تقرير حقوقي: الإفلات من العقاب والعفو العام عمّقا مشكلة التعذيب بمراكز الاحتجاز بالأردن

أيمن فضيلات-عمان
التقرير السنوي الثالث لمركز عدالة حول التعذيب في الأردن اعتمد هذا العام وضع مؤشرات لجريمة التعذيب، تضمنت سبعة مؤشرات رئيسية و42 مؤشرا فرعيا، واشتمل التقرير على قسمين، هما حالة التعذيب ومؤشرات التعذيب.
الإفلات من العقاب
التقرير كشف أن 78% من تدابير الحماية القانونية لم تتحقق، وفق رئيس المركز عاصم الربابعة، موضحا أن التقرير أُرسل مسبقا لمديرية الأمن العام والجهات الرسمية للرد على ملاحظاته قبل إشهاره، "لكن لم يصلنا أي ردود أو إيضاحات من الجهات الرسمية".
ربابعة اعتبر في حديثه للجزيرة نت عقب مؤتمر صحفي عقد للإعلان عن نتائج التقرير، أن عدم رد الجهات الرسمية يعبّر عن حالة التجاهل وعدم الاعتراف بوجود مشكلة التعذيب في مراكز الاحتجاز الأولي التي يتم فيها الحصول على الاعترافات.

وتابع أن استمرار التوسع في حالات التوقيف الإداري، واستخدام أوامر الإعادة دون وجود أي ضوابط قانونية أو تشريعية، وإخضاعها بشكل لافت لمزاجية أفراد الأمن العام، أمور زادت من حالات التعذيب.
في المقابل، هناك جملة من الإيجابيات في ملف مناهضة التعذيب حصلت -يقول الربابعة- منها تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية العام الماضي والمتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة، وارتفاع عدد الشكاوى، مما يدلل على زيادة الوعي، وتعديل مدة عقوبة التعذيب في قانون العقوبات.
تطورات إيجابية
التطورات الإيجابية في مجال مناهضة التعذيب على المستوى الوطني شملت أيضا تعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية عبر وضع بدائل عن التوقيف في قضايا الجنح، وتحديد مدة التوقيف بالجنح، وتقديم المساعدة القانونية لمحتاجيها، إضافة لإطلاق الخطة الوطنية لدعم قدرات مراكز الإصلاح والتأهيل الأردنية.
ويرى رئيس لجنة الحريات في نقابة المحامين وليد العدوان أن تلك التغيرات مؤشر مهم على مكافحة حالات التعذيب في مراكز التوقيف، مؤكدا أن ممارسات التعذيب في أماكن الاحتجاز حالات فردية وليست ممنهجة لدى الأجهزة الأمنية.
وفي حديثه للجزيرة نت، دعا العدوان لإيجاد قاضي تحقيق في أماكن الاحتجاز، مع ضرورة السماح للمحامين بالحضور لأماكن الاحتجاز والتحقيق منذ لحظة الاعتقال الأولى لما في ذلك من حماية للموقوفين ورجال الأمن العام على حد سواء، مع تحقيق العدالة في سير الحصول على الإفادات أو الاعترافات.

انتزاع الاعترافات
"هناك حالات تعذيب يتعرض لها المعتقلون من التنظيمات الإسلامية للحصول على اعترافات تخالف كافة القوانين"، يقول المحامي المتخصص في قضايا الجماعات الإرهابية موسى العبد اللات.
ويضيف للجزيرة نت أن جرائم التعذيب شملها قانون العفو العام، أما قضايا التعبير عن الرأي والجرائم الإلكترونية والتنظيمات الإسلامية فلم يشملها أي عفو، لافتا إلى عدم كفاية السياسات والتشريعات والإجراءات المطبقة على المستوى الوطني للوقاية من التعذيب.
إضافة لغياب الضمانات الإجرائية والوقائية الكافلة لحق المحتجزين المحرومين من حريتهم في إبلاغ ذويهم عن مكان وسبب احتجازهم، أو الاتصال بمحام أو طبيب فور القبض عليهم.
خوف من الشكاوى
التقرير أشار إلى أن الكثير من حالات التعذيب لا يؤتى على ذكرها، والسبب في ذلك أن الناجين من التعذيب غالبا لا يتحدثون عن مصابهم وينتابهم أحيانا الشعور بالخزي حيال الطريقة التي تم استجوابهم بها، أو الخوف من الإفصاح عن بعض ممارسات التعذيب التي ارتكبت بحقهم.
ويبقى خوفهم الأكبر من ممارسات غير قانونية قد تلحق بهم من موظفي إنفاذ القانون هو العائق الرئيسي أمام الإعلان وتقديم الشكاوى عن تعرضهم للتعذيب أثناء احتجازهم في مرحلة التحقيق الأولي، إضافة إلى فقدان الثقة في فاعلية الجهات المختصة بتلقي الشكاوى وتحريكها.
ولا يمثل التقرير مسحا واقعيا لجريمة التعذيب في الأردن وفق الربابعة، نظرا لعدم السماح لأي من مؤسسات المجتمع المدني بإجراء زیارات ذات طبيعة رصدية لمراكز التأهيل والإصلاح أو مراكز الاحتجاز المؤقت المعروفة بـ"النَّظَارات".
المركز أوصى بوجود آليات فاعلة لمراقبة التطبيق الفعال للقانون والضمانات المتاحة للضحایا، وإیجاد إطار قانوني فعّال ومستقل لمراقبة أماكن الاحتجاز بشكل دوري، وإعادة النظر في نظام التحقيق الأولي الذي تتبعه مديرية الأمن العام في التحقيق بالجرائم.