بعد الاعتداء على محامية مصرية.. تساؤلات حول العلاقة بين الشرطة والمحامين

وقفة احتجاجية لمقتل المحامي كريم حمدي في 2015 - رويترز
وقفة احتجاجية بعد مقتل المحامي كريم حمدي في 2015 (رويترز-أرشيف)

حسن المصري-القاهرة

لم تكن المحامية آية عبد الرحمن تدري أن أحد أفراد الأمن سينهال على رأسها بكعب سلاحه الميري (الرسمي) بوحشية لمجرد أنها سألت قوات الأمن عن وجود إذن من النيابة لتفتيش منزل عمها، لتدخل آية العناية المركزة بعد إصابتها البالغة بالعين، فضلا عن ارتجاج بالمخ كاد أن يودي بحياتها.

الواقعة التي حدثت في مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة) أثارت حالة من الغضب وضجة واسعة بين المحامين المصريين، خاصة أن المحامية الشابة حامل بالشهر الثامن، وأنها ليست واقعة الاعتداء الأولى من الشرطة على المحامين.

كارثة كبرى
"عندما يتم التعدي على محام لمجرد مطالبته بحقوق موكله أو أقاربه فتلك كارثة كبرى"، هكذا استنكر الواقعة المحامي والخبير القانوني وائل سيد، مضيفا "اعتقدنا أن الانتهاكات والتعذيب والمعاملة السيئة ستنتهي بنهاية نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، غير أننا فوجئنا بأن النظام السابق عاد بأسوأ من شرطة حبيب العادلي".

وفي حديث للجزيرة نت يوضح سيد أن المحامي يقتضي عمله التعامل باستمرار مع المتهمين وعناصر الشرطة، فهو شريك في منظومة العدالة، متابعا "لكن للأسف بدلا من تذليل مهام المحامي، يكون عرضة للاعتداء النفسي والمعاملة السيئة إن لم يٌعتدى عليه جسديا، بسبب حفنة من رجال الشرطة معدومي الضمير ممن ينتهكون القانون".

وأشار إلى أن وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم كان قد أصدر كتابا دوريا عام 2015 لضمان عدم تكرار الأزمات بين الداخلية والمحامين، وينص على كفالة حق المحامين في التعامل الآمن مع عناصر الشرطة وحسن استقبالهم وكفالة حقهم في الدفاع، مستدركا "ورغم ذلك ما زالت المشاكل قائمة أمام المحامين وإن كانت أقل من ذي قبل، وهو ما يحتاج إلى تطبيق القانون بحزم".

تبرير مرفوض
وتبرر وزارة الداخلية المصرية دوما أي واقعة اعتداء على المحامين في منشوراتها الرسمية على اعتبار أنها حوادث فردية لا تعبر عن سياسة الوزارة تجاه المحامين، مؤكدة على عقاب أي عنصر مخالف من عناصر الداخلية، وهو الأمر الذي لا يكفي بحسب المحامي محمد خطاب الذي يقول "مَن أمن العقوبة أساء الأدب".

وخلال حديثه للجزيرة نت يرى خطاب أن الاعتداءات التي تعتبرها الداخلية حوادث فردية "تعكس نظرة التعالي عند الشرطة واستخدام العنف في التعامل مع المحامين كأنهم مجرمون".

ويؤكد خطاب أن هذا الوضع يٌشير إلى غياب المساءلة القانونية وينذر بالخطر على منظومة العدالة، خاصة أن القانون المصري رقم 17 لسنة 1983 وتعديلاته الخاصة بممارسة مهنة المحاماة، ينص على معاقبة كل من يتعدى أو يهين المحامين.

ولفت إلى أنه لابد من العمل على إصدار ميثاق شرف ينظم التعامل بين المحامين وعناصر الداخلية بما يضمن توفير آليات للمحاسبة القانونية لضمان حق المحامي الذي يتعامل بصورة مستمرة داخل أقسام الشرطة وفي المحاكم والنيابات، خاصة أن مثل تلك الأحداث تنتهي أحيانا بمصالحات زائفة واضطرارية لا تعالج حالة مرضية استشرت خلال الفترة الماضية.


ليست المرة الأولى
لا تنفصل واقعة المحامية آية عبد الرحمن عن كثير من الحوادث المشابهة، مثل مقتل المحامي أحمد السيد نعمة الله الذي أطلقت الشرطة النار عليه بمدينة بلبيس في محافظة الشرقية أثناء وجوده مع اثنين من موكليه بزعم أن الموكلين مطلوبان للعدالة، وهو ما أدانته نقابة المحامين وأصدرت بيانا يدين وزارة الداخلية، مؤكدة عدم حمل المتهم لأي أسلحة، بينما نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية أن ما قامت به الشرطة جاء ضد مجرمين شديدي الخطورة، على حد قولها.

هناك أيضا حادث مقتل المحامي كريم حمدي أحد أكثر الوقائع شهرة وأكثرها بشاعة منذ أربع سنوات، حيث تم تعذيب المحامي الشاب حتى الموت داخل قسم مدينة المطرية (شرق القاهرة) من قبل عناصر الأمن الوطني بسبب دفاعه عن بعض المعتقلين السياسيين، وحاولوا إجباره على الاعتراف بتبعيته لجماعة الإخوان المسلمين.

وفي يونيو 2015 نظمت نقابة المحامين إضرابا موسعا وتم تعليق العمل بالمحاكم، حين تعدى نائب مأمور مركز فارسكور بمحافظة دمياط (شمال القاهرة) بالحذاء على المحامي عماد فهمي داخل مكتبه، وهي الأزمة التي كانت مرشحة للتصاعد لولا اعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي للمحامين.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي