ندوة بجنيف.. التضييق على الحقوقيين تفاقم بعهد بن سلمان والسيسي

ندوة حول "حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط" بمجلس حقوق الإنسان في جنيف
جانب من ندوة بمجلس حقوق الإنسان في جنيف بشأن حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط (الجزيرة)

حذر باحثون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان من ارتفاع حدة التهديدات والانتهاكات التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية ومصر واليمن، وغيرها من الأنظمة الشمولية.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "التضامن السويسرية- غينيا" في مقر مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف بشأن "حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط: السعودية ومصر واليمن".

ولفت الباحثون والنشطاء خلال هذه الندوة إلى أن أحكام السجن والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان شهدت ذروتها في السعودية في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، وفي مصر منذ تسلم عبد الفتاح السيسي الحكم في بلاده.

وإزاء الانتهاكات المتفاقمة في السعودية ومصر واليمن، دعا المرصد مجلس حقوق الإنسان والمقررين الخواص بالأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق بشأن الانتهاكات التي تطال العاملين في المدافعين عن حقوق الإنسان لتحديد المسؤولين والسعي لتقديمهم إلى المحاكمة عبر تشكيل محكمة مختصة بذلك من خلال مجلس الأمن، أو عبر المحكمة الجنائية الدولية.

ودعا إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الجرائم التي ترتكب بحق المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية ومصر واليمن، بما يفضي إلى إحالة مرتكبي الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية.

كما حذر الباحثون في مجال حقوق الإنسان من تزايد الانتهاكات التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان في الدول الثلاث.

وأشاروا إلى أن الحكومات في الأنظمة الشمولية لا تتجاوب مع نداءات منظمات حقوق الإنسان التي لا تملك غير العمل الحقوقي، وليست لديها القوة السياسية لفرض أي تغيير ومساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات.

بالمقابل، يقول هؤلاء إن تلك الأنظمة تمعن في ممارسة انتهاكاتها وقمعها لنشطاء حقوق الإنسان تحت ذريعة حماية الإرهاب لتبرير انتهاكاتها.

‪النشطاء أكدوا أن الحكومات لجأت لسياسة تكميم الأفواه منذ اندلاع الاحتجاجات في 2011 ببعض دول الشرق الأوسط‬ (الجزيرة)
‪النشطاء أكدوا أن الحكومات لجأت لسياسة تكميم الأفواه منذ اندلاع الاحتجاجات في 2011 ببعض دول الشرق الأوسط‬ (الجزيرة)

إزعاج الأنظمة القمعية
وقالت الباحثة الحقوقية المتخصصة بقضايا الشرق الأوسط لامية فضلى إنه منذ اندلاع الاحتجاجات في بعض الدول بالشرق الأوسط عام 2011 لجأت الحكومات إلى سياسة تكميم الأفواه، والسعي إلى إخماد الأصوات التي تنادي بالإصلاح والتغيير بدلا من إجراء إصلاحات جذرية لتحسين حياة المواطنين ومحاربة الفساد المتفشي في مفاصل أنظمة الحكم في تلك البلدان.

وأضافت "لأن فئة المدافعين عن حقوق الإنسان هي أكثر الفئات إزعاجا للأنظمة القمعية مارست هذه الأنظمة حملة ممنهجة استهدفت إسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان، والمنادين بإطلاق الحريات".

وتابعت "بدءا من الدول التي شهدت انتفاضات شعبية ضد أنظمة الحكم كسوريا ومصر وتونس واليمن والبحرين، وصولا إلى بعض الدول التي اتخذت فيها الأنظمة تدابير غير قانونية كالسعودية والإمارات تشابهت الأنظمة الحاكمة في أساليبها التي لم يكن لها هدف سوى الحفاظ على سياسات التمييز والتهميش، وقمع الأصوات المطالبة بالحرية والمساواة والتوزيع العادل لمقدرات الدولة".

وأشارت إلى أن المئات من المدافعين عن حقوق الإنسان دفعوا ثمنا باهظا تنوع بين القتل والاعتقال والإخفاء القسري، ونزع الجنسية والمنع من السفر، والتجريد من أغلب حقوقهم السياسية والمدنية.

وتوقفت الباحثة الحقوقية عند حالة نشطاء بالسعودية، وقالت "يظهر جليا تصاعد حملة القمع مع تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في يونيو 2017 بعكس النية التي أظهرها بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تهدف إلى الانفتاح وإطلاق مزيد من الحريات للمواطنين في المملكة".

وسردت لامية فضلى عددا من أبرز حالات الانتهاكات التي تطال نشطاء حقوق الإنسان السعوديين، وأبرزهم لجين الهذلول، وسمر بدوي وعزيزة يوسف، والناشط السياسي محمد البجادي، وأسماء أخرى.

‪بحسب النشطاء فإن مصر تشهد موجه انتهاكات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان‬ (الجزيرة)
‪بحسب النشطاء فإن مصر تشهد موجه انتهاكات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان‬ (الجزيرة)

نظام السيسي يضطهد النشطاء
من جانبها، قالت الناشطة الحقوقية غادة الريان إنه بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك تشهد مصر موجة انتهاكات في حق المدافعين، ومن أبرز النشطاء القابعين خلف قضبان السجون -تضيف الريان- شادي الغزالي حرب، ومحمد إبراهيم رضوان، وحنان بدر الدين، وأسماء أخرى.

وأشارت إلى أن السلطات المصرية تسكت كل أصوات المعارضة في مصر، وسط تنديد من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان بانتهاك حقوقهم الأساسية، إلى جانب وقوعهم تحت طائلة دعاوى قضائية تستهدفهم من قبل الأجهزة الحكومة المصرية.

ولفتت إلى أن حملة التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر شملت الحجز والاعتقال غير القانوني، واتخاذ إجراءات غير قانونية، ومنع السفر وحجز الممتلكات.

ويواجه هؤلاء عقوبات تشمل السجن والتعذيب، وقد تصل إلى الإعدام خارج نطاق القانون، وفق المتحدثة نفسها.

وشددت على أن أجهزة الأمن تضغط على المدافعين عن حقوق الإنسان والمدنيين، وكل من ينتقد السيسي، في وقت قررت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إغلاق مكاتبها في مصر بسبب الخوف وتعرضها للتضييق.

‪ندوة جنيف‬ حذرت من ارتفاع حدة التهديدات والانتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بالسعودية
‪ندوة جنيف‬ حذرت من ارتفاع حدة التهديدات والانتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بالسعودية

التحقيق بالانتهاكات
وقال الباحث في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان علاء البرغوثي إن العديد من بلدان الشرق الأوسط -سواء تلك التي تعيش حالة من الاستقرار السياسي أو تلك التي تعاني من نزاعات مسلحة داخلية أو دولية- لا تزال تعامل المدافعين عن حقوق الإنسان كعدو أيا كان المجال الذين يعمل به هؤلاء المدافعون.

وتوقف البرغوثي عند حالة اليمن التي تزايدت فيها الانتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني منذ بداية النزاع المسلح فيها، وسيطرة مليشيا الحوثي على اليمن في سبتمبر/أيلول 2014.

وأشار إلى أنه في العام 2018 تم توثيق ما يقارب مئتي انتهاك على الأقل بحق مدافعين عن حقوق الإنسان -ومنهم إعلاميون- شملت انتهاكات للحق في الحياة، واعتداء على الحريات العامة، واعتقالات تعسفية عدا عن عمليات التعذيب والمحاكمات غير القانونية.

وقال البرغوثي إن المرصد الأورومتوسطي يؤكد على ضرورة أن تلتزم الحكومات في الدول الثلاث -السعودية ومصر واليمن- بالالتزام بالاتفاقات والمعاهدات الدولية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن طبيعة العمل الإنساني الذي يقوم به المدافعون عن حقوق الإنسان في بلدان الشرق الأوسط تجعلهم من الفئات المحمية بموجب القانون الدولي.

ولفت إلى ما أن تقوم به السلطات الحاكمة من استهداف للمدافعين عن حقوق الإنسان يمثل انتهاكا جسيما لقواعد لقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة 1949، ويمكن أن يمثل جريمة حرب.

وطالب المرصد السلطات الحاكمة في السعودية ومصر واليمن بتجنيب المدافعين عن حقوق الإنسان دفع فاتورة الخلافات السياسية الداخلية.

المصدر : الجزيرة