في تقريرها حول واقع الصحافة بتونس.. مراسلون بلا حدود تقرع أجراس الخطر

Tunisian demonstrators run for cover during clashes with police as they protest against President Kais Saied, on the 11th anniversary of the Tunisian revolution in the capital Tunis on January 14, 2022. - Tunisian police used teargas today against hundreds of demonstrators who had defied a ban on gatherings to protest against President Kais Saied's July power grab. As the country marks 11 years since the fall of late dictator Zine El Abidine Ben Ali, hundreds of Saied's opponents staged rallies against his July 2021 power grab. (Photo by FETHI BELAID / AFP)
المنظمة دانت العنف الذي استهدف الصحفيين أثناء تغطيتهم احتجاجات الجمعة الماضي (الفرنسية)

تونس– بعد نحو عامين من تولي الرئيس التونسي قيس سعيّد سدة الحكم تتعاظم مخاوف الصحفيين، ومعهم منظمات حقوقية دولية، من وجود رغبة حقيقية نحو التضييق على العمل الإعلامي وجرّ السلطة الرابعة نحو مربع التعليمات عبر قمع الصحفيين والاعتداء عليهم جسديا.

مخاوف أكدها ودعمها بالمعطيات تقرير حديث لمنظمة مراسلون بلا حدود تحت عنوان "الصحافة في تونس.. ساعة الحقيقية"، الذي كشف عن تفاصيله مدير مكتب شمال أفريقيا للمنظمة صهيب الخياطي في ندوة صحفية بالعاصمة التونسية اليوم.

وشدد على أن المنظمة "قرعت أجراس الخطر" بوجود تهديدات جدية لحرية الصحافة والإعلام يواجهها الصحفيون في تونس، تصاعدت وتيرتها منذ تولي الرئيس قيس سعيّد جميع الصلاحيات في 25 يوليو/تموز الماضي.

وتساءل -في المقابل- عن حقيقة التزام الرئيس سعيد بوقوفه إلى جانب حرية الصحافة، بعد الوعود التي أطلقها إبان توليه السلطة، في ظل مشاهد العنف التي طالت أكثر من 20 صحفيا أثناء تغطيتهم الاحتجاجات في ذكرى الثورة يوم 14 يناير/كانون الثاني الماضي.

الخياطي حمّل أيضا الأطراف السياسية في تونس المسؤولية عن عدم تطبيق ما جاء من ضمانات دستورية تتعلق بحرية الصحافة، فضلا عن غياب سياسات عمومية واضحة لدعم الإعلام.

عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين أميرة محمد أكدت -بدورها خلال الندوة- أن علاقة الإعلام بالسلطة كانت تتسم بالعداء من قبل أحزاب النهضة وائتلاف الكرامة والدستوري الحر قبل تولي الرئيس سعيد الحكم، وتدعمت بمن وصفتهم "بمليشيات" جديدة تدعم الرئيس وتدين له بالولاء الأعمى.

وعبرت عن استغرابها من عدم صدور أي موقف واضح للرئيس التونسي تجاه سلوك أنصاره والتهديدات التي يطلقونها عبر الشبكات الاجتماعية ضد كل صوت معارض لسياساته.

وصدر التقرير في 36 صفحة، وتم تدعيمه بصور كاريكاتيرية تظهر علاقة الرئيس قيس سعيّد بالسلطة الرابعة، وشدد في توطئته على أن حرية الصحافة والإعلام التي تعد المكسب الرئيسي بعد الثورة بات "هشا ويبعث على القلق" بسبب ارتهانه بالفاعلين السياسيين، في ظل تحول ديمقراطي محفوف بمخاطر جسيمة تهدد حرية الإعلام.

كما أشار التقرير إلى "العلاقات المشبوهة" القائمة بين الإعلام والسياسة وعالم الأعمال، التي تعيق تنفيذ الإصلاحات الضرورية لضمان استقلالية قطاع الصحافة.

المنظمة شككت في نيات الرئيس قيس سعيد تجاه الصحافة (غيتي)

علاقة قيس سعيّد بالصحافة

منظمة مراسلون بلا حدود أفردت فصلا كاملا في تقريرها للحديث عن علاقة الرئيس قيس سعيد بالصحافة، وتساءلت عن قيمة الوعود التي أطلقها منذ توليه الحكم، كما خلصت إلى وجود التزام غير واضح من جانبه تجاه حرية الصحافة.

المنظمة دانت أيضا في تقريرها غياب التواصل المباشر بين القصر والصحفيين وصعوبة نفاذهم إلى المعلومة، وأكدت أن أبواب قصر قرطاج ظلت موصدة أمامهم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.

التقرير أشار أيضا إلى وجود تهديدات جدية بحق الصحفيين بعد 25 يوليو/تموز الماضي، كما سلط الضوء على حادثة اقتحام أفراد من الأمن مكتب قناة الجزيرة بتونس، وإغلاق مكتبها من دون إظهار أي إذن قضائي.

المنظمة حذرت أيضا من هشاشة التعددية الإعلامية في تونس، بسبب ارتباط بعض المؤسسات "بقوى المال والأحزاب"، وهو ما أثر على حياديتها ومصداقيتها.

كما أشار التقرير إلى العلاقات المشبوهة القائمة بين الإعلام وعالمي السياسة والأعمال، التي تقف عائقا أمام تنفيذ الإصلاحات الضرورية لضمان استقلالية قطاع الصحافة وتعزيزها.

توصيات المنظمة

مراسلون بلا حدود خلصت -في ختام تقريرها- إلى توجيه جملة من التوصيات التي وجهتها مباشرة إلى السلطات التونسية بهدف ضمان حرية حقيقية للصحافة والإعلام.

ودعت إلى ضرورة الحفاظ على الضمانات الدستورية لحرية التعبير وحرية الصحافة التي وضعت بعد الثورة، كما شددت على الطابع الأساسي لحرية الصحافة واستقلاليتها وتعدديتها.

وحثت على نشر خارطة طريق واضحة لوضع برنامج إصلاحي عاجل لقطاع الإعلام ككل، من خلال ترسانة تشريعية تضمن إصلاح القطاع، كما دعت لضرورة إنهاء الإفلات من العقاب ومحاسبة مرتكبي التجاوزات تجاه الصحفيين.

يشار إلى أن الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار سبق أن دعا الرئيس التونسي إلى "الالتزام الصارم بالمحافظة على الضمانات الدستورية التونسية والالتزامات الدولية إزاء حرية الصحافة والإعلام واحترامها".

كما عبر عن قلقه البالغ من "المنعرج الاستبدادي" الذي تعيشه البلاد وتداعياته المباشرة على الصحافة التونسية.

المصدر : الجزيرة