تهديدات مستمرة لناشطين عراقيين عبروا عن آرائهم عبر كلوب هاوس

بعد تلقي العديد من النشطاء تهديدات عبر مواقع التواصل للتعبير عن آرائهم، وجد البعض في انطلاق "كلوب هاوس" فرصة سانحة معتقدين أنه أكثر أمانا.

صورة توضح ناشط على برنامج كلوب هاوس وهو يستخدم التطبيق في مدينة البصرة - تصوير أزهر الربيعي - البصرة
ناشط عراقي خلال استخدام تطبيق "كلوب هاوس" (الجزيرة نت)

في ظل زحمة التكنولوجيا وتدفق التطبيقات المستخدمة في التواصل الاجتماعي، ضجت المنصات في العراق بالحديث مؤخرا عن تطبيق "كلوب هاوس" (Clubhouse) والذي يتميز بإمكانية الحديث الصوتي والتفاعل المباشر، بعد طلب السماح بذلك من مدير غرفة التحدث، وهذا ما يميزه عن بقية وسائل التواصل الأخرى.

التطبيق أُطلق في أبريل/نيسان 2020 وسجل انتشارا كبيرا خلال جائحة كورونا، حيث يقضي الناس الكثير من أوقاتهم في البيوت.

ووصل كلوب هاوس للعراقيين ووجدوه فرصة مواتية للتعبير عمّا يريدون بحرية، ففيه يناقشون القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، كما أن فئة "التشرينيين" (مصطلح يطلق على ناشطي ساحات المظاهرات التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019) هم الفئة الأعلى من مستخدمي هذا التطبيق.

لا يزال الدخول إلى "كلوب هاوس" غير متاح لجميع الأجهزة الإلكترونية، ومن يريد الانضمام فعليه أن يحصل على دعوة يبعثها له أحد الأشخاص من داخل التطبيق. ومن يخالف شروط الاستخدام، يتم طرده ومن قام بدعوته.

الناشط المدني والسياسي أيوب الخزرجي_
الخزرجي خلال مشاركته في مظاهرة بساحة التحرير في أكتوبر/تشرين الأول 2020 (الجزيرة نت)

تهديد ووعيد

أيوب الخزرجي (30 عاما) من بين الناشطين الذين تلقوا التهديدات بسبب نشاطه على "كلوب هاوس" وقد اضطر لمغادرة بغداد إلى مدينة أربيل في إقليم كردستان جراء التهديدات التي تلقاها بسبب نشاطه.

حول "كلوب هاوس" يقول الخزرجي للجزيرة نت إن التطبيق مفتوح للجميع، ويمتاز بعدم وجود جيوش إلكترونية تجدها في التطبيقات الأخرى، كما أنه لا يحتوي على شخصيات مجهولة، والمتحدث يكون بصوته ويعرف عن نفسه.

وعن التهديدات التي واجهها بسبب نشاطه، يقول الخزرجي إنه تلقى شتى أنواع التهديدات منها الشفوية، ومنها رسائل عبر حساباته الشخصية، ويضيف أن أغلب التهديدات "بسبب نشاطه في مظاهرات تشرين وكيفية إعادة تنظيمها من جديد" وأن مصدرها أشخاص يدعون أنهم من التيار الصدري.

لا يتفق صفاء التميمي، الناطق الرسمي باسم سرايا السلام التابعة للتيار الصدري، مع ما قاله الخزرجي، موضحا أن غرف "كلوب هاوس" غير حصرية، مشيرا إلى أن هناك غرفا لأتباع التيار الصدري يشترك بها كثير من الناشطين.

وأضاف التميمي بأنه لم يسمع بأي تضييق على الناشطين الذين يبدون آراءهم على مواقع التواصل بما فيها تطبيق "كلوب هاوس".

ودعا كل من يتعرض إلى التضييق من أشخاص يدعون انتمائهم للتيار الصدري أو سرايا السلام للاحتكام إلى القضاء لينال كل شخص جزاءه، مؤكدًا ضرورة عدم تعميم التصرفات الفردية على جهة بأكملها.

ومن جانبه أكد عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية عباس صروط، في حديث لوسائل الإعلام قبل يومين، أن حظر تطبيق "كلوب هاوس" وارد من قبل الجهات الحكومية، إذا كان يشكل تهديدا على الأمن القومي، من خلال استغلاله من قبل "الجماعات الإرهابية".

ولا تتفق النائبة بسمة بسيم، وهي عضوة باللجنة نفسها مع صروط، قائلة نقلا عن رئيس اللجنة "أن لا علاقة للجنة الأمن والدفاع بما صرّح به صروط، وأن موقفنا هو عدم التدخل لحظر كلوب هاوس".

وأضافت "لا أؤيد حجبه كونه فضاء يتيح للجميع المشاركة فيه والتعبير عن آرائهم".

وعن احتمال حظر التطبيق، يقول الخزرجي "لا يستطيع البرلمان التصويت على حظر التطبيق، وإذا دخل قرار الحظر داخل أروقة الحكومة فهذا يثبت مدى فشلها وخوفها من كلوب هاوس".

ويضيف الخزرجي "الحكومة الحالية قمعية استبدادية تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تطمس الأصوات الحرة التي تطالب بحرية التعبير وحرية الوطن من الولاءات الخارجية، نحن نتعامل مع حكومات تسببت بقتل أكثر من 1000 شخص خلال الاحتجاجات السلمية من عام 2019 حتى الآن، وهي ما زالت تمارس شتى أنواع القمع الوحشي".

وينص قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 على المعاقبة بالسجن لمدة لا تزيد على 7 سنوات أو الغرامة لمن أهان بإحدى الطرق العلانية مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة وغيرها من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية وشبه الرسمية.

غير أن الدستور يصرح -حسب أحكام المادة 38- بضمان حرية التعبير للمواطن عن أفكاره وآرائه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو بأية وسيلة أخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة.

الاعلامي عثمان الشلش - الجزيرة نت_
الشلش خلال تغطية إعلامية سابقة في الموصل (الجزيرة نت)

خط أحمر

ليس الناشطون وحدهم من يتعرض للتضييق، الصحفي عثمان الشلش قال للجزيرة نت إنه تعرض لتهديدات وسب وشتم وصلته عبر حساباته على مواقع التواصل، بعد أن شارك بغرف "كلوب هاوس" في نقاشات عن الشأن السياسي، من بينها موضوع انتفاء الحاجة من بقاء الفصائل المسلحة في المناطق التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية، والحاجة إلى إشراك أبناء المدن والأهالي في صنع القرار الأمني.

ويضيف الشلش بأن غالبية مستخدمي "كلوب هاوس" من الشريحة المتعلمة والمثقفة حيث يتم تناول مواضيع جادة وقضايا مجتمعية والتعرف على الثقافات المختلفة "بعيدا عن البرنامج الأخرى التي تعتمد على الفيديوهات الفارغة، وملصقات المشاهير".

هذا الصحفي الناشط يسكن في أربيل بعد مغادرته مدينتهِ سامراء (في محافظة صلاح الدين شمال بغداد) منذ 2014 بعد سيطرة تنظيم الدولة على المحافظة.

المدون حيدر حمزوز
حمزوز يرى أن الحكومة متخوفة من "كلوب هاوس" وتطبيقات أخرى وتتذرع بإمكانية استخدامه من قبل الإرهابيين (الجزيرة نت)

غير آمن

"تستطيع الحكومة عبر التعاون مع حكومات عربية أخرى، معروفة بنشاطها التجسسي ورائدة في مجال حجب التطبيقات، حجب التطبيق عن العراقيين. ولكن يمكن تجاوز عملية الحجب باستخدام برامج VPNs، وقد حدث ذلك سابقاً عندما حاولت الحكومة التضييق وحجب مواقع التواصل عن العراقيين أيام انتخابات، وامتحانات البكالوريا والمظاهرات" كما يقول المدون حيدر حمزوز.

ويرى حمزوز أن محاولة حجب التطبيق من قبل السلطات ما هي إلا حجج واهية بسبب انتشار التطبيق بصورة كبيرة بين العراقيين الذين يتناولون مواضيع جريئة، لذلك تتخوف الحكومة والأحزاب من مثل هذه التطبيقات فتأتي بشماعة الإرهاب.

عضو كتلة المستقبل في البرلمانية سركوت شمس الدين
شمس الدين أكد أنه وكتلته يقفان ضد حظر "كلوب هاوس" وأي من تطبيقات التواصل (الجزيرة نت)

تحدثت الجزيرة نت مع عضو كتلة المستقبل في البرلمان سركوت شمس الدين، الذي قال إن حظر التطبيق ليس من مهام البرلمان، وهناك خطوات من قبل الحكومة يتوجب القيام بها لحظر هذا التطبيق.

وأوضح أن كتلته تقف ضد حظر "كلوب هاوس" أو أي من التطبيقات الأخرى، مشيرا إلى أن الدستور كفل حرية التعبير للجميع.

وعما إذا كان "كلوب هاوس" آمنا، يؤكد حمزوز أنه غير آمن إذا كان النقاش في غرف مفتوحة للمشاركة العامة، حيث يمكن تسجيل كل المشاركات الصوتية، لذلك من الضروري أن يعي المستخدم آلية استخدامه وألا يتداول فيه أي معلومات حساسة أو غير مسؤولة.

ويختم بالقول إن التطبيق مرتبط برقم الهاتف، والموقع الجغرافي، ويعتمد على التسجيل على الدعوة الخاصة، وإن هذه الدعوات متاحة للجميع مما يسهل مراقبتها.

المصدر : الجزيرة