ميديابارت: إذلال طالبة فرنسية محجبة قبيل دخول امتحان الثانوية

Students sit for the philosophy baccalaureate exam at the French Louis Pasteur Lycee in Strasbourg, June 18, 2012. The baccalaureate is the secondary school final examinations for qualification into university. REUTERS/Vincent Kessler (FRANCE - Tags: EDUCATION) ATTENTION EDITORS FRENCH LAW REQUIRES THAT THE FACES OF MINORS ARE MASKED IN PUBLICATIONS WITHIN FRANCE
طلاب يؤدون امتحان الثانوية العامة في مدرسة لويس باستير الفرنسية في ستراسبورغ (رويترز)

أكد شهود عيان عنف المشهد المذل الذي قالت طالبة في مدرسة ثانوية باريسية جاءت لإجراء امتحان الثانوية الفرنسية يوم 16 يونيو/حزيران، إنها تعرضت له من قبل مسؤولة تربوية لم تتقبل قدومها محجبة، وأخرت دخولها حتى فاتها بدء الامتحان.

بهذه الحادثة، بدأ موقع ميديابارت (Mediapart) الفرنسي مقالا لنجمة إبراهيم تابعت فيه موضوع التمييز الذي تعرضت له الطالبة صبرينا (اسم مستعار) 18 عاما، عندما قالت لها المسؤولة التربوية في مدرستها الثانوية أمام الباب "انزعي هذا الشيء عن رأسك"، في إشارة إلى الحجاب الذي كانت ترتديه، ومع أن الطالبة امتثلت بسرعة كما أكد العديد من الشهود الذين تمت مقابلتهم، فإنها لا تزال تمنع من دخول المؤسسة، وهي مصرة على أن ما تعرضت له يمثل "اعتداء" من قبل المسؤولة.

وقالت صبرينا -التي لا تزال متأثرة بالأحداث- عندما تحدثت لموقع ميديابارت، إن المسؤولة قابلتها "بلغة قاسية وبلهجة غير ودية"، رغم أنها معتادة على الذهاب إلى مدرستها بالحجاب وخلعه عند المدخل، لترتديه مرة أخرى عند المغادرة، وبالفعل "عندما وصلت قمت بإزالته دون مناقشة بمجرد أن طلبت مني ذلك بشكل غير ودي".

غير أن المسؤولة التربوية أصبحت أكثر "عدوانية" -حسب صبرينا التي تعترف بأنها متوترة بسبب الامتحان الذي ينتظرها- وقامت "بدفعي ووضعي جانبا، والسماح للمرشحين الآخرين بالدخول، قائلة إنها ستعتني بقضيتي بعد ذلك، ولم أفهم ما يحدث لي لأنني لم أعد أضع الحجاب. فقلت إنني طالبة مثل الآخرين وإن علي أن أشارك في الامتحان أيضا، لكنها لم تسمح لي بالدخول".

ومع أن الموقع اتصل بالمسؤولة التربوية وبالمدير العام للثانوية، فإنهما لم يجيبا على أسئلته حتى وقت نشر هذه المقالة، أما أكاديمية باريس فقد احتمت بمبادئ العلمانية، معتبرة أن الطالبة رفضت خلع حجابها في مخالفة للترتيبات المعمول بها، ورغم تذكير موظفي المدرسة الحاضرين لها بتلك القوانين.

وأضافت الأكاديمية أن "رفض الفتاة أدى إلى نقاش متوتر قبل أن توافق المرشحة أخيرا على خلع حجابها ويتم اصطحابها إلى غرفة الامتحان، موضحة أن المشكلة تمت معالجتها على الفور من قبل المؤسسة التي تواصلت مع المدرسة الثانوية الأصلية وعائلة الفتاة، مؤكدة أنها ملتزمة بشدة باحترام قيم العلمانية".

موظفة بالمدرسة

ومع ذلك، أكدت عضو في الطاقم التربوي للموقع الفرنسي أن صبرينا لم ترفض أبدا خلع حجابها، كما أكد "العدوانية" التي أظهرتها المستشارة، قائلا "عندما تقدمت الفتاة بحجابها، بدأت بالصراخ وطلبت منها إزالة "الشيء" عن رأسها. كان يمكن أن تقول لها ذلك بلطف".

وأوضحت الموظفة أن الفتاة نزعت الحجاب في ثانية، "لكن المسؤولة لم تتخل عن القضية ولم ترغب في السماح لها بالدخول. وبدأت في إهانتها والتحدث معها بشكل سيئ، مضيفة ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المسؤولة لنوبات غضب، وتقدم حججا مثيرة للاشمئزاز لسحق أي طالب تجد لديه نقطة ضعف".

تاجرة تتدخل

في الوقت الذي دخل فيه جميع المرشحين عند الساعة الثانية ظهرا مع بداية الامتحان، حاولت صبرينا مرة أخرى مع المسؤولة التربوية، وهي تشعر "بالحرمان" نظرا للوقت الذي تخسره، إلا أن المرأة "ردت بأنها لا تهتم" ثم حاولت التحدث إلى مراقب، مشيرة إلى أنها لم تعد ترتدي الحجاب، لكن المسؤولة كانت تهددا بعدم السماح لها بإجراء الامتحان.

وتقول صاحبة متجر صغير للملابس على بعد 100 متر من المؤسسة، إنها رأت "شخصا يتعرض للإذلال ويواجه سيلا من الكلمات السيئة. رأيت طالبة تقف عند مدخل المدرسة متجمدة ووحيدة، وامرأة داخل المؤسسة تصرخ في وجهها"، وأضافت أنها تدخلت لأنها رأت ذلك من واجبها إذ رأت سلوك المسؤولة غير لائق، مؤكدة أن الطالبة عند وصولها لم تكن ترتدي الحجاب.

وتقول صبرينا "لحسن الحظ، جاءت صاحبة المتجر للدفاع عني وسألت هذه السيدة كيف يمكنها عدم احترام طالبة أمام الجميع، ثم أجبرت المسؤولة على خفض صوتها، وبعد 45 دقيقة، طُلب مني أن أتبع المسؤولة في أروقة المدرسة ثم أنتظر، دون تفسير واضح"، مشيرة إلى أن تدخل شخص من خارج المدرسة ساعد في حل الموقف.

بعد ذلك اتصلت المسؤولة التربوية بالمدرسة الأصلية للتلميذة وبوالدي صبرينا لتحذيرهما، ثم سلمتها استدعاءها و"طلبت مني الذهاب لإجراء الامتحان، ثم وعدتني بإفساد حياتي. إلا أن المشرفة التي رافقتني إلى الغرفة اعتذرت لي قائلة إنها وجدت أفعال المسؤولة "مخزية، فأجهشت بالبكاء قبل دخول غرفة الامتحان مباشرة. لم أكن أريد أن أفقد ماء الوجه أمام المسؤولة، ولكن عندما اعتذرت لي المشرفة انهرت".

وتضيف صبرينا -التي قامت بالامتحان وهي تتساءل عن مستقبلها- إنها غادرت المكان في نهاية المحنة "دون أي اعتبار أو أي شكل من أشكال الاعتذار" من قبل الإدارة، "وكأن شيئا لم يحدث، رغم أنني أهنت في الساحة العامة، وديست حقوقي، وقللوا من شأن معتقداتي الدينية وعرقلوني أثناء البكالوريا"، مضيفة أنها ما زالت على الأقل تحظى بدعم والديها.

وقد أثارت هذه القصة -التي نقلتها صديقة صبرينا على تويتر رغم حذف التغريدات- جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحدثت انقساما بين طائفتين، إحداهما تدافع عن الفتاة، معتقدة أنها كانت ضحية الظلم والإسلاموفوبيا، والأخرى، تغذيها شبكات اليمين المتطرف على وجه الخصوص وهي ترى أن المسؤولة التربوية على حق.

وأشارت الكاتبة إلى أن الرؤية الأخيرة تبناها المرشح الرئاسي السابق، إريك زمور، وطالب في تغريدة بوضع المسؤولة التربوية "المتهمة بالإسلاموفوبيا" "تحت الحماية القانونية"، معتبرا أنها "في خطر".

المصدر : ميديابارت