قوائم الموت السورية.. رسالة النظام المخضبة بالدم

صورة مسربة من أحد سجون النظام مصدرها مواقع التواصل
صورة مسربة من أحد سجون النظام مصدرها مواقع التواصل

 

عمر يوسف-حلب

‏شكل ملف المعتقلين بسجون النظام السوري معضلة كبرى ‏في القضية السورية وبات من الملفات الشائكة، إذ لم تستطع أي جهة دولية حتى اليوم محاسبة المسؤولين عن عمليات الاعتقال والتعذيب داخل سجون النظام التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها "مسالخ بشرية".

هذا الملف المليء بالشجون عاد ليطفو على السطح بعد أن دأب النظام السوري مؤخرا على إرسال قوائم المعتقلين الذين قضوا تعذيبا داخل سجونه السرية إلى دوائر السجل المدني في المدن والبلدات السورية ليفجع أهالي المعتقل بنبأ وفاة ابنهم بعد انتظار على أمل اللقاء يوما ما.

والمفارقة أن سجلات النظام تظهر أسباب الوفاة داخل السجن بأنها وفاة ناجمة عن المرض لا التعذيب، وتسرد روايات عن أزمات قلبية أو نزيف دماغي أو القنص أو التعرض للتفجيرات من "الإرهابيين"، ويتساءل مراقبون عن مغزى توقيت إرسال تلك القوائم الآن.

‪إنفوغراف من الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن ضحايا التعذيب‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪إنفوغراف من الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن ضحايا التعذيب‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

عجز دولي
وفي أقل من أسبوع كشف مصير أكثر من ثمانية آلاف معتقل من خلال قوائم الموت التي أرسلها النظام إلى السجلات المدنية في مدن داريا وحلب والحسكة ودرعا وأظهرت مصير العشرات من النشطاء السلميين الذين شاركوا في بدايات الحراك الثوري قبيل بدء العمل المسلح.

وهؤلاء الآلاف الثمانية هم من أصل قرابة 13 ألفا و100 ضحية قضوا تحت التعذيب في سجون النظام منذ مارس/آذار 2011 وحتى يونيو/حزيران الماضي في 2018، وفق تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ويرى البعض أن عجز المجتمع الدولي عن نصرة الشعب السوري على مدى سبع سنوات من عمر الثورة السورية وتقدم النظام على الأرض وانحسار رقعة سيطرة المعارضة دفع النظام إلى إرسال تلك القوائم.

كما يعتقد متابعون للشأن السوري أن النظام يبعث رسالة من خلال تلك القوائم إلى معارضيه بأنه يفلت من العقاب ولا سلطة أو شريعة دولية قادرة على محاسبته، وأنه يدير ملف المعتقلين على طريقته الدموية الخاصة التي اعتاد عليها منذ بداية الثورة السورية.

 عمر كوش: توقيت إرسال قوائم الضحايا جاء بأمر من روسيا (الجزيرة)
 عمر كوش: توقيت إرسال قوائم الضحايا جاء بأمر من روسيا (الجزيرة)

مفقودون لا معتقلون
الكاتب والباحث السوري عمر كوش اعتبر أن توقيت إرسال قوائم الضحايا جاء بأمر من روسيا، حيث بدأ النظام يفتح ملف المعتقلين والمفقودين قبيل اجتماع سوتشي بمسار أستانا 10 الذي تحدث عن مفقودين وتبادل جثث الضحايا، مشيرا إلى أن النظام لا يعترف بأنهم معتقلون داخل السجون.

وأضاف كوش للجزيرة نت أن الطرف الإيراني يريد أن يحول المعتقلين في سجون النظام إلى أسرى حرب، وهو ما يميع قضية الاعتقال السياسي ومصير عشرات آلاف الضحايا الذين قضوا جوعا وتعذيبا في تلك السجون.

وعن جدوى الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن الإعدامات من قبل الأهالي، أشار كوش إلى أن معظم الأهالي لا حول لهم ولا قوة، ويعيشون في مناطق سيطرة النظام، فلا يمكن لأي شخص المطالبة بتشريح جثة ابنه أو بتقرير طبي خوفا من بطش النظام والانتقام "فهم ينامون ويحاولون إسكات آلامهم والصمت عليها".

ورأى أن محاسبة النظام على جرائمه بحق المعتقلين لن تكون في الوقت القريب، لأن المجتمع الدولي رهن القضية السورية بيد الروس حلفاء النظام السوري.

أما الصحفي السوري عمر أبو صالح فقال للجزيرة نت إن توقيت إرسال النظام قوائم الموت ليس عن عبث أو بمحض الصدفة، بل هو مدروس بدقة تزامنا مع التطورات العسكرية التي جرت على الأرض مع تقدمه في أجزاء واسعة من مناطق المعارضة، وهي رسالة بأنه المنتصر في المعركة.

واعتبر أبو صالح أن النظام السوري رأى في المتظاهرين السلميين خطرا كبيرا عليه "لكونهم يمثلون فكرا نيرا قادرا على التغيير وتوجيه الرأي العام".

المصدر : الجزيرة