المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب تدين المحاكمات العسكرية والتضييق على حرية التعبير في البلاد

محاكمة المدنيين بمن فيهم المدونون أمام القضاء العسكري يثير الكثير من الجدل في تونس (الأوربية)

أكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في تقريرها لشهر أكتوبر/تشرين الأول 2021 معارضتها لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، بمن فيهم المدونون، لتعارض هذه المحاكمات مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.

واستعرضت المنظّمة عددا من الانتهاكات والاعتداءات التي طالت المدوّنين سليم الجبالي وشرف الدين الضيفلي وأمينة منصور ونزار غرياني وهاجر وسلاتي، على خلفية تدوينات عن رئيس الدولة.

وأوضحت أن التدوينات موضوع الإحالة هي مواقف سياسية وشخصية لأصحابها تجاه رئيس الجمهورية قيس سعيد بوصفه شخصية سياسية ومدنية، وفي هذه الحالة تعتبر النيابة العسكرية أنها مختصة بالنظر في إحالة الملف أمام القضاء العسكري باعتبار أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ونشرت المنظمة في تقريرها معارضتها التامة لعقوبة السجن في قضايا النشر والصحافة، على غرار محاكمات المدونين أمام القضاء العسكري والقضاء العدلي بسبب تدوينات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن المواقف وإن كانت محل تجريم فتكون من اختصاص القاضي العدلي وليس العسكري.

ويتضمن التقرير توصيفا للاعتداء الذي تعرض له الناشط الحقوقي بدر بعبو من قبل شخصين أحدهما يرتدي زيا أمنيا رسميا، وذكر أن محامي بعبو تقدموا بشكاية موثقة إلى النيابة العمومية لكنها لم تتخذ أي تدابير استعجالية، رغم أن الجريمة تكتسي طابعا تلبسيا حسب نص التقرير.

العدالة الانتقالية مهددة

ويرى حقوقيون أن التجاوزات الدستورية التي يقوم بها سعيد خطيرة ولا تبشر بعودة المسار الديمقراطي للبلاد. وقال منذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في تصريح للجزيرة نت "مسار العدالة الانتقالية يجب أن يتواصل، لكن السلطة الحالية تتعامل بغموض فيما يخص العدالة الانتقالية، ونحن نطالب بتعديل القوانين الموجودة حاليا وأن تصبح محاكمة المدنيين أمام القاضي الجزائي العدلي كما ينص على ذلك النص 110 من الدستور بأن ينظر القضاء العسكري في القضايا العسكرية فقط".

وأضاف الشارني "إحالة المدونين أو النواب أو غيرهم من المدنيين أمام القضاء العسكري مرفوضة وحتى الإحالة على القضاء الجزائي العادي بسبب مواقف سياسية هو أمر خطير، فحرية التعبير مكفولة في الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس".

وفيما يخص بطاقة الجلب الدولية في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، قال الشارني إن الأمر ليس له مبرر وليس هناك جريمة تستوجب محاكمته أو جلبه، بل هو تقدير سياسي حتى لو رفضت كتصريحات سياسية فهي لا تصل إلى درجة المحاكمة.

الحلول المقترحة
وفي حديث للجزيرة نت، وصفت إسلام حمزة الناطقة باسم مجموعة "محامون لحماية الحقوق والحريات" ما يحدث بأنه إصرار على التنكيل بالخصوم السياسيين في المحاكم العسكرية، والنصوص المعتمدة في ذلك هي نصوص تحمل تهما كبرى مثل التآمر على أمن الدولة ومعنويات الجيش التي أصبح استخدامها بصفة عشوائية، حسب قولها.

واستنكرت المحامية التضييق على المحامين والمدونين والصحفيين الذين عارضوا قرارات سعيد الأخيرة ومحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، خاصة أن رئيس الجمهورية يحتكر جميع السلطات وألغى هيئة مراقبة دستورية القوانين وإمكانية الطعن في المراسيم التي يصدرها، وبذلك انتهت المراقبة الفعلية، حسب قولها.

وترى حمزة أن الحلول المقترحة تبدأ من العدل عن اعتماد الفصل 80 الذي برر به سعيد قراراته الاستثنائية، التي قالت إنها لا تخول لرئيس الدولة القيام بإجراءات جذرية بحق مؤسسات الدولة والقوانين.

وأضافت أن العودة لما قبل 25 يوليو/تموز يجب أن يكون بطريقة توافقية يشارك فيها جميع الفرقاء السياسيين، أقلها إقرار إنهاء التدابير الاستثنائية والدخول إلى انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وشفافة.

المصدر : الجزيرة