جهود تعليمية واعدة

يبدو 2018 عاما واعدا فيما يتصل بالجهود العالمية الرامية إلى تحسين القدرة على الوصول إلى التعليم وتعزيز جودته.. ولكن كيف ذلك؟

* إيمي بلاك

** أليكسيس مينتين

يعجز نحو 250 مليون طفل في مختلف أنحاء العالَم عن الالتحاق بالمدارس، وكثيرون ممن يمكنهم الذهاب إلى المدارس لا يتعلمون المهارات التي يحتاجون إليها للنجاح في الحياة. وعلى الرغم من الإجماع المتنامي حول الطبيعة الجهازية للتحديات التي تؤثر على التعليم، فإن الاتفاق أقل وضوحا على كيفية معالجة هذه التحديات الجهازية. ومع ذلك، فإن 2018 يبدو عاما واعدا فيما يتصل بالجهود العالمية الرامية إلى تحسين القدرة على الوصول إلى التعليم وتعزيز جودته.

من الأسباب الداعية إلى التفاؤل ظهور ما يسمى شبكات عمل الأقران التي تعمل على تسهيل تقاسم المعرفة على مستوى العالَم، وتشجيع التحسين المستمر على المستوى المحلي. وإذا جرى تنظيم مثل هذه الشبكات على النحو اللائق فإنها قادرة على توفير حل جزئي للتحديات الجهازية التي تؤثر على التعليم.

وهناك العديد من مجموعات الأقران التي تتعامل مع بعض المشاكل الأكثر صعوبة على كوكب الأرض، لكن مجموعتين منها على ارتباط بمنظماتنا تستحقان أن نسلط الضوء عليهما. الأولى شبكة التعليم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة، وتتألف من مجموعة من الممارسين وصناع السياسات من ثلاثين دولة، وتدعمها مؤسسة "نتائج من أجل التنمية" وغيرها من شركاء التنمية. والثانية شبكة تعليم المدن العالمية التابعة لجمعية آسيا، والتي تعمل على تسهيل إدخال التحسينات على أنظمة التعليم الحضرية في مختلف أنحاء أميركا الشمالية وآسيا.

وقد أثمرت كل من شبكات الأقران هذه نتائج محلية. فعلى سبيل المثال عام 2016، أنشأت مدارس دنفر العامة في كولورادو (عضو شبكة تعليم المدن العالمية) برنامج Career Connect الذي يوفر الفرص التعليمية في محل العمل للطلاب. ويعتمد البرنامج على دروس من أنظمة التعليم المهني في هونغ كونغ وملبورن وسنغافورة -وجميعها أعضاء في شبكة تعليم المدن العالمية- بالإضافة إلى سويسرا، لمساعدة الخريجين في الاستعداد للحياة بعد المدرسة الثانوية.

وعلى نحو مماثل، حققت شبكة التعليم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة تقدما كبيرا في مساعدة الدول النامية على التحرك نحو التغطية الصحية الشاملة. وبفضل دعم الشبكة تمكن الأعضاء من تجاوز العقبات الفنية وتأمين الدعم السياسي في الداخل. ومن الممكن أن يساعد تبني نموذج شبكة التعليم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة لدعم المسؤولين بوزارات التعليم الوطنية في إنتاج مكاسب مماثلة بالتعليم في العديد من الدول.

وتقدم كل من هاتين الشبكتين منصة عالمية للممارسين المحليين لابتكار الحلول ودفع الإبداع. وكل منهما تنتظم حول خمسة مبادئ نعتقد أن مجموعات الأقران الناجحة -في التعليم أو أي قطاع آخر- ينبغي لها أن تسعى جاهدة لدمجها في عملها.

فأولا، تجمع الشبكات بين القادة الذين يواجهون قضايا مماثلة في سياقات مختلفة. وتُصبِح شبكات عمل الأقران الدولية أكثر فعالية عندما تكون عبر الثقافات. وقد وجدنا أن الربط بين مجموعات متباينة تعمل نحو تحقيق أهداف مماثلة ينتج غالبا حلولا غير متوقعة وأكثر قوة.

وثانيا، يحظى عنصر "الأقران" في هذه الشبكات بقدر كبير من التأكيد على أهميته. إذ يجري تمكين الأعضاء بالتساوي لتحديد الأولويات والمساهمة في المناقشات. ويكون التعلم عبر الشبكات أكثر نجاحا عندما يستشعر المشاركون قدرتهم على امتلاك النتائج.

ثالثا، تشمل العضوية أولئك الذين يملكون السلطة والقدرة على التأثير في عملية التغيير. على سبيل المثال، تتطلب تحديات عديدة على المستوى الوطني أو مستوى المدينة في مجال التخطيط للتعليم إيجاد حلول سياسية وفنية. ولكي تكون أي شبكة فعّالة، يتعين على صنّاع السياسات والممارسين أن يعملوا في تناسق لإيجاد الحلول للتحديات المشتركة.

رابعا، تلتزم شبكة التعليم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة وشبكة تعليم المدن العالمية بقياس التقدم الجماعي والفردي. وفي حين قد يكون قياس النجاح في التعليم صعبا، وخاصة عبر السياقات المختلفة، فإن شبكات عمل الأقران لابد أن تكون موجهة نحو تحقيق النتائج، وهذا يعني قياس فعاليتها. وعلاوة على ذلك، لابد أن تكون مقاييس المساءلة مستمدة من أنظمة يستخدمها الأعضاء في بلدانهم بالفعل.

وأخيرا، تسعى هذه الشبكات إلى تحقيق الاستدامة. ويتطلب دفع التغيير على نطاق واسع ودائم عبر أي شبكة في أي قطاع -وبشكل خاص في مجال التعليم العالمي- رؤية ثابتة، وهيئة عاملِين تتسم بالكفاءة، وموارد مالية. ولا يستطيع المشاركون في مجموعات الأقران أن يعملوا كصناع سياسات أو ممارسين وأن يديروا بشكل تعاوني منظمة شبكية في نفس الوقت. وتشكل عملية تدبير الميزانية للفرق المركزية لإدارة الدعم الفني للأعضاء وعمليات الشبكة أهمية بالغة لتحقيق النجاح.

ومن المؤسف أن قدرا ضئيلا للغاية من تمويل التعليم مخصص حاليا للاستثمار في شبكات التعليم الجديدة. ومن الممكن أن تساعد زيادة الاستثمار في شبكات عمل الأقران في تعزيز القيادة والقدرة على التنفيذ، وهي من العناصر المهمة لتوسيع فرص التعليم في مختلف أنحاء العالَم، وهدف أساسي من أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.

ولا توجد حلول سهلة لتوفير التعليم العالي الجودة لكل طفل على كوكب الأرض. ولكن، كما يُظهِر نمو شبكات عمل الأقران، فإن قادة التعليم العالمي لا يخوضون هذا الكفاح وحدهم. وعندما يتقاسم صناع السياسات والممارسون من ذوي الفِكر المتماثل الأفكار ويتعاونون لإيجاد الحلول، تصبح التحديات التعليمية العالمية أقل صعوبة.

————————–
* كبيرة زملاء نتائج من أجل التنمية.

** المديرة التنفيذية لتنمية البرامج بمركز التعليم العالمي بجمعية آسيا

المصدر : بروجيكت سينديكيت