قصص مروعة لضحايا التعذيب والقتل خارج القانون في اليمن

وقفة احتجاجية للتنديد بإعدام الشاب نائف الهندي (مواقع التواصل)

عدن- تعالت صرخات الثلاثيني اليمني نائف الهندي وهو يستغيث عبثًا، وكانت توسلاته تتلاشى مثل صدى صرخات صوته وهو يتجرع مرارة التعذيب، قبل أن يقرر جلادوه إعدامه، ليصبح رقما في سجل فاضت صفحاته بالقصص المروّعة لضحايا التعذيب والقتل خارج القانون في اليمن.

والهندي اعتُقل الأسبوع الماضي في أحد الحواجز الأمنية الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة أبين (جنوبي اليمن)، وأظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على مواقع التواصل قيام المسلحين بتعذيبه، وتنفيذ إعدام ارتجالي ضده بتهمة السرقة ودهس مواطن آخر.

وأثارت الواقعة صدمة وغضبا عارمين، حيث شهدت مديرية نصاب بمحافظة شبوة -التي ينتمي لها الضحية- مظاهرات غاضبة ومنددة بالحادثة. وقال حسن الهندي للجزيرة نت إن "شقيقه يعاني من مرض نفسي وما تعرض له من تعذيب وإعدام أمر لا يقره شرع ولا قانون". وطالب بتسليم الجناة للعدالة ومحاكمتهم على ما اقترفوه.

فصول مرعبة

وهذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، التي هزت الشارع اليمني، لكنها الأحدث في مسلسل الانتهاكات المتصاعدة في مناطق سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، والتي عاشت في الآونة الأخيرة فصولا مرعبة على وقع الجرائم المستمرة للتعذيب والقتل خارج القانون.

ففي مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، أعدم الشاب عبد الملك السنباني برصاص جنود من اللواء التاسع صاعقة في أحد الحواجز الأمنية بمحافظة لحج الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي بتهمة الانتماء للحوثي. وفي أواخر الشهر الماضي قتل المواطن خالد باحكيم عقب مداهمة أفراد من شرطة كريتر بعدن منزله لاعتقاله على خلفية شجار.

مظاهرات غاضبة ومنددة بإعدام نائف الهندي (مواقع التواصل) ‫‬

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعدم في واقعتين منفصلتين الشاب محمد الملجمي برصاص جنود في قوات الحزام الأمني عند حاجز تفتيش في مديرية الحد بيافع، والشاب عاطف الحرازي الموظف الصحي في منظمة أطباء بلا حدود برصاص مسلحين محليين استحدثوا نقطة تفتيش في المديرية ذاتها.

ومن الجرائم التي طبعت في ذاكرة اليمنيين تلك التي وثقها شريط مصوّر تم تداوله على مواقع التواصل أواخر عام 2019 لعملية إعدام جماعي لـ3 أشخاص -بينهم طفل يدعى مبروك محمد الحزيف من محافظة المحويت- في أحد الحواجز الأمنية بنقطة تفتيش العلم على الطريق بين عدن وأبين.

قتل تحت التعذيب

ومن أبرز جرائم القتل تحت التعذيب ما كشفته أسرة الشاب حسن باعوضة التي أكدت أن ابنها توفي تحت التعذيب على يد قوات تابعة للمجلس الانتقالي في عدن بعد اعتقاله على خلفية عراك، وأسرة عبد الله الحيي الذي توفي بعد 3 أيام من اعتقاله وتعذيبه بالماء الحار والكهرباء.

ومنذ اندلاع النزاع الحالي باليمن في مارس/آذار 2015، بلغت حالات القتل تحت التعذيب في السجون وأماكن الاحتجاز 320 حالة قتل، بينهم 10 أطفال ونساء قضوا تحت التعذيب، حسب رئيس المركز الأميركي للعدالة (ACJ) المحامي عبد الرحمن برمان.

وقال للجزيرة نت إن "هذه الجرائم توزع تنفيذها بين مختلف الأطراف المشاركة في الصراع، حصدت فيها جماعة الحوثي المرتبة الأولى بمعدل (236) حالة قتل، تلتها التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي بواقع (68) حالة قتل، و9 حالات للقوات الحكومية، و7 حالات قتل تحت التعذيب ارتكبها تنظيم القاعدة.

ورغم أن هناك عشرات التقارير الحقوقية الدولية والمحلية التي رصدت ووثقت الكثير من حالات التعذيب والقتل، فإن أحدثها ما كشف عنه رئيس منظمة الراصد لحقوق الإنسان من إصابة بعض المعتقلين بأمراض نفسية مزمنة، جراء التعذيب الذي كانوا يتعرضون له ليلا ونهارا، في سجن قاعة وضاح الخاضع لسيطرة الانتقالي بمحافظة عدن.

الإفلات من العقاب

وقال أنيس الشريك في منشور له على صفحته في فيسبوك "إن بعض المعتقلين والمختفين قسرا داخل هذا المعتقل يصابون بالجنون من شدة التعذيب، وذكر منهم "طفلا لم يتجاوز عمره 17 عاما، أفرج عنه بعدما قضى 8 أشهر في الأسر، وقد أصيب بمرض نفسي من شدة التعذيب بالصعق بالكهرباء".

وأكدت رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات في عدن المحامية هدى الصراري استمرار جرائم القتل والتعذيب وتصاعدها، حيث "تم رصد 150 حالة اغتيال استهدف معظمها سياسيين معارضين للانتقالي في عدن، بالإضافة إلى 40 شخصا مختفين قسرا لا يعلم مصيرهم إن كانوا أحياء أو قتلوا خلال التعذيب داخل السجون السرية.

وقالت في حديث للجزيرة نت إنه رغم صدور العديد من الإدانات من المجتمع الدولي، وتقارير نصت على وقائع لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن ومنظمات حقوقية أخرى؛ فما تزال أحكام الإعدام خارج القانون تمارس كإعدام مواطنين من تهامة في صنعاء إلى جانب جرائم القتل تحت التعذيب ضد صحفيين ومناهضين سياسيين ومدنيين.

وأضافت أن "مناخ الإفلات من العقاب الذي تتمتع به سلطات الأمر الواقع والتشكيلات العسكرية التابعة لها، خاصة في ظل تعطل مؤسسات القضاء، وغياب المحاسبة؛ تشجع هذه المليشيات الخارجة عن إطار الدولة في اليمن على ارتكاب انتهاكات وحشية ضد المدنيين وتفاقم جرائم التعذيب والإعدام خارج القانون.

المصدر : الجزيرة