بالفيديو.. حملة للمطالبة بالإفراج عن كبار السن والمرضى في السجون المصرية

ماذا يستفيد النظام المصري من حبس سيدة تجاوز عمرها 60 سنة لخصومة سياسية معها أو مع أحد أفراد أسرتها؟ وماذا يشكل شيخ تعدى الـ70 أو الـ80 من عمره من خطورة عليه؟

تساؤلات طرحتها حملة "باطل" في حملتها التي أطلقتها قبل يومين للإفراج عن كبار السن والمرضى المعتقلين في السجون المصرية، والذين يقدر عددهم بنحو 6 آلاف تقريبا.

وقالت الحملة في بيان نشر عبر صفحتها بموقع فيسبوك "على مدار 7 أعوام يوجد آلاف من المنسيين لا يتحدث عنهم أحد في سجون السيسي، وكأنه أصبح من الطبيعي أن يمكثوا في السجون حتى الموت، بل بالفعل مات الكثيرون داخل السجن لغياب الرعاية الصحية وظروف الحبس غير الإنسانية".

وقالت منظمات حقوقية إن المواطن محمد صبحي البالغ من العمر 74 عاما توفي أمس الأربعاء في قسم أول الزقازيق بمحافظة الشرقية بسبب الإهمال الطبي المتعمد بحقه، بعد حرمانه من الدواء رغم سنه الكبير ومعاناته من مياه على الرئة.

كبار السن.. أرقام ومشاهير

من جانبه، قال المتحدث باسم حملة "باطل" أحمد ناجي للجزيرة نت إن نسبة كبار السن والمرضى داخل السجون المصرية تتراوح -بحسب حصر تقريبي- بين 7 و9% من إجمالي المعتقلين في سجون مصر والذي يبلغ عددهم أكثر من 60 ألفا بين مسجون ومحبوس احتياطيا ومختفٍ قسريا.

وأشار إلى أنه بناء على الحصر الذي قامت به الحملة فإن 90% من كبار السن والمرضى في السجون المصرية هم من الرجال.

وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي في تصريحات للجزيرة نت إن أرقام الانتهاكات بحق السجناء قد "تعدت المعقول".

وأوضح بيومي أن نسبة المرضى وحالات كبار السن داخل مقار الاحتجاز المصرية قد تتعدى 10% من أعداد المعتقلين التقريبية.

ومن أبرز حالات كبار السن داخل السجون المصرية المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، والأستاذ الجامعي رشاد بيومي، وعبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق رئيس حزب مصر القوية، والمستشار هشام جنينة، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور حازم حسني، والسيدة علا يوسف القرضاوي ذات الـ55 عاما، والعضوة السابقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان هدى عبد المنعم التي تبلغ من العمر 61 عاما.

كما تعد حالة الزميل الصحفي في قناة الجزيرة محمود حسين من أبرز الحالات المرضية داخل السجون المصرية، والذي يعاني من تدهور في حالته الصحية، وأيضا البرلماني السابق زياد العليمي، وعائشة الشاطر المحتجزة في زنزانة انفرادية وتعاني من حالات إغماء متكررة، كذلك الصحفية علياء عواد صاحبة الـ31 عاما التي أصيبت بورم ليفي نتيجة ورم في الرحم، وفقدت أكثر من نصف وزنها.

وإلى جانب هؤلاء الأستاذ في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أحمد إسماعيل ثابت المحكوم عليه بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا بـ"التخابر مع قطر"، ويعاني من تضخم شديد في عضلة القلب، والبرلماني السابق عيد دحروج الذي يتابع في قضية جديدة بعد حصوله على البراءة في القضية المعروفة إعلاميا بـ"التخابر مع حماس" رغم بلوغه 71 عاما.

الإنسانية الغائبة

وكانت منظمات حقوقية ومدنية مصرية أصدرت تقريرا حقوقيا في أبريل/نيسان الماضي تحت عنوان "الإنسانية الغائبة" تناول وضع الفئات الأكثر ضعفا داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، والأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، وما قد يسببه انتشار الفيروس من انتهاكات مضاعفة في حقهم.

وأشارت المنظمات الحقوقية في تقريرها -من زاوية إنسانية- إلى مجموعة من الفئات داخل السجون ومقار الاحتجاز هي النساء والأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة أو الخطرة، وهم يشكلون الفئات الأكثر ضعفا لكونهم أكثر احتياجا لمعاملة خاصة، في ظل استمرار هذا الوباء وانتشاره وحصده الأرواح دون وجود آلية طبية علاجية تستطيع إيقافه، مع سوء الرعاية الطبية والخدمات الصحية داخل السجون.

خطة إنقاذ

وعن أسباب إطلاق الحملة الحالية ومستقبلها، قال أحمد ناجي "قررنا في الحملة أن نكون نقطة الانطلاق، ونعمل على إيقاظ ضمير المصريين وكل أحرار العالم للمطالبة بوقف عمليات القتل البطيء في سجون مصر حتى ولو لكبار السن والمرضى".

وأضاف ناجي في حديثه للجزيرة نت أن "من الأسباب التي دفعتنا لإطلاق حملة إفراج هو تردي الأوضاع الصحية في مصر بشكل عام نتيجة فشل الحكومة وعدم اكتراثها بصحة المواطنين، يضاف إلى ذلك الإهمال الطبي المتعمد للمعارضين المعتقلين في السجون، وكانت الفئة الأكثر تضررا وتعرضا للموت هي فئة كبار السن وأصحاب الأمراض التي تحتاج رعاية طبية خاصة والتي من المستحيل توافرها داخل السجون المصرية".

وأوضح أن كبار السن والمرضى من السجناء يعانون من بعض الأمراض مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض الكبد المزمنة، وبعضهم يعانون من التهاب الأعصاب، فضلا عن معاناة الكثيرين من أمراض الشيخوخة، وعدم القدرة على الحركة مع ارتفاع ضغط الدم والسكري.

وعن مستقبل الحملة الحالية، أكد المتحدث وجود خطة للتواصل مع المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية الحكومية وغير الحكومية، لتشارك في الضغط على النظام المصري للإفراج عن السجناء من كبار السن والمرضى في أسرع وقت ممكن وألا تكون "مشاركة مع هذا النظام الدكتاتوري المجرم في قمع الشعب المصري"، وفقا لقوله.

مخاطبة العالم أولوية

من جانبه، قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي إن التقارير الدورية التي ترصد وتوثق جرائم النظام المصري والحملات التي تطلقها المؤسسات-سواء كانت حقوقية أو إعلامية والمطالبات المتكررة بالإفراج عن السجناء- ستظل من أهم وسائل الضغط على النظام وكشفه أمام داعميه ومؤيديه لكشف الوجه الحقيقي له.

وحث بيومي جميع المؤسسات الحقوقية والإعلامية على التعاون مع الحملات المطالبة بالإفراج عن السجناء أو بالتخفيف عنهم.

وأضاف أن حملة "أنقذوهم" -التي أطلقتها مؤسسات حقوقية عدة، من بينها مركز الشهاب ومؤسسة عدالة ومؤسسة السلام- طالبت بالإفراج الفوري عن كبار السن والمرضى بكافة الضمانات التي حددها القانون، فضلا عن إصدار تقارير خاصة بالحالات المستضعفة داخل السجون.

وبشأن استجابة النظام المصري لتلك الحملات ومدى تأثيرها، قال بيومي إن "النظام المصري يعتمد على داعميه الإقليميين والدوليين للاستمرار في البقاء، لذلك نتوجه لهم دائما بكافة ما نصدره من تقارير توضح أن أموال الدعم المقدمة للنظام تصرف في قمع الشعب المصري".

وشدد في ختام حديثه على مخاطبة المؤسسات الحقوقية الدولية للحكومات والأنظمة والشعوب الحرة لتوضيح خطورة استمرارها في دعم النظام المصري.

واستشهد بما جرى في جلسة البرلمان الأوروبي في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي استنكرت الانتهاكات التي يرتكبها النظام المصري، مؤكدا أن الضغوط الدولية قد تسفر أو تؤدي لاستجابة من قبل النظام المصري وإن كانت قليلة.

المصدر : الجزيرة