حظر سري.. معاناة حارس قصور أسود في بريطانيا

British mounted police patrol the Mall outside Buckingham Palace in London, on June 2, 2012. Britain was Saturday set to begin four days of festivities for Queen Elizabeth II's diamond jubilee, with organisers hoping a surge in enthusiasm for the royals would inspire crowds to defy drizzling rain. AFP
دورية لشرطة الخيالة البريطانية في المركز التجاري خارج قصر باكنغهام بلندن (الفرنسية)

قال الكاتب ريتشارد ستوكس -في تقرير نشرته صحيفة "ذا غارديان" (The Guardian) البريطانية، إنه عندما كان مراهقا في عام 1986 أعرب الأمير تشارلز عن "قلقه الشديد" بشأن التمييز المحتمل ونقص السود في المرافقين العسكريين للملك.

وحين رأى برايان -والد ستوكس- ذلك شجّعه على الفور على التقدم للانضمام إلى لواء الحرس النخبة بصفته ابنه بالتبني وهو أسود البشرة.

آنذاك، كان ستوكس قد أنهى دراسته الثانوية للتو. ونظرا لأنه كان مهتما بالجيش -على المدى الطويل- والتحق بطلاب الجيش في بريستول؛ بدا الانضمام إلى الجيش النظامي اختيارا مهنيا جيدا. ولم يكن يعلم في ذلك الوقت أن الفوج الذي سيكون جزءا منه لم يشهد انضمام شخص أسود مطلقا إلى صفوفه. وذكر ستوكس أنه واجه العنصرية طوال طفولته بأشكال عديدة، مع بذل والده قصارى جهده لإعداده للمواقف التي قد يواجهها؛ ومع ذلك، لم يكن مستعدا لما كان الحرس يخبئه له عندما دخل بوابات مركز تدريب الحرس آنذاك في "بيربرايت" بمقاطعة "سري" في سبتمبر/أيلول عام 1986.

في اليوم الأول من تدريبه، وقع "الترحيب" بستوكس من خلال إطلاق الافتراءات العنصرية والاستجوابات والتهديدات بالقتل والزائرين المنتظمين إلى غرفته في الثكنات الذين كانوا يحدقون ويصرخون ويسخرون من المشهد الأسود أمامهم. ولم يتوقف السلوك العنصري؛ حيث تعرض ستوكس للنبذ وإطفاء السجائر في طعامه وإلقاء الموز عليه وتلقّي رسالات كراهية، بما في ذلك رصاصة مكتوب عليها اسمه. وتجدر الإشارة إلى أن الأشهر الستة الأولى من عمله كانت جحيما.

على الرغم من ذلك، لم يتوان ستوكس عن المثابرة. وفي عام 1988 كان أول يوم له -كرامي قنابل يدوية بحفل للحراس- قصةً إخباريةً وطنية. وفي النهاية، أمضى ستوكس عامين آخرين في خدمة الملكة والعائلة المالكة، حيث تولى حراسة المساكن بما في ذلك قصر باكنغهام وقلعة وندسور وكلارنس هاوس.

وأضاف ستوكس أنه بعد كل الإساءات العنصرية التي تعرض لها في حراسة العائلة المالكة؛ شعر بالحزن عندما قرأ هذا الأسبوع أنه كان هناك حظر داخل القصر نفسه على موظفي الأقليات العرقية. وفي الوقت الراهن، يعلم الجميع الآن أنه في عام 1968 -وربما لأعوام مديدة بعد ذلك- "لم تكن من الممارسات المقبولة تعيين المهاجرين الملونين أو الأجانب" في مناصب دينية بالأسرة المالكة، وذلك وفقا لما ذكره المدير المالي للملكة في ذلك الوقت.

وأشار ستوكس إلى أن الأخبار التي تفيد بوجود سياسة تمييز عنصري في القصر تعزز خيبة أمله من عدم إحراز تقدم في القضاء على العنصرية بالمجتمع. وإلى اليوم، يمكن للعائلة المالكة المساعدة في إحداث تغييرات في المواقف من خلال اتخاذ إجراءات، كما فعل الأمير تشارلز في عام 1986. وعموما، تعني المكانة البارزة للقصر بالمجتمع البريطاني أنه يمكن أن يكون قدوة في التنوع والاندماج وأن يكون شفافا بشأن سياساته الخاصة.

وكانت نتيجة القيادة الأخلاقية لتشارلز تتمثل في تمكّن ستوكس من كسر تقليد طويل الأمد "للبيض فقط" وإلهام الأقليات العرقية الأخرى للانضمام إلى الحرس. وقد يكون الجيل القادم من أفراد العائلة المالكة قادرين على الارتباط بشكل وثيق بالشعب البريطاني الأصغر سنا، وإظهار توافقهم مع المشاعر المناهضة للعنصرية التي وقع التعبير عنها بقوة طوال عام 2020.

وأوضح ستوكس أنه واصل مهامه الرسمية حتى استقال من رماة القنابل في عام 1990. وحاول والده إقناعه بتغيير رأيه، لكنه كان متشبثا بقراره حتى إن والده كتب عدة مرات إلى الأمير تشارلز ليرى ما إذا كان بإمكانه إقناعه بتغيير قراره. وفي الواقع، لم يكن ستوكس مستعدا للاستمرار في تحمل المزيد من العنصرية، وخاصة أنه كان ينوي الارتقاء في الرتبة. وما تحمّله خلال الأعوام الأربعة التي خدمها مع الحرس رماة القنابل كان شيئا لا يجب أن يجربه أي شخص من أي خلفية، خاصة عندما يلتزمون بخدمة الملكة والبلد.

المصدر : غارديان