سيف على الرقبة.. ماذا تعرف عن "وقف التنفيذ" ضمن سياسات الاحتلال الترويضية؟

صورة الأسيرة الفلسطينية المحررة نجوان عودة تحمل ورقة الحكم عليها، مشيرة إلى قرار وقف التنفيذ لـ5 سنوات (الجزيرة)

بيت لحم – أفرج عن نجوان عودة، الأسيرة الفلسطينية المحررة، قبل 5 سنوات من سجون الاحتلال الإسرائيلي، لكنها منذ تلك اللحظة تعيش حالة قلق دائم، بسبب ربط قرار محكمة الاحتلال العسكرية الإفراج عنها بوقف تنفيذ لـ5 سنوات. وهو ما تصفه بأنه "5 سنوات من الاعتقال بعد الاعتقال!".

يُعرف "وقف التنفيذ" قانونيا بأنه الفترة التي تلي عملية الإفراج عن المعتقل، وتسجل في صحيفته أنه من أصحاب السوابق، وهدفها إصلاح الجاني وحماية المجتمع. ولكن، وفق القوانين الاحتلالية الجائرة، في الحالة الفلسطينية الأمر مختلف تماما.

بعد 18 شهرا، من اعتقال عودة من منزلها في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، وتنقلها خلال فترة الاعتقال بين التحقيق والعزل وسجني هشارون والدامون، وقبل يوم من الإفراج عنها حُكم عليها بمدة بقائها في السجن، وبدفع غرامة مالية قدرها 100 ألف شيكل (قرابة 30 ألف دولار أميركي)، وسجن مع قف تنفيذ لـ5 سنوات.

لم يكن هناك تهمة واضحة بالنسبة لعودة، التي كانت تعمل في جمعية قطر الخيرية، واتهمت وقتها بأنها تساهم في إدخال أموال من العدو إلى جهة وصفها الاحتلال بالمعادية، بالرغم من أن كل إجراءات عملها كانت تسير وفق القوانين واللوائح المتبعة.

اعتقال بعد الاعتقال

بالنسبة لعودة، مدة قضائها في السجن شيء، ووقف التنفيذ شيء آخر، تقول عن ذلك للجزيرة نت "إنه طوال فترة الاعتقال كان الأمر يبدو عبثيا وبلا سبب واضح، ولا مانع من أن يعيد الاحتلال الاعتقال مرة أخرى خلال فترة وقف التنفيذ لسبب عبثي أيضا".

اعتبرت عودة مدة وقف التنفيذ أسْرا داخل الوطن، واعتقالا بعد اعتقال؛ فالاحتلال كان قد قرر أنه في حال اتهامها بأي عمل شبيه بالتهمة الأولى، سيحكم عليها بالسجن مدة عام لا نقاش فيها، وبعدها يتم الحديث عن التهمة التالية.

يستخدم الاحتلال سياسة "وقف التنفيذ" على أي تهمة يلقيها على الفلسطينيين؛ منها إلقاء الحجارة أو حيازة السلاح، وحتى أي نشاط سلمي مقاوم، وكأنه رصيد سجن مرة أخرى، ولكنه مؤجل لما بعد الإفراج.

قرار عسكري

ويعتبره الفلسطينيون غير قابل للنقاش، لأنه من منطق الأوامر العسكرية الاحتلالية التي تسعى مجتمعة للسيطرة على الشعب الفلسطيني والتنكيل به وقمعه.

عدا عن أنه يعتبر ضغطا على الأسير المحرر والمحكوم عليه بوقف التنفيذ؛ لأنه يشكل مانعا لكل مؤسسة تحاول توظيفه أو التعاون معه، وخاصة المؤسسات الدولية، لكون ذلك يفتح عين الاحتلال عليها.

يصف حسن عبد ربه مسؤول الإعلام في هيئة الأسرى والمحررين وقف التنفيذ بأنه سيف على رقبة الفلسطيني المعتقل، إذا ما أعيد اعتقاله بتهم أمنية مشابهة، وكأنه حكم فوق الحكم.

وفي مرات كثيرة يتم الاستهانة بوقف التنفيذ، وكأنه لا معنى له بعد انتهاء فترة أسر الفلسطيني، ولكن الحقيقة أنه تغليظ للعقوبة على الأسير المحرر، وفق عبد ربه.

عقوبة مركبة

يقول عبد ربه "يأتي وقف التنفيذ، كأنه عقوبة مركبة؛ فالقرار العسكري يكون بالسجن الفعلي لمدة معينة، ومن ثم وقف للتنفيذ لمدة أخرى، وبعدها غرامة مالية تفرض على الأسير، وكأنه يعاقب أكثر من مرة على ذات التهمة".

وهو أيضا شكل من أشكال التعسف والعنصرية، وتمارس على الفلسطينيين بمختلف أعمارهم، من قاصرين وبالغين، وكأنه مراقبة بعد الإفراج، الذي لم ينتهِ بعد، وهو مخالف للقوانين والأعراف الدولية، وفق عبد ربه.

وعاش آلاف من الفلسطينيين ويلات وقف التنفيذ، الذي يرافق مرات كثيرة بمنع للسفر والتحرك، وحتى النشاطات الاجتماعية العادية، في تكبيل واضح لأي فلسطيني فكر في مقاومة المحتل، أو حتى أراد الاحتلال استهدافه لمجرد الشكوك.

ولكنها، قرارات الاحتلال العسكرية المختلفة، لم تجدِ نفعا في استمرار مقاومة الفلسطينيين لمحتليهم، والدفاع عن أرضهم، بالرغم من كل ما يفرض عليهم منذ عقود طويلة.

المصدر : الجزيرة