم العديد من المناسبات الاجتماعية. وقال دومينيك كين، 53 عامًا، بائع جرارات: "لقد سلطت هذه الفنادق الضوء على بعض القبح في المدينة، لكن الغالبية الصامتة ترحب بهم للغاية، فهم أناس عاديون لطيفون يفرون من بلدان سيئة".
وتساءل "إذا كان الشباب في هذه الفنادق من البيض، سواء كانوا من لاتفيا أو أوكرانيا، فهل سيكون هناك هذا المستوى من المعارضة؟! لا أظن أن ذلك سيحدث".