الأقليات في سريلانكا تحذر الدول الإسلامية قبل التصويت بمجلس حقوق الإنسان

يشكل المسلمون حوالي 10% من سكان سريلانكا (رويترز)

أعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن استعداده للتصويت على قرار يتعلق "بتدهور" وضع حقوق الإنسان في سريلانكا.

وحث زعماء الأقليات في سريلانكا أعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي على النظر في التمييز الذي تتعرض له الأقليات في بلادهم، قبل المصادقة بشكل نهائي على سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وواجهت الحكومة سلسلة من الانتقادات من الجماعات الحقوقية والحكومات الإقليمية بشأن مزاعم بالتمييز ضد الأقلية المسلمة من سكانها. وبين الدول البالغ عددها 47 -التي ستشارك بالتصويت في جنيف- بلدان عديدة ذات أغلبية مسلمة، منها باكستان وبنغلاديش.

اتهامات بالتمييز

وأثار القرار الذي اتخذته سريلانكا العام الماضي بإحراق جثث جميع ضحايا فيروس كورونا رد فعل عنيف، حيث أدانته جماعات حقوقية دولية وخبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، أدانت الجماعات الإسلامية هذا القرار بتعلة أنه منعهم من اتباع تقاليد الدفن المعمول بها في عقيدتهم الإسلامية. يُذكر أن المسلمين يشكلون حوالي 10% من سكان سريلانكا.

وفي فبراير/شباط، قضت الحكومة بإمكانية دفن جثث الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا. وقد لاقى هذا ترحيبا من قبل رؤساء بعض الدول الإسلامية، بمن فيهم رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.

من جانبه، قال المحاضر بجامعة جافنا، ماهيندران ثيروفارانجان، إن قرار الحكومة السريلانكية السماح بدفن جثث وفيات فيروس كورونا أظهر "نفاقها" مشيرا إلى أنه "يجب على الدول الإسلامية الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان ألا تقع في هذا الفخ، نظرا لأن حدة التمييز ضد الأقليات، واستقطاب طوائف الأقليات من البلدان ذات الأغلبية البوذية، قد ازدادت منذ وصول النظام الجديد إلى الحكم".

وفي 13 مارس/آذار الجاري، قال وزير الأمن العام في سريلانكا سارات ويراسيكيرا إن بلاده ستحظر ارتداء البرقع (النقاب) تماما وتغلق أكثر من ألف مدرسة إسلامية، في أحدث الإجراءات التي تستهدف المسلمين.

اتصالات اللحظات الأخيرة

قام رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا مؤخرا بجولة رسمية استغرقت يومين في بنغلاديش، التقى فيها نظيرته الشيخة حسينة.

وقالت منظمة التعاون الإسلامي في بيان الأحد إن أمينها العام، الدكتور يوسف العثيمين، تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا، ناقشا فيه "أوضاع الجالية المسلمة والعلاقات بين المنظمة وسريلانكا".

وأشاد العثيمين بالمكالمة الهاتفية للرئيس السريلانكي واستعداده للانفتاح والتواصل مع المنظمات الدولية، ورحب بقرار الحكومة السماح للمسلمين بدفن موتاهم وفقا للشعائر الإسلامية.

من جهته، قال حلمي أحمد نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا إن محاولات الحكومة الضغط من أجل كسب دعم الدول الإسلامية قبل تصويت مجلس حقوق الإنسان في سريلانكا غدا يمكن أن تكون ناجعة، مضيفا "الدول الإسلامية نفسها تعتبر من أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم".

اقتراح حظر النقاب

وواجهت الحكومة انتقادات من الحلفاء الإقليميين والجماعات الإسلامية بعد أن قال وزير الأمن العام ساراث ويراسيكارا في وقت سابق من هذا الشهر إنه وقّع على ورقة وزارية تقضي بالموافقة على حظر النقاب. وقال أيضا إن الحكومة ستحظر الملابس التي تغطي كامل الجسم والوجه والتي ترتديها بعض المسلمات.

ولاحقا، أصدرت الخارجية بيانا ذكرت فيه أن الدعوة لحظر النقاب كانت مجرد "اقتراح" استند إلى "الإجراءات الاحترازية" لضمان "الأمن القومي" في أعقاب التحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق الرئاسية بشأن هجمات عيد الفصح، وأن الحكومة ستستغرق بعض الوقت للنظر في الاقتراح.

كما صرّح الوزير للجزيرة بأنه قدم مقترح "الأمن القومي" للحكومة والذي يقضي بحظر جميع أغطية الوجه، مشيرا إلى أنه "في حال قال الناس إن الأقليات تتعرض للتمييز، فهذه المزاعم خاطئة، حيث يعيش الجميع في تآزر. أين التمييز في هذا الأمر؟".

وأضاف "يمكن للمسلم أو التاميلي شراء قطعة أرض في أي مكان وبدء عمل تجاري، بينما لا يمكن للسنهاليين (أكبر عرقية في البلاد) الذهاب إلى مدينة جافنا والاستقرار هناك. لهذا السبب، هناك شعور بالتمييز. ولكن معظم مزاعم التمييز الموجهة ضد الحكومة كانت قصصا ملفقة".

الملاحقات القضائية المحتملة

ومن شأن المصادقة على قرار الأمم المتحدة أن يمهّد الطريق أمام محاكمة شخصيات عسكرية وحكومية بسبب دورها في أحداث نهاية الحرب الأهلية بين القوات الحكومية وحركة "نمور تحرير إيلام تاميل" الانفصالية التي استمرت 37 عاما وانتهت عام 2009.

وفي يناير/كانون الثاني، دعت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق، وحثت على فرض عقوبات على كبار القادة وغيرهم من المتهمين بارتكاب جرائم حرب. كما اتهمت سريلانكا بالتراجع عن وعودها بضمان العدالة لآلاف المدنيين الذين قتلوا نهايات الحرب.

المصدر : الجزيرة