كورونا يتفشى بين الأسرى الفلسطينيين.. أي عزل وأي وقاية؟

ميرفت صادق فلسطين رام الله 3 نوفمبر 2020 أهالي الأسرى طالبوا الصليب الأحمر الدولي بمعلومات عن أوضاعهم الصحية
من اعتصام لأهالي الأسرى في مدينة رام الله (الجزيرة)

ميرفت صادق- رام الله

تعيش عائلة الأسير الفلسطيني المريض عثمان بلال من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، قلقا متزايدا على حياته إثر تأكّد إصابته بفيروس كورونا بعد أيام من ارتفاع حرارته وظهور أعراض الفيروس عليه، مثل عشرات الأسرى في سجن جلبوع الإسرائيلي شمالي فلسطين المحتلة.

وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أعلن صباح الاثنين إصابة 12 أسيرا في قسم "3" بسجن جلبوع، حيث يحتجز 90 أسيرا، غالبيتهم من التابعين لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبينهم عدد من قيادات الحركة الأسيرة.

ومع تحويل عشرات الأسرى في القسم ذاته للفحص، أعلنت هيئة شؤون الأسرى ومؤسسات حقوقية أن أكثر من 70 أسيرا تأكدت إصابتهم بالفيروس أمس الثلاثاء.

وعلمت عائلة الأسير عثمان بلال أنه كان يعاني من أعراض كارتفاع الحرارة وفقدان حاستي الشم والذوق وأوجاع عامة منذ 6 أيام، وكذلك عدد من الأسرى المحتجزين معه، لكنهم لم يخضعوا جميعا لأي فحوص.

وقالت غفران بلال "أمس تأكدنا من إصابة شقيقي الأسير عثمان، ونقل شقيقي الأسير الثاني معاذ إلى قسم آخر حيث لم تؤكد إصابته".

وعثمان بلال (45 عاما) واحد من قيادات الحركة الفلسطينية الأسيرة، ومعتقل منذ عام 1995 ومحكوم بالسجن المؤبد. وتزداد الخشية على حياته بسبب إصابته خلال سنوات اعتقاله بمرض الضغط بالإضافة إلى مشاكل صحية في القلب، كما ذكرت شقيقته.

ولم تتمكن عائلة الأسيرين عثمان ومعاذ بلال من زيارتهما منذ بداية العام 2020، حيث علق الاحتلال زيارات آلاف الأسرى الفلسطينيين منذ تفشي وباء كورونا في الأراضي المحتلة في مارس/آذار الماضي.

من ناحية أخرى، أكدت عائلة الأسير القيادي عباس السيد، عضو الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة حماس في سجون الاحتلال، إصابته بفيروس كورونا بعد أيام من معاناته من ارتفاع الحرارة وآلام في الحلق والمفاصل والصداع المستمر.

وقالت زوجته إخلاص السيد للجزيرة نت إنه توجّه سابقا لعيادة السجن، ورغم وضوح الأعراض عليه فإن إدارة السجن رفضت إجراء فحص كورونا له ولعدد كبير من الأسرى الذين ظهرت عليهم أعراض الفيروس منذ أيام.

وعلمت عائلة السيد، وهي من مدينة طولكرم شمال الضفة، أن إصابته تأكدت مع 11 أسيرا يقبعون معه في الغرفة نفسها، بالإضافة إلى 12 أسيرا في غرفة مجاورة، قبل أن يتضح أمس تفشي الفيروس في قسم "3" كاملا الذي يضم 90 أسيرا.

وقالت إخلاص إن "المماطلة في أخذ عينات لفحصهم، واحتجازهم في غرف مغلقة ومكتظة من دون نوافذ ولا تهوية، بالإضافة إلى اختلاطهم اليومي بسجانين إسرائيليين، كل ذلك أدى إلى سرعة انتشار الفيروس".

بلا منظفات ولا معقمات

ورغم ذلك، قالت زوجته التي لم تتمكن من زيارته منذ أكثر من 7 شهور، إن إدارة السجن صادرت مواد التنظيف ولم تسمح للأسرى بشراء مواد التعقيم اللازمة من مالهم الخاص منذ بداية وباء كورونا.

وعباس السيد (55 عاما) يواجه حكما بالسجن المؤبد 35 مرة بالإضافة إلى 100 عام، واتهمته إسرائيل منذ اعتقاله عام 2002 بالمسؤولية عن عمليات تفجيرية خلال انتفاضة الأقصى (2000-2004) أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين.

الأسير عثمان بلال في صورة مع والدته سمح بها الاحتلال عام 2008 ولم يتح لعائلته زيارته منذ بدء جائحة كورونا
عثمان بلال مع والدته في صورة سمح بها الاحتلال عام 2008 (الجزيرة)

حالات صعبة
وتنتظر عائلات الأسرى أي معلومات عن أبنائها المصابين أو المخالطين من الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وسط تأكيدات على وجود حالات صحية صعبة تعاني من ضيق في التنفس في صفوفهم.

وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس للجزيرة نت إن 68 أسيرا من أصل 79 خضعوا للفحص، تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا أمس الثلاثاء. كما أن الأسرى غير المصابين لديهم أعراض مرضية، ومن المرشح تأكيد إصابتهم بعد الفحص الثاني.

وحسب فارس، فإن أسرى سجن جلبوع ترددوا على عيادة السجن منذ 10 أيام على الأقل، وأبلغوا الطبيب المسؤول أن عددا كبيرا منهم لديهم أعراض كورونا، وكان رده "هذه إنفلونزا عادية".

وقال أسرى سجن جلبوع، في رسائل لنادي الأسير، إن "بعضهم وصل لمرحلة بالغة الخطورة دون نقل أي منهم للمستشفيات أو أقسام الطوارئ".

وقال فارس إن مصلحة سجون الاحتلال خالفت برتوكولات التعامل العالمية مع السجناء خلال الجائحة، كما أنها لا توفر البيئة الصحية اللازمة لعزل المصابين بالفيروس، بل تركوا في أقسامهم المغلقة من دون تغذية مناسبة أو وسائل تعزيز المناعة، بالإضافة إلى إهمال كبير في إجراءات الوقابة قبل ذلك.

وتوقع رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر، في حديث للجزيرة نت، ارتفاع أعداد الأسرى المصابين مع تدخل الصليب الأحمر الدولي بطلب لفحص كل الأسرى المحتجزين في سجن جلبوع وعددهم أكثر من 350 أسيرا.

وقال أبو بكر إن إدارة سجن جلبوع تعمدت الاستهتار بحياة الأسرى بالمماطلة في فحص عينات منهم، رغم ظهور الأعراض عليهم، ورغم وجود حالات مصابة بأمراض مزمنة بينهم.

وحسب مسؤول هيئة الأسرى، فإن العزل الصحي في السجون "يعني إبقاء الأسرى المصابين في غرف منفصلة فقط".

وقد سجلت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إصابة 31 أسيرا فلسطينيا بفيروس كورونا خلال الشهور الماضية، غالبيتهم في سجني عوفر وعسقلان، قبل أن يتفشى الفيروس في أوساط الأسرى بسجن جلبوع.

ويقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو 5 آلاف أسير فلسطيني، يتم احتجازهم في 30 من السجون ومراكز التحقيق الإسرائيلية، وبينهم ما لا يقل عن 700 أسير مريض، ومنهم 200 مصاب بأمراض مزمنة أو أورام سرطانية.

المصدر : الجزيرة