إدانات واسعة لانتهاكات حقوق الإنسان.. مصر تدافع عن نفسها بجنيف وسط تصاعد الانتقادات الدولية

هل أصبح السيسي خطرا على حقوق الإنسان بالقارة الأفريقية؟
النظام المصري يدافع عن ملفه الحقوقي، وسط تصاعد الانتقادات المحلية والدولية (مواقع التواصل)

مع تواصل الانتقادات الأممية المتصاعدة خلال الأيام الماضية؛ دافعت مصر عن ملفها الحقوقي أمام جلسة المراجعة الدورية الشاملة الثالثة بمجلس حقوق الإنسان اليوم الأربعاء في جنيف، والتي شهدت انتقادات دولية كبيرة للملف المصري.

وقال رئيس الوفد المصري عمر مروان وزير شؤون مجلس النواب إن حكومة بلاده قدمت تقريرها عن الحقوق المدنية والسياسية إلى لجنة حقوق الإنسان، وأنها أوفت بالتزامها في هذا الشأن.

ويعد الاستعراض الذي قدمته مصر الثالث منذ خضوعها لهذه الآلية الأممية، وفيها يخضع أعضاء دول الأمم المتحدة طوعيا لمناقشة وتقييم حالة حقوق الإنسان بها، عبر آلية الاستعراض الدوري الشامل. 

وقالت منظمة العفو الدولية الحقوقية إنه منذ قبول 237 توصية من أصل ثلاثمئة توصية في آخر مراجعة لها عام 2014، واعتمدت السلطات المصرية "إجراءات أكثر قمعا وأشد تقييدا للحقوق الأساسية والحريات"، داعية الدول إلى "توجيه إدانة شديدة لحملة القمع الشرسة من قبل السلطات ضد العاملين في المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني".


انتقادات دولية
وخلال كلمات ممثلي الدول المشاركة، دعا ممثل الولايات المتحدة الأميركية السلطات المصرية لرفع حظر السفر عن الحقوقيين وإلغاء تجميد الأموال، في حين طالبت فرنسا بإلغاء عقوبة الإعدام بمصر، وضمان حرية الصحافة والتظاهر وفتح الزيارة للمعتقلين، وأعرب ممثل ألمانيا عن قلق بلاده من الانتهاكات بحق المصريين، مطالبا بوضع حد للاعتقال، ووقف الإهمال الطبي في السجون، وتعزيز حرية الصحافة.

وقال ممثل إيرلندا إن الوضع الحقوقي السيئ للمعتقلين في مصر يتعارض مع ما نص عليه القانون والدستور، وأوضح ممثل النرويج أن بلاده تأسف لعدم إفساح المجال للمحتجين في مصر، داعيا إلى فتح المجال للوفود الحقوقية الدولية.

وأعرب ممثل السويد عن قلق بلاده من أوضاع حقوق الإنسان بمصر، مطالبا بالإفراج عن المعتقلين والتصديق على البروتوكول الدولي لمنع التعذيب، كما قال ممثل هولندا إن بلاده قلقة من تقارير بشأن الاختفاء القسري في مصر، داعيا إلى فتح المجال للحريات.

بدوره، دعا ممثل تركيا إلى التحقيق في ظروف احتجاز ووفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، مضيفا "نرفض سياسات العنف ونطالب بإجراءات في وقائع تعذيب المعتقلين وتعليق عقوبة الإعدام".


دفاع حكومي
وخلال كلمة الوفد المصري، أكد الوزير عمر مروان دعم وتعزيز حرية الصحافة والإعلام، عبر إصدار قوانين نصت على استقلالية الصحفيين والإعلاميين وحريتِهم، مشيرا إلى أنه تم تعديل القانون المنظم للحق في التظاهر، ومنح القضاء وحده سلطة منع المظاهرِة.

وأكد مروان أنه تفعيلا لخضوع السجون وسائر أماكن الاحتجازِ للإشراف القضائي، قام القضاة وأعضاء النيابة العامة بعدد 147 زيارة للسجون، بالإضافة إلى إنشاء إدارة لحقوق الإنسان بمكتب النائب العام تختص بتلقي الشكاوى والبلاغات والتقارير التي تنطوي على ما يُعد اعتداء على حقوق الإنسان.

كما لفت إلى تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان لتعزيز استقلاله، بالإضافة إلى منحه الحق في زيارة السجون وسائرِ أماكن الاحتجاز، وإبلاغ النيابة العامة بأي انتهاك لحقوق الإنسان.

وأضاف أنه "جرت خلال الخمس سنوات الماضية العديد من المحاكمات الجنائية والتأديبية لوقائع تتعلق بممارسة التعذيب، وتضمن تقريرُنا المقدم لمجلسكم الموقر البيانات والأعداد الخاصة بهذه المحاكمات، فضلا عن تقديم تقرير مفصل في هذا الخصوص للجنة مناهضة التعذيب، احتراما لتعهداتنا الدولية".

وتابع "وصدرت قوانين الكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب والمجلس الأعلى للإرهاب، واضعة نصب أعينها الحقوق الأساسية للإنسان التي لا يجوز التعدي عليها حتى في أحوال مكافحة الإرهاب، منطلقة من رؤية واضحة تقوم على الموازنة بين مكافحة الإرهاب واحترام تلك الحقوق".

وأوضح أن مصر أنشأت "اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان" برئاسة وزير الخارجية، لتختص وحدها بالإشرافِ الكامل على كل ما يتعلقِ بملف حقوق الإنسان، ومتابعة تنفيذ الالتزامات الناشئة عن أحكام الاتفاقات الدولية ذات الصلة.


تصاعد الرفض داخليا وأمميا
وبالتزامن مع الاجتماع الدولي في جنيف؛ استعرضت خمس منظمات حقوقية الانتهاكات التي تمارسها القاهرة بحق المعارضة على مدار السنوات الست الفائتة.

وعبر تقرير مشترك، رصدت المنظمات الخمس (مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس مونيتور، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومنظمة إفدي الدولية) التجاوزات التي تمارسها السلطة ضد المعارضين بشكل مُمنهج وواسع الانتشار.

وركز التقرير على أحكام الإعدام في مصر، التي وصفها بأنها تصدر عن قضاء استثنائي وغير طبيعي، وهو ما يعرف بدوائر الإرهاب والقضاء العسكري بالمخالفة للدستور المصري والمواثيق الدولية.

كما أرسلت مجموعة "العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان" -المكونة من 11 منظمة حقوقية- تقريرا لمجلس حقوق الإنسان الأممي حول الانتهاكات الخطيرة للسلطات خلال الخمس سنوات الماضية. وحسب ما وثقه التقرير، فإن أوضاعا حقوقية باتت أسوأ كثيرا عما كانت عليه عندما تعهدت القاهرة باحترام حقوق الإنسان أمام المجلس في جلسة الاستعراض عام 2014.

ويأتي استعراض الملف المصري في أعقاب حملة اعتقالات جديدة، يصفها نشطاء حقوقيون بأنها الأكبر منذ سنوات، والتي جاءت بعد احتجاجات نادرة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.

وتقول المفوضية المصرية للحقوق والحريات إنه جرى اعتقال أكثر من 4400 بينهم نشطاء بارزون وأكاديميون وشخصيات سياسية.

وأضافت أن نحو ثلاثة آلاف شخص ما زالوا محتجزين بتهم منها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة، فضلا عن الاحتجاج من دون تصريح.

وقال خبراء من الأمم المتحدة يوم الجمعة إن نظام السجون ربما يكون قد أدى مباشرة إلى وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، بعد وضعه في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم، وحرمانه من الرعاية المنقذة للحياة من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وأضاف الخبراء أن الآلاف غيره عرضة لخطر شديد، في حين نفى مسؤولون مصريون إساءة معاملة السجناء أو إهمال صحتهم.

مهلة لمصر
وأمهلت آنييس كالامار المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام التعسفي والفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي، الحكومة المصرية ستين يوما للإجابة عن الأسئلة المتعددة التي طرحها خبراء أمميون مستقلون، مشددة على ضرورة إجراء تحقيق مستقل بشأن وفاة مرسي بعيدا عن السلطات، لأن التحقيقات التي أجرتها بعد الوفاة غير كافية، ولم تتوافر فيها صفة الحيادية.

ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي صوّت نواب البرلمان الأوروبي على قرار بإدانة السلطات المصرية في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان فيها. ونددوا بمقتل ثلاثة آلاف شخص من دون محاكمات حقيقية، بينهم أطفال ونساء، منذ بدء حكم الرئيس الحالي.


حقيقة الأوضاع بالسجون
وقبل يومين، أصدرت هيئة الاستعلامات مقطع فيديو يظهر فيه مسؤولون من نيابة أمن الدولة وهم يقومون بجولة تفتيش في طرة، والتي أثارت سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وشملت الجولة مقابلات مع اثنين من السجناء قالا إنهما راضيان إلى حد كبير عن الأوضاع.

وأظهرت مجموعة من الصور في بداية المقطع المسؤولين وهم يزورون صيدلية ومحل بقالة جيد التجهيز، ويتذوقون طعام السجن.

ووجهت دعوة لصحفيين محليين وأجانب مختارين يوم الاثنين لزيارة طرة، حيث شاهدوا مباراة كرة قدم للسجناء وحيوانات المزرعة وورشة للمعادن، لكن لم يُسمح لهم بالتحدث إلى النزلاء.

كما بث التلفزيون الحكومي برنامجا قصيرا عن نظام الاعتقال مع تعليق يقول إن السجون يتم تحديثها بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وجاءت انتقادات القوى الغربية -التي تحرص على تطوير العلاقات الأمنية والاقتصادية مع السلطة الحاكمة في مصر- فاترة، علما بأن الجلسات المنعقدة في جنيف تمثل منبرا نادرا يمكنها فيه طرح الأسئلة علانية.

 

لكن قناة الجزيرة حصلت على فيديو من داخل السجون يناقض وجهة النظر التي حاولت السلطات المصرية تسويقها، حيث ظهر جانبا من معاناة المساجين المصريين في المعتقلات ومراكز الاحتجاز.

ويظهر الفيديو مشاهد من داخل الزنزانات التي احتشد فيها عدد كبير من المساجين، ولقطات من يوميات المعتقلين في ظل ظروف غير إنسانية.

وظهر أحد المساجين في المعتقل وهو يسرد شكوى من الأوضاع داخل السجون، وأكد أن المعاناة الأبرز تتعلق بمنع إدخال الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، وعدم توفير الرعاية الصحية المناسبة.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي