أطفال الروهينغا.. تعليم يتهادى وجيل يريد النسيان

التعليم في مخيمات الروهينغا يعاني من قلة الكادر البشري وضعف الإمكانات المادية.
التعليم بمخيمات الروهينغا يعاني من قلة الكادر البشري وضعف الإمكانات المادية (الجزيرة)

محمد غلام-مخيمات الروهينغا

بمهارة تقاذفها مع أترابه، مسترقا لحظات أنس لا تفوّت في هذا الزمن الروهينغي البائس، وهو يركض ويمرح.

وبوقار وجدية قالها محمد جابر ذو 14 ربيعا وهو يدوّر كرته المنسوجة من ألياف شجر الخيزران بيده "نريد أن ننسى".

وكم من أهوال ومصائب شاهدتْ عينا هذا الطفل الوديع؟! شاهد وهو في عمر 12 أعمالا فظيعة من قتل وحرق وذبح من الوريد إلى الوريد وعمليات اغتصاب وبقر بطون.

يستعينون باللعب لنسيان ما شاهدوه من مجازر (الجزيرة)
يستعينون باللعب لنسيان ما شاهدوه من مجازر (الجزيرة)

يوميات مشحونة
سرد الطفل يومياته المشحونة لمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان من ذهاب للمدرسة صباحا لثلاث ساعات، إلى فترة غداء، ثم فترة لعب ساعة، ثم الذهاب لمدرس خصوصي، ثم الذهاب إلى المسجد لحصة تحفيظ القرآن.

ويبدو أن ما لجابر من إرادة وتصميم وتشجيع أهل، ومن سعة رزق نسبية مصدرها تحويلات قريب في المهجر، لا يتوفر للكثير هنا.

ففي مدرسة 24 بمخيم لامباشيا رقم 4 بمنطقة أوكيا بولاية كوكس بازار تقول المدرّسة البنغالية جاهدة بيغوم إن أغلب الأطفال لا يحضرون الحصص نتيجة ما شاهدوه من أهوال، وإن بعض الأهالي لا يرسلون أبناءهم للتعليم أصلا.

كاييس لا تزال تشعر برعب شديد من مشاهد قتل أقربائها وإلقائهم في منازل محترقة (الجزيرة)
كاييس لا تزال تشعر برعب شديد من مشاهد قتل أقربائها وإلقائهم في منازل محترقة (الجزيرة)

قلة تركيز
وشكت بيغوم من قلة تركيز بعض التلاميذ نتيجة ما يقاسونه من اضطرابات نفسية ونوبات هلع مصدرها ما شاهدوه من فظائع.

ويروى لنا محمد رفيق ذو 12 ربيعا أنه شاهد عمليات ذبح وقتل وأنه رأى بأم عينه اغتصاب قريبته وقتلها، وهو لا يزال يشعر برعب شديد يمنعه من التركيز في دروسه.

وتقول ديل كاييس ذات 11 ربيعا إنه لا يفارق مخيلتها أبدا مشهد قوات ميانمارية وهي تقتل بأسلحة نارية صبية أقرباءها وتلقي آخرين في منازل محترقة، وإنها لا تزال تشعر برعب شديد.

‪رفيق شاهد عمليات ذبح وقتل واغتصاب‬  (الجزيرة)
‪رفيق شاهد عمليات ذبح وقتل واغتصاب‬ (الجزيرة)

مناهج وسياسة
ويقول محمد طه ذو الأعوام السبعة إنه رأى قوات ميانمارية تصطحب أباه، وإن عائلته لا تعلم أحي الآن هو أم ميت.

وأغلب المدارس هنا تعمل بثلاث نوبات في اليوم، مدة كل واحدة ساعتان أو ثلاثة، وخمسون إلى مئة تلميذ.

وفي تصريح لمركز الجزيرة للحريات العامة، تقول كارين ريدي مفوضة الاتصال بمكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في كوكس بازار إن مؤسستها -في أحدث إحصاء لها تخصنا به كما قالت- تشرف على تعليم 190 ألف طفل روهينيغي في 2236 مركزا تعليميا.

وبشأن قلة الوقت تشير إلى أنه "لا يؤثر" لأن المنهج يدرَّس كاملا، حيث إن المواد تدرس خلال ستة أيام في الأسبوع دون إجازات، ما عدا الأعياد الإسلامية "وفيما يتعلق بعدد الساعات نحن لدينا أعداد هائلة ونحتاج إلى استغلال الأمكنة".

وعزت المسؤولة الأممية التركيز على المواد الأساسية: الرياضيات واللغتين الإنجليزية والبورمية والتربية المدنية، دون غيرها "إلا أننا في أزمة مع أن ثمة نقاشات حول زيادة المواد".

وبرغم ترجمة المنهج الذي يتلقاه الطلبة إلى البنغالية -إلى جانب الإنجليزية والبورمية- فإن المسؤولة الأممية تكشف لمركز الجزيرة للحريات العامة أن الحكومة البنغالية ترفض تدريس البنغالية أو استخدام منهجها التعليمي لدلالات ذلك سياسيا، في إشارة إلى دعاوى ميانمار بأن الروهينغيين مواطنون بنغال.

المصدر : الجزيرة