منظمة حقوقية: مصر شهدت انتهاكات بالجملة في أول 100 يوم من "إستراتيجية حقوق الإنسان"

رصدت منظمة "كوميتي فور جستس" انتهاكات تشريعية وحقوقية وإعدامات بشكل جماعي في مصر، وأكدت المنظمة أنه رغم إلغاء حالة الطوارئ فإنه ترافق مع ذلك تعديلات على قوانين خاصة بالمحاكمة العادلة تزيد تقويض ضماناتها

استغاثة لإنقاذ المعتقلين من الانتهاكات بسجن ليمان المنيا بوسط مصر (مواقع التواصل).
"كوميتي فور جستس" رصدت خلال فترة الـ100 يوم من إعلان الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر 1046 اعتقالا تعسفيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

القاهرة- "إن الواقع المرصود على الأرض في مصر بعد 100 يوم من إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في 10 سبتمبر/أيلول الماضي يؤكد على أن تلك الإستراتيجية لم تتعد كونها حبرا على ورق"، بهذه المقدمة استهلت منظمة "كوميتي فور جستس" (Committe for Justice) في تقرير نشرته بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وقالت المنظمة -في بيان وصلت للجزيرة نت نسخة منه- إنه خلال فترة الـ100 يوم تلك وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان -الذي يحتفل به العالم في 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام- رصدت الفرق المختلفة التابعة لها انتهاكات تشريعية وحقوقية وإعدامات بشكل جماعي في مصر، وإنه رغم إلغاء حالة الطوارئ في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 فإنه ترافق مع ذلك تعديلات على قوانين خاصة بالمحاكمة العادلة تزيد تقويض ضماناتها.

يذكر أن منظمة "كوميتي فور جستس" هي جمعية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان تأسست عام 2015 على يد مجموعة من الناشطين الحقوقيين في مدينة جنيف السويسرية.

وأوضحت المنظمة أنه في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021 وافق البرلمان المصري على مقترح الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 2014/136 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، ليصبح قانونا مستمرا بدل أن كان تنفيذه مقتصرا على عامين فقط.

وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وافق البرلمان أيضا على تعديلات قانون مكافحة الإرهاب، والتي كان من أبرزها إضافة نص المادة "32 مكرر"، والتي أجازت لرئيس الجمهورية فرض عقوبات تصل إلى السجن المشدد على من يخالف التدابير المخول له اتخاذها بموجب المادة 53 من القانون ذاته.

كما أشارت المنظمة إلى أن القضاء المصري أصدر في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 حكما نهائيا بإعدام 3 متهمين في القضية رقم 2020/3354 جنايات أمن دولة طوارئ العجوزة المعروفة إعلاميا بـ"خلية المرابطين".

كما أصدرت محكمة جنايات القاهرة -الدائرة الأولى إرهاب المنعقدة في طرة- بجلسة 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 حكما على متهمين بالسجن المؤبد، ومعاقبة متهم بالسجن المشدد 15 عاما، و10 سنوات لآخر، وعاقبت متهمة بالسجن 3 سنوات في اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية بقضية جنايات أمن دولة لسنة 2021، والمعروفة باسم "داعش.. الزاوية الحمراء".

كذلك رصدت "كوميتي فور جستس" خلال فترة الـ100 يوم من إعلان الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر 1046 اعتقالا تعسفيا في 10 محافظات مصرية مختلفة، و187 حالة اختفاء قسري، منهم 11 شخصا تم إخفاؤهم داخل مقار الاحتجاز بعد حصولهم على حكم بالبراءة من محكمة أمن الدولة طوارئ، وتم تدويرهم على قضايا جديدة.

وأيضا تعرض 53 متهما للتدوير "الاعتقال المتجدد" -سواء بعد صدور أحكام بحقهم أو بعد إخلاء سبيلهم- مثل محتجزي معسكر قوات الأمن المركزي في أسوان الذين حصلوا على قرار بإخلاء السبيل وفوجئوا بقوات الأمن تقوم بنقلهم في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من أسوان إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا في التجمع الخامس بالقاهرة، للتحقيق معهم على ذمة القضية 2021/2380 حصر أمن دولة عليا، ثم نقلهم إلى سجن القناطر للرجال، في رحلة دامت 72 ساعة، وذلك عقب يومين فقط من نجاتهم من الموت بسبب السيول التي غمرت أسوان خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

الحرمان من الرعاية الصحية

كما رصدت المنظمة وفاة 10 محتجزين داخل مقار الاحتجاز المصرية خلال أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، معظمهم نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية، من ضمنهم البرلماني السابق حمدي حسن الذي توفي داخل سجن العقرب نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية لمدة 8 سنوات منذ احتجازه في 2013.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى رصد 17 انتهاكا ضمن الحرمان من الرعاية الصحية في 8 مقار احتجاز على الأقل، ضمنها حالات حرجة أو مصابة بأمراض خطية، مثل فاطمة عبد الرسول (47 عاما) المحتجزة منذ سبتمبر/أيلول الماضي على ذمة القضية 2021/200 حصر أمن دولة، وتتعرض للحرمان من الرعاية الصحية اللازمة التي تتطلبها حالتها، حيث إنها مصابة بسرطان الدم وترفض السلطات علاجها داخل مستشفى وتصمم على إبقائها في سجن القناطر للسيدات.

وفي ما يخص إساءة المعاملة والتعذيب داخل مقار الاحتجاز رصدت المنظمة عدة شكاوى من تصاعد الانتهاكات داخل 6 منها على الأقل، من ضمنها ليمان المنيا، وسجن الزقازيق العمومي، وسجن طرة شديد الحراسة 992 (المعروف بسجن العقرب)، وأيضا تم رصد استغاثة ذوي المحتجزين في سجن شبين الكوم العمومي لإنقاذ ذويهم من الانتهاكات التي تتم بحقهم من قبل رئيس مباحث السجن والمخبرين ودخولهم في إضراب عن الطعام، كذلك تم رصد وقوع اعتداءات من قبل ضباط سجن وادي النطرون 440 على سجين أردني يدعى سامي الجزرة، حيث تعرض للسرقة والضرب والإيداع التعسفي داخل زنازين التأديب الانفرادية.

وشددت "كوميتي فور جستس" على أن كل تلك الوقائع المرصودة خلال فترة الـ100 يوم من إطلاق "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" بمصر تؤكد أنه لا أثر لبنود ومحاور تلك الإستراتيجية الوهمية على أرض الواقع، فالانتهاكات مستمرة، وتسييس القضاء وتفصيل القوانين لقمع الأصوات المعارضة مستمر وبلا هوادة، مما يبرهن على أن تلك الخطوة كانت مجرد إجراء شكلي ليس أكثر من السلطات المصرية لتخفيف الضغط الدولي عليها.

كما دعت المنظمة السلطات المصرية لإعمال نصوص "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" بشكل واقعي، ودعم حقوق الإنسان في مصر بالأفعال لا بالأقوال، والكف عن التلاعب بالقوانين وجعلها مسخّرة لخدمة النظام السياسي، وإطلاق الحريات، وتحسين مناخ العمل السياسي والحقوقي في البلاد، والإطلاق الفوري لسراح معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين تعسفيا.

المصدر : الجزيرة