جدل علاء عبد الفتاح يجدد سؤال ملف السجناء المجهولين بمصر

أطلقت حملة "حتى آخر سجين"، بمشاركة 130 حملة ومنظمة، عريضةً إلكترونية من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في مصر بلا استثناء، ودشنت على حسابها الرسمي على فيسبوك حملة للتعريف بكل المعتقلين، خاصة غير المشهورين.

blogs المعتقلين السياسيين بعهد السيسي
سجناء خلال إحدى المحاكمات في مصر (رويترز)

القاهرة – دفع تصاعد الاهتمام الدولي بمساعي الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح العديدَ من الأسر المصرية وكيانات حقوقية لتكثيف جهودها في الساعات الأخيرة من أجل لفت الأنظار إلى قضية الآلاف من السجناء المجهولين المنسيين بالسجون المصرية، الذين يغيبون بشكل لافت عن الفضاء الإعلامي والحقوقي، بحسب البعض.

ويرى حقوقي بارز تحدث للجزيرة نت أن حراك أسرة علاء عبد الفتاح يصبّ في صالح جميع سجناء الرأي، وأن هناك محاولات من السلطة للوقيعة بين أسر المحبوسين والسجناء تتم عبر الانتقائية في قرارات العفو والإفراج، بحسب وصفه.

في حين دعا خبراء في الاستثارات النفسية والأسرية -في حديث للجزيرة نت- إلى الاعتناء بالظروف النفسية لأهالي المعتقلين، وعدم الوقوع في المقارنات، واستفادة ذوي السجناء من نجاح أي تجربة في رصيد تحركاتهم.

وتبلغ أعداد المعتقلين السياسيين بمصر ما يقرب من 60 ألفا، وفق تقديرات جماعات المعارضة بالخارج ومنظمات حقوقية. لكن السلطات المصرية تنفي وجود معتقلين سياسيين، وتؤكد أن السجون يوجد بها متهمون في قضايا وصدرت بحقهم أحكام قضائية أو بصدد التحقيق معهم.

على خطى علاء

في هذا السياق، أطلقت حملة "حتى آخر سجين"، بمشاركة 130 حملة ومنظمة، عريضة إلكترونية للتوقيع من أجل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين في مصر بلا استثناء، ودشنت على حسابها الرسمي على فيسبوك حملة للتعريف بكل المعتقلين خاصة غير المشهورين.

وقالت الحملة في بيان أمس الأربعاء إنها تستهدف كل السجناء السياسيين، خاصة من تجاوز سجنهم المدة القانونية للحبس الاحتياطي، ومن صدر بحقهم أحكام تتعلق بتهم فضفاضة مثل الانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة، وغيرهما.

وذكرت أنه حتى اليوم -ورغم الوعود المتكررة بخروج قوائم عفو- لم يخرج سوى 16 شخصا بقرارات عفو رئاسي، و814 آخرين بقرارات من النيابة والمحاكم، مع تزايد حالات إعادة تدوير 365 سجينا في قضايا بالاتهامات نفسها، وجرى القبض على 1544 بتهم سياسية منذ الإعلان عن لجنة العفو، مما يعني أن عدد المسجونين السياسيين في زيادة وليس في نقصان، بحسب تعبير البيان.

وأكدت الحملة الحقوقية أنه مع كل لجنة عفو أو مبادرة من الدولة، تتفاعل منظمات حقوق الإنسان وأهالي المسجونين وترسل قوائم أسماء بآلاف المسجونين، دون رؤية تقدمٍ حقيقي في هذا الملف، مما يبرز أهمية إعلان عفو شامل دون تمييز أو انتظار.

أنس والباقر والصحفيون

في هذا الإطار، تحركت أسرة محمد البلتاجي البرلماني السابق وعضو مجلس أمناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، للتذكير بقضيته وقضية ابنه أنس المحبوسين منذ 9 سنوات.

من جانبه طالب المحامي والسياسي خالد علي بأن يشمل أي عفو عن علاء عبد الفتاح رفيقيه في القضية نفسها المحامي الحقوقي محمد الباقر والصحفي محمد إبراهيم المشهور باسم "أوكسجين".

وشهدت نقابة الصحفيين المصريين وسط القاهرة تحركا نوعيا مماثلا لتسليط الضوء على كافة المعتقلين، حيث بدأت 3 صحفيات، هن إيمان عوف ومنى سليم ورشا عزب، إضرابا مفتوحا عن الطعام واعتصاما بالنقابة منذ الاثنين الماضي للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي والتعبير في مصر، ومن بينهم علاء عبد الفتاح، وتضامنا مع إضراب الأخير.

كما طالبت المعتصمات الثلاث بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، ووقف ملاحقة الصحفيين في قضايا النشر، وفتح المجال العام في مصر، وقيام نقابة الصحفيين بدورها، ووقف الملاحقة الأمنية المستمرة لأصحاب الرأي.

وبحسب آخر إحصائيات غير رسمية أصدرها المرصد العربي لحرية الإعلام (جهة حقوقية مستقلة)؛ فإن عدد الصحفيين والإعلاميين خلف القضبان 45، من بينهم 32 بقرارات حبس احتياطي و13 بأحكام قضائية.

تراكم جهود يفيد الجميع

يرى رئيس مركز الشهاب لحقوق الإنسان المحامي خلف بيومي أن حالة الزخم التي أحدثتها أسرة الناشط علاء عبد الفتاح تعود إلى أنها أسرة لها باع طويل في النضال، وهي أسرة المحامي المناضل الراحل أحمد سيف الإسلام، بشكل أدى إلى تفعيل للمسار الحقوقي كله.

وأشار بيومي إلى حالة من الجدل بين بعض أهالي المعتقلين على خلفية قرارات العفو الرئاسي بسبب الانتماءات السياسية، معتبرا أن حالة الجدل تلك تمت تغذيتها بعد تبني المجتمع الدولي حالة علاء عبد الفتاح.

وأضاف الحقوق المصري "هي جدلية تقف وراءها انتقائية السلطات في التعامل مع الملف، والإصرار على إحداث وقيعة بين الأهالي، التي بدأت مبكرا بالتصريحات التي خرجت من أعضاء بلجنة العفو الرئاسي ضد المعتقلين من التيار الإسلامي".

ويعتقد رئيس مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن المجتمع الحقوقي المصري لا ينساق وراء تلك الجدليات ويتبنى حق الإنسان بغض النظر عن انتمائه.

ولفت إلى تحرك بعض الأهالي لدفع قضايا ذويهم إلى بؤرة الاهتمام، مثل أهالي الحقوقيين محمد الباقر وعائشة الشاطر وهدى عبد المنعم وعزت غنيم، وأهالي رجل الأعمال صفوان ثابت والقاضي هشام جنينة وبعض الصحفيين والنشطاء، وذلك بالتوازي مع الجهود المستمرة من المنظمات الحقوقية.

باب للأمل

من جانبها، تدعو مديرة مركز أسرتي للاستشارات الأسرية والاجتماعية منال خضر ذوي المعتقلين إلى تثمين أي جهد أسري في إطار إنصاف المظلوم والسعي لنصرته، موضحة أهمية استيعاب الأهالي كل نجاح في أي مسار، واعتباره نقطة في نجاح القضية الشخصية لأنه سيصب في مصلحتها في نهاية المطاف.

وتشير منال خضر إلى أنه بعيدا عن النتائج السياسية، فإن المردود النفسي والاجتماعي الذي تصنعه أسرة علاء عبد الفتاح يشكل بوابة أمل لكثير من المشاكل المرتبطة باليأس لدى ذوي بعض المعتقلين، والتي ترصدها في استشارات تصلها، مؤكدة أن هذه التحركات قد تكون بداية خط لحل تلك الأزمة المنتشرة في البيوت المصرية.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي