اُعتبر مكسبا حقوقيا.. قانون لحماية عاملات المنازل يدخل حيز التنفيذ بتونس

سبق أن كشفت وزيرة المرأة السابقة نزيهة العبيدي عن وجود سوق أسبوعي في إحدى مناطق الشمال الغربي للبلاد يتم فيه المتاجرة بالقاصرات لتشغيلهن معينات منزليات عبر وسطاء وسماسرة.

Tunisia's new parliament members take an oath in Tunis
البرلمان التونسي صادق بشكل رسمي على قانون ينظم العمل المنزلي (رويترز)

تونس– تأمل جهات حكومية وحقوقية تعنى بالمرأة والطفولة أن تسهم مصادقة البرلمان التونسي بشكل رسمي على قانون ينظم العمل المنزلي؛ في وقف معاناة هذه الفئات الهشة، ووضع حد لامتهان كرامة العاملات في المنازل الجسدية والمعنوية واستغلالهن الفاحش من أرباب العمل والبيوت.

وظل العمل المنزلي لعقود مجالا غير مهيكل في تونس، حيث لا توجد أرقام رسمية لعدد عاملات المنازل من جميع الفئات العمرية، لكن وزارة المرأة قدرت العدد بنحو 40 ألفا، فيما اعتبرت جمعيات نسوية حقوقية أن العدد يتجاوز ذلك لنحو 70 ألفا.

وأظهرت دراسة -أنجزتها جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية بعنوان "حالات العنف المسلّط على العاملات بالمنازل كامل الوقت وانعكاساتها على استقلاليتهن"- تعرّض هذه الفئة لأشكال شتى من الاستغلال الاقتصادي والجسدي وحتى الجنسي.

ووصفت فاتن السبعي -وهي مكلفة بمهمة بوزارة المرأة- في حديثها للجزيرة نت عن مصادقة البرلمان التونسي على القانون المتعلق بالعمل المنزلي بأنه مكسب حقوقي وقانوني لهذه الفئة الهشة.

وأوضحت أن هذا المشروع اشتغلت عليه وزارة المرأة لأكثر من سنة ونصف بالتعاون مع وزارات أخرى كالعدل والشؤون الاجتماعية والتكوين المهني والتشغيل، فضلا عن جمعيات ومنظمات حقوقية نسوية في مقدمتها جمعية النساء الديمقراطيات ومركز البحث والتوثيق حول المرأة "الكريديف".

وشددت على أن القانون وضع -لأول مرة- الأطر التشريعية للعمل المنزلي واعتبره قطاعا مهيكلا، كما حدد العلاقة الشغلية بين الأجير والمؤجر عبر مقاربة حقوقية تحدد حقوق وواجبات كلا الطرفين.

 من التهميش إلى التأطير القانوني

ومن أهم الفصول الواردة في القانون الجديد؛ إلزام المشغلين بإمضاء عقد شغل مع العاملات المنزليات وإيداع نسخة منه بإدارة الشغل، ويعرض كل مخالف لعقوبات تصل إلى السجن.

وتم أيضا -وفق السبعي- إدراج قطاع العمل المنزلي ضمن برامج التكوين في وزارة التكوين المهني والتشغيل؛ بهدف توعية المعينات المنزليات والذكور العاملين في هذا المجال بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

وبخصوص آليات الرقابة لضمان تطبيق ما جاء في القانون، أكدت السبعي إدراج حق أعوان إدارة الشغل والشؤون الاجتماعية في الدخول لمنازل المشغلين للاطلاع على وضع العاملات، كما يتعرض كل مخالف -يعمد لتعطيل مهام الرقابة- لعقوبات زجرية.

القانون الجديد وضع أيضا حدا لشركات التشغيل العشوائية وللسماسرة الذين سبق تورطهم في تشغيل فتيات قاصرات يتم جلبهن من المناطق الداخلية الفقيرة وبيعهن لعائلات ميسورة، وهو ما يشبه "سوق النخاسة".

وسبق أن كشفت وزيرة المرأة السابقة نزيهة العبيدي عن وجود سوق أسبوعي في إحدى مناطق الشمال الغربي للبلاد يتم فيه المتاجرة بالقاصرات لتشغيلهن معينات منزليات عبر وسطاء وسماسرة.

وأشارت الوزيرة السابقة إلى أن تلك العمليات تتم بموافقة أسرهن بسبب الظروف الاجتماعية والمادية المزرية.

آليات ردعية

وتثمن بختة القاضي العضو في المرصد الاجتماعي والاقتصادي لجمعية النساء الديمقراطيات -في حديثها للجزيرة نت- أهمية القانون، معتبرة أنه سيوفر لأول مرة آليات قانونية ردعية لضمان عمل العاملات المنزليات في بيئة آمنة تحمي كرامتهن وتضمن حقوقهن.

وشددت على أن قانون العمل المنزلي -الذي شاركت في جلسات نقاشه الجمعية النسوية في البرلمان وقدمت مقترحاتها في الغرض- من شأنه أن يقطع الطريق أمام استغلال السماسرة وأرباب البيوت لتلك الفئات الهشة.

وأوضحت أن جمعية النساء الديمقراطيات سبق أن أطلقت نداءات استغاثة للجهات الحكومية بعد اشتغالها منذ 2019 على دراسة ميدانية عززت شكوكها في استغلال الأطفال القصر في العمالة المنزلية والتعدي على كرامتهم المعنوية والجسدية.

وكشفت القاضي عن وجود حالات استعباد لفتيات من أفريقيا جنوب الصحراء، يتم جلبهن بطرق غير شرعية من عصابات تهريب البشر ومن ثمة بيعهن عبر سماسرة ووسطاء لعائلات تونسية ميسورة.

وشددت القاضي على أن الجمعية النسوية ستقوم بحملات للتعريف بقانون العمل المنزلي وتوعية العاملات في هذا القطاع بحقوقهن التي يضمنها القانون والتبليغ عن التجاوزات.

المصدر : الجزيرة