أبناؤها يعرفونها بالصور.. الأسيرة نسرين أبو كميل تعانق الحرية وتُحرم من لقاء عائلتها بغزة

الأسيرة نسرين أبو كميل تتوشح بالعلم الفلسطيني بعد الإفراج عنها من سجن الدامون الإسرائيلي (الجزيرة)

القدس المحتلة- بفرحة منقوصة، عانقت الأسيرة الفلسطينية نسرين أبو كميل (46 عاما)، الحرية بعد 6 سنوات في الأسر الإسرائيلي. وقد منعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية من العودة لقطاع غزة، حيث تقطن عائلتها.

وبعد 9 ساعات من الانتظار، أفرج الاحتلال عن نسرين أبو كميل من سجن الدامون. وهي من مواليد مدينة حيفا، ومتزوجة في قطاع غزة منذ 20 عاما.

رغم بُعدها القسري عن زوجها وأولادها السبعة في غزة، لم تكن المحررة أبو كميل وحدها، فقد عاشت نشوة الحرية قبالة سجن "الدامون" مع العديد من نشطاء وناشطات "حراك حيفا" وجمعية "طالعات"، الذين استقبلوها بالزغاريد والأهازيج الوطنية، مرددين "يا نسرين إحنا معاكِ.. الحرية بتسنتاكِ".

وخلّفت أبو كميل وراءها 32 أسيرة فلسطينية يحتجزن في ظروف مزرية بسجن الدامون، الأقدم بين السجون الإسرائيلية.

نشطاء من مدينة حيفا يستقبلون الأسيرة نسرين أبو كميل (الجزيرة)

تنغيص وحرمان

وحتى الإفراج عنها، امتنعت وزارة الداخلية الإسرائيلية عن إصدار تصريح يتيح لها الدخول إلى غزة، ولم شملها بأفراد عائلتها الذين حُرمت من زيارتهم طوال سنوات الأسر. وستحلّ أبو كميل ضيفة في مدينتها حيفا إلى حين اجتماعها بزوجها وأولادها في القطاع.

وتحدثت أبو كميل للجزيرة نت عن تجربتها في الأسر ومشاعرها حين كسرت طوق السجان وعانقت الحرية. وقالت إن فرحتها ممزوجة بالدموع، ومشاعر الحزن تجتاحها لحرمانها من العودة لزوجها وأولادها، وهم الذين كانت تسمع أصواتهم ورسائلهم عبر أثير الإذاعات الفلسطينية التي يصل بثها سجن الدامون.

اعتصام حتى دخول غزة

وأعلنت أبو كميل رفضها الإجراءات الاحتلالية، وقالت إنها ستعتصم قبالة معبر بيت حانون "إيرز"، المؤدي إلى قطاع غزة، وستمكث هناك حتى يسمح لها بالعودة لعائلاتها.

وحسب الأسيرة، فقد رفضت سلطات الاحتلال طلبها بالعودة إلى قطاع غزة بذريعة أنها تحمل الجنسية الإسرائيلية، وهي الجنسية التي فرضت على فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948.

وقالت أبو كميل "أنا متزوجة في غزة منذ 20 عاما، ومن حقي العودة لمنزلي ولم شملي مع زوجي وأولادي.. انتظرت الأيام وعددت الساعات حتى أعود إليهم".

رسائل الأسيرات

وحملت أبو كميل رسالة من الأسيرات الفلسطينيات، حثت، من خلالها، الشعب الفلسطيني على مساندة الأسرى الذين يواجهون آليات القمع والتنكيل الإسرائيلي يوميا.

وحسب الأسيرة المفرج عنها، فإن 3 أسيرات هن منى قعدان وشاتيلا أبو عيادة وأمل أبو قصاصة، شرعن بالإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجا على القمع والتنكيل بحق الأسرى عامة، وعلى سياسة الإهمال الطبي المتعمد.

وناشدت الأسيرات بعدم استثنائهن من أي صفقة تبادل مستقبلية، وطالبن بتصعيد النضال الشعبي لنصرتهن.

نسرين أبو كميل تتواصل فور تحررها مع عائلتها بغزة عبر شبكات التواصل الاجتماعي (الجزيرة)

تواصل افتراضي

وإن لم تصل إليهم جسديا، فإن نسرين أبو كميل تمكنت لأول مرة منذ اعتقالها، بالتواصل مع زوجها وأولادها عبر تطبيقات الاتصال المرئي. ولوحت بيدها لهم في حين سبقت دموعها كلماتها التي حلت مكانها الزغاريد وصوت الفرحة القادمة من غزة.

وبصوت مخنوق بالدموع، كانت المحررة أبو كميل تنادي ابنها البكر فراس وآخر العنقود أحمد الذي كان بعمر 8 أشهر عند اعتقالها.

أما ابنتها أميرة، فكانت في عمر 11 عاما عند اعتقال والدتها، وإليها أسندت مهمة رعاية أشقائها ووالدها في غياب الأم قسرا بالسجون الإسرائيلية.

في غزة، كانت فرحة زوج نسرين، حازم أبو كميل (50 عاما)، وأبنائها فراس وفارس وأميرة وملك وداليا ونادين وأحمد، غامرة، بانقضاء سنوات القهر والعتمة في سجون الاحتلال.

نسرين أبو كميل تقرر الاعتصام قبالة معبر بيت حانون حتى يسمح لها بالعودة لزوجها وأولادها (الجزيرة)

تهمتها "التجسس"

واعتقلت سلطات الاحتلال نسرين في 18أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بعد استدعائها من الاحتلال في معبر بيت حانون (إيرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، شمال قطاع غزة. وحكم عليها بالسجن 6 سنوات، بتهمة التجسس وهو ما وصفته أسرتها في غزة بأنها باطل.

ويقول زوجها حازم، للجزيرة نت، إنهما تعارفا خلال عمله داخل مناطق الخط الأخضر قبل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وتزوجها وانتقلت للإقامة معه في غزة.

ودأبت نسرين على زيارة ذويها في حيفا حتى اعتقالها، حيث اتهمتها مخابرات الاحتلال بتصوير ميناء حيفا لغرض "التجسس" في آخر زيارة لها عام 2014.

وقال الزوج أبو كميل إنه وأبناءه حُرموا من زيارتها طوال سنوات اعتقالها التي مرت "ثقيلة كئيبة". وصمت للحظات، ثم أضاف "اليوم بتحرر نسرين من السجن أصبح للحياة طعم ومعنى".

عاشت عائلة الأسيرة نسرين أبو كميل معاناة شديدة بمنع أطفالها من زيارتها مدة 6 أعوام (الجزيرة)

غياب وقسوة

يقول أبو كميل إن غياب نسرين عن منزلها وأطفالها كان يزداد أثره قسوة في المناسبات والأعياد، وكان أثره شديداً على بناتها، اللواتي تحمّلن مسؤولية العائلة مبكرا.

وبشوق وحنين ليوم الحرية، وضع أبو كميل وأبناؤه تقويما "رزنامة " لآخر 100 يوم لنسرين في السجن، وكانوا في كل صباح يشطبون ما انقضى منها. وقال "كانت أياما بطيئة ولكنها مرت بكل مرارتها، والآن ننتظر نسرين ليجتمع شملنا من جديد".

وقال أبو كميل إن أبناءه لا يعرفون والدتهم إلا من خلال صور قديمة، وسمعوا صوتها لمرات قليلة يأتيهم خافتاً عبر الهاتف من السجن "وكان القلق يسيطر علينا خشية عليها من الظروف القاسية داخل السجن".

وتعتقل سلطات الاحتلال أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني في سجونها، بينهم 32 امرأة، و225 طفلا، وهي أرقام تتغير باستمرار، وفق تقديرات مؤسسات مختصة بقضايا الأسرى.

المصدر : الجزيرة