معتقل إسرائيلي ثلثا نزلائه من الأطفال

مركز توقيف"عتصيون" جنوب الضفة، ومركز توقيف" حوارة" شمالا، يعتبران من مراكز التوقيف سيئة السمعة ومحطات تنكيل بالفلسطينيين كأول مراكز الاعتقال، كونهما تحت إشراف جنود الاحتلال وليس إدارة مصلحة السجون./المصدر: صفحات التواصل
"عتصيون" جنوب الضفة و"حوارة" شمالها مركزا تنكيل بالفلسطينيين (مواقع التواصل)

بيت لحم – 12 غرفة، كل 6 منها على جهة، ومتلاصقة مع بعضها البعض، تتوسطها ساحة صغيرة، وتقع وسط معسكر لجيش الاحتلال في مجمع مستوطنات "غوش عتصيون" المقام على أراضي الفلسطينيين جنوب بيت لحم وشمال الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.

يعرف هذا المبنى بمركز توقيف "عتصيون" سيئ السمعة للفلسطينيين، لأن معظم المعتقلين من سكان بيت لحم والخليل يتم أسرهم فيه لفترات متفاوتة كأولى محطات الاعتقال، حسب التهم الموجهة إليهم، وقد يكون معظم الموقوفين فيه من الأطفال دون سن 18 عاما.

يستهدف الاحتلال الأطفال كباقي أفراد هذا الشعب المحتل، تصف ذلك المحامية علا خليل، التي تتابع قضايا الموقوفين في "عتصيون" وعندما تحدثنا معها كانت لتوها عائدة من مقابلة مجموعة من الأسرى فيه، بينهم أطفال وفتية.

تقول للجزيرة نت إنها قابلت 17 أسيرا موزعين في 6 غرف، معظمهم دون 18 عاما، وقد يزيد هذا العدد وينقص لكون سلطة الاحتلال تنقلهم بين فينة وأخرى إلى سجون مختلفة، حسب تهمة المعتقل، وتكون تهمة الطفل عادة إلقاء حجارة أو زجاجة حارقة تجاه الجنود أو المستوطنين.

أصبح الأسير في "عتصيون" يمكث 14 يوما على الأقل منذ بداية اعتقاله- حسب المحامية- لكون الاحتلال ينظر إلى هذه المدة على أنها فترة حجر بسبب انتشار فيروس كورونا.

ولكن، قبل الجائحة كان يتم توقيف المعتقلين فيه لأيام يجري التحقيق معهم داخله، أو يتم نقلهم إلى مراكز تحقيق أخرى أو محاكم الاحتلال، وفي أحيان كثيرة تتم إعادتهم إليه.

صور لاعتقال أطفال فلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي/ المصدر: صفحات التواصل.
فلسطيني في قبضة جيش الاحتلال (مواقع التواصل)

تصف المحامية: المعتقل بأنه سيئ جدا من ناحية الطعام، وكذلك المبيت فيه، وتعامل جنود الاحتلال مع المعتقلين، فهي عندما تدخل المعتقل وتمر بجانب غرفة فيها بطانيات تعطى للأسر، تشتم رائحة كريهة منها لأنه يتم إعطاء 5 بطانيات لكل أسير، وهي سوداء اللون، ولا يتم غسلها بعد الاستخدام، وهي أصلا لا تكفي، إذا ما قام الأسير بتجميعها مع بعضها لينام عليها، ولا تقيه برد الشتاء القارس في هذه المنطقة المرتفعة الباردة شتاء.

وفي "عتصيون" لا توجد أي حقوق للأسير داخل هذا المعتقل، وفق المحامية، مثل التلفاز أو المروحة أو الاتصال مع الأهل، وغيرها، وإنما مقابلة المحامي مرة واحدة كل أسبوع، وهذا يعتبر شيئا صعبا لطفل لم يمر بتجربة اعتقال سابقة، ولكن في العادة يتعاون الأسرى فيما بينهم ولا يبقون الأطفال في المعتقل وحدهم.

حياة لا آدمية
حسن طقاطقة 24 عاما -الذي اعتقل 3 مرات وتحرر حديثا، وقبع في "عتصيون" وهو بسن 15 عاما- يصف غرف المعتقل بأنها رمادية من جوانبها وسقفها وأرضيتها وهي بمساحة تقارب (3 في 4) أمتار مربعة، وفيها حمام لا يصلح للاستخدام الآدمي، وفيه نافذة صغيرة مغلقة بقطعة حديدية لا ترى منها الخارج، ولكن تُدخل إضاءة خفيفة إلى الغرفة.

ويصف الطعام المقدم بأنه "مقرف" لأنه خليط من فضلات وجبات الجنود في المعسكر. فقد يصلك طبق فيه أرز وبيض ومعكرونة وبعض الألبان وخبز جاف، ولكنها مخلوطة ببعضها البعض، وهي عبارة عن بقايا طعام الجنود، وقد تكون منتهية الصلاحية إذا ما تم تقديمها للأسرى بعد أيام من استخدام الجنود لها.

يقول للجزيرة نت إنه يتم التعامل في مركز توقيف "عتصيون" من قبل الجنود وبشكل سيئ وبوقاحة وسخرية ومحاولة المس بكرامة الإنسان.

ولكن، وفق طقاطقة، يواجَه هذا بعزيمة وإصرار من قبل الأسرى بتكاتفهم مع بعضهم، فهم لا يتركون الأطفال، أو ما يسمونهم الأشبال، وحدهم، بل هناك إجراء بوجوب أن يتم تحويلهم إلى سجون الأشبال التي يشرف عليها أسير فلسطيني شاب، وهو الذي يقوم بالحديث والدفاع عنهم داخل المعتقلات، بعد فرض ذلك من قبل الأسرى على إدارة السجون، في إضراباتهم المختلفة، وذلك حتى لا يتم الاستفراد بالأطفال ومحاولة إسقاطهم من قبل الاحتلال ومخابراته خلال اعتقالهم.

صور لاعتقال أطفال فلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي/ المصدر: صفحات التواصل.
.. وفلسطيني آخر يتعرض لاعتقال عنيف (مواقع التواصل)

مركز تنكيل
تأففت أماني سراحنة (من نادي الأسير الفلسطيني) عندما تحدثت عن معتقل "عتصيون" ووصفته بأنه محطة تنكيل بالأسرى وخاصة الأطفال، ويضاف إليه مركز توقيف "حوارة" في نابلس شمال الضفة المحتلة، لكون المركزين معسكرين للجيش وغير تابعين لإدارة مصلحة السجون، وهما ضمن 23 معتقلا ومركز توقيف إسرائيلية مخصصة لاعتقال الفلسطينيين.

تقول سراحنة، للجزيرة نت، إنه تم مرارا وتكرارا المطالبات الحقوقية بإغلاق المركزين، لأن ظروف المعيشة فيهما غير إنسانية بالمطلق، فالواحد مهما عبارة عن مركز للتنكيل، وهناك شهادات جُمعت من الأسرى يصفون فيها أيام التوقيف في "عتصيون" و"حوارة" بأنها تساوي أشهرا في سجون أخرى.

وتضيف أن الأسرى يصفون كلا منهما بأنه عبارة عن ثلاجة شتاء وفرن صيفا، وهي أداة للضغط النفسي على الأسير قبل الاستجواب والتحقيق، وخاصة إذا ما كان طفلا، لأن هذا يترك أثرا سلبيا كبيرا عليه، وهو ما حدث مع آلاف المعتقلين الذين يقبع الآن منهم في سجون الاحتلال مئتا طفل، حسب إحصائية نهاية أغسطس/آب الماضي.

المصدر : الجزيرة