إدانات حقوقية لانتهاكات حقوق الأطفال المهاجرين بإسبانيا

أنخيل مدريد، الحقوقي الإسباني وعضو دائرة شؤون الهجرة بالجمعية الأندلسية للدفاع عن حقوق الانسان، في الندوة الصحفية التي تم فيها تقديم تقرير هذه المنظمة الحقوقية. (وهو الذي أجرينا المقابلة معه في تقريرنا)
جانب من الندوة التي نظمتها الجمعية الأندلسية للدفاع عن حقوق الإنسان (الجزيرة)

أيمن الزبير-إشبيلية

نددت الجمعية الأندلسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالانتهاكات المنهجية لحقوق الأطفال المهاجرين في إسبانيا، التي تبرهن على حد تعبيرها على وجود عنصرية مؤسساتية في الدولة التي تعاملهم كمهاجرين دون مراعاة أنهم قاصرين.

هذا الأمر يؤدي حسب أنخيل مدريد، الحقوقي الإسباني وعضو دائرة شؤون الهجرة بالجمعية المذكورة، إلى خرق القوانين الدولية والوطنية التي تجبر الدول الموقعة على معاهدة حماية الطفولة على توفير الرعاية اللازمة للقاصرين دون تمييز بسبب الجنسية.

وشرحت هذه المنظمة الأندلسية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي المنشور حول أوضاع "الطفولة المهاجرة" أن وصول الأطفال يمثل حقيقة واقعة في الأندلس منذ أكثر من عشرين عاما، لكنها في هذه السنوات الأخيرة -التي شهدت تزايدا ملحوظا في عدد الأطفال والمراهقين الذين يهاجرون دون رفقة شخص بالغ- اكتسبت أهمية خاصة في ظل غياب التقديرات حول هذه الظاهرة وانعدام التخطيط والتنسيق بين مختلف المؤسسات.

ارتجال يرى أنخيل مدريد، في تصريحاته للجزيرة نت، أنه أفرز أوضاعا مأساوية في بعض مراكز إيواء القاصرين، حيث سجلت هذه المنظمة تجاوزات في حق القاصرين الذين يفتقرون إلى أدنى الشروط الصحية واللوازم المعيشية.

ووفقا للإحصاءات الصادرة عن الجمعية الأندلسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وصل إلى إسبانيا 7053 قاصرا خلال عام 2018، وهو ما يعادل تقريبا ضعف العدد المسجل في العام السابق له، منهم 6063 من الأطفال الذين هاجروا دون صحبة شخص بالغ وفقا لبيانات منظمة "يونيسف".

حالات اختفاء
وتُظهر آخر البيانات التي نشرها "مرصد الطفولة الأندلسي" في عام 2017 أن نظام الرعاية الأندلسي استضاف فقط 1309 أطفال من بين 3306 أطفال الذين وصلوا إلى إقليم الأندلس، أي 39% فقط من الأطفال المهاجرين.

وهذا يشير -حسب أنخيل مدريد- إلى أن الحكومة الإقليمية الأندلسية تتوقف عن حماية الكثير من القاصرين عندما يقومون "بمغادرة طوعية" لمراكز الرعاية، وأن هذا الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي هو مجرد مكان عبور، وليس مكان الوصول النهائي للقاصرين.

وفي هذا الصدد يشير مدريد إلى وجود تسع آلاف حالة اختفاء للقاصرين مسجلة في إسبانيا، يشكل منهم القاصرون المهاجرون نسبة 52%، وهو ما يعني فقدان أثر خمسة آلاف قاصر مهاجر بعد خروجهم من مراكز الإيواء.

‪مهاجرون غير نظاميين يصلون إلى سواحل إسبانيا على متن قارب مطاطي‬ مهاجرون غير نظاميين يصلون إلى سواحل إسبانيا على متن قارب مطاطي (رويترز-أرشيف)
‪مهاجرون غير نظاميين يصلون إلى سواحل إسبانيا على متن قارب مطاطي‬ مهاجرون غير نظاميين يصلون إلى سواحل إسبانيا على متن قارب مطاطي (رويترز-أرشيف)

وتضيف المنظمة الحقوقية في انتقاداتها أنه "يجب إلغاء إجراء وقف الوصاية عند مرور ستة أشهر على مغادرة القاصر لمركز الرعاية، لأن الإدارة الحكومية عليها التزام تحديد مكانه لمعرفة الظروف التي يعيشها وضمان حمايته".

وبيّنت المنظمة أن "المصلحة العليا للقاصر" لا تُراعى، وأن معاهدة حقوق الطفل لا تُحترم عندما "تكون كافة تصرفات الدولة الإسبانية هادفة إلى الإقصاء أكثر منها إلى الاستقبال".

ومن الأمثلة على ذلك "الظروف التي لا تطاق على وجه الإطلاق" التي يوجد فيها الأطفال في إشبيلية وقرطبة وشريش، مثل النوم على الأرض ودون أدنى حد من إجراءات النظافة الشخصية والصحة، أو العقبات الكثيرة مثل انعدام الحماية وعدم إتمام إجراءات الإقامة، أو استحالة الحصول على التعليم لمن تزيد أعمارهم على 16، أو نقص الموارد المخصصة للتعاقد مع الاختصاصيين الاجتماعيين.

انتهاكات
وتضيف المنظمة أن حقوق هؤلاء الأطفال تنتهك منذ لحظة وصولهم على متن قوارب الموت أو مختبئين داخل مركبات السفر إلى أراضي الدولة الإسبانية، وتتمثل في تقييد أطرافهم في بعض الحالات، وفي اختبارات تحديد العمر، وفي المعاملة الإعلامية بشأنهم في وسائل الإعلام، وفي سياسات موارد الحماية وتفعيلها، وفي حقهم في الحصول على مراكز للرعاية.

وأعربت المنظمة في تقريرها عن أسفها لخطاب بعض الممثلين السياسيين الهادف إلى "التجريم الجماعي" لهؤلاء القاصرين وإظهارهم على أنهم عبء من وجهة النظر الاقتصادية، مما يتسبب في زيادة ظاهرة العنصرية وكراهية الأجانب التي تمثلت في بعض الاعتداءات التي جرت مؤخرا على بعض مراكز الرعاية.

وتشير المنظمة إلى أن "الحل الوحيد الذي طرحوه على طاولة البحث هو إعادتهم إلى أوطانهم"، وهو أمر مقدر له الفشل كما أثبتت ذلك برامج سابقة مماثلة.

ويقدم التقرير مجموعة من المقترحات أو التوصيات بهدف التحرك نحو نموذج متكامل لحماية الطفولة "يضع مصلحة القاصر في صلب الاهتمام وفقا لما ينص عليه التشريع".

وكان من أبرز المقترحات المطروحة المراجعة العاجلة لنموذج الرعاية الحالي "الفاشل"، وخاصة نموذج الاستقبال العاجل في الحالات الطارئة، بهدف الوفاء بالمعايير الدولية وضمان حلول دائمة.

كما تشير المنظمة إلى أنه من الأهمية بمكان احترام حق الأطفال في أن يُسمع صوتهم، ووضع قواعد تنظيمية لوظيفة الوصي المستقل، والتوافق على تدابير لتسريع الإجراءات البيروقراطية، واستحداث بروتوكول منسق بين الإدارات المختلفة وشبكة إقليمية عابرة للحدود يكون لجميع الهيئات تمثيل فيها ويكون فيها أيضا تمثيل للقاصرين تحت الوصاية أو الذين انتهت الوصاية عليهم.

المصدر : الجزيرة