عائلات في الأسر.. أوجاع المقهورين في مصر

صورة لمعتقلي عائلة الشاطر
صورة لمعتقلي عائلة الشاطر (مواقع التواصل)
القاهرة-محمد السهيلي
"بلا فرحة وبلا أضواء تزوجت، ولأني ابنة أبي الإمام والخطيب بالأوقاف المعتقل منذ خمس سنوات ونصف، ما كان لي أن أرتدي فستانا أبيض ولا طرحة وأبي لم يعقد قراني ولم يمسك بيدي ليضعها بيد زوجي".
"يمنى" فتاة عشرينية جامعية تقول للجزيرة نت عن غياب أبيها شبل عسكر عن عرسها "رغم الألم الذي يسكن قلبي وعقلي إلا أن أشد اللحظات قسوة لي ولأمي عندما قرع بابي أحدهم خاطبا لي ونحن داخل الدار نساء فقط: أبي، عمي، وأخي الأكبر.. كلهم معتقلون".
وأضافت "ولأني ابنة الشيخ شبل (أحد مؤسسي نقابة الدعاة بمصر) لم أبك كالنساء وأخذت من صبر أمي العون والمدد، وتزوجت بدون أن أحقق أمنيتي ككل فتاة ينظر بعينيها أبوها ليرى فيهما السعادة فتخجل وتردهما للأرض، إلا أنني بكل لحظة كنت أبحث عن يد أبي بين ذكرياتي كي تواسيني وعن صوته كي يهدئ من آلامي، وعن ظلاله كي تحيطني".

يمنى، ليست إحدى الحكايات الخيالية ولكنها قصة فتاة مصرية خطف أبوها أمام عينيها ومن بعده أخوها وعمها، لتتزوج في صمت، كغيرها من المقهورات الكثيرات، فمنهن من أنجبت والأب معتقل، ومنهن من مرضت ولم تجد من يداويها ومنهن من ماتت وابنها وزوجها في الأسر، ومنهن من تزوجت وخُطف حبيبها مثل "آلاء".
‪لغة الإشارة وسيلة التواصل الوحيدة أحيانا بين المعتقلين وعائلاتهم‬  (الجزيرة)
‪لغة الإشارة وسيلة التواصل الوحيدة أحيانا بين المعتقلين وعائلاتهم‬  (الجزيرة)

كابوس آلاء

"وكأنهم كانوا ينتظرون يوم العرس"، جملة لخصت بها "آلاء عزت" حكاية أخرى من حكايات القهر في مصر، فهي جامعية درست الإعلام، تزوجت من شاب جامعي يدعى "رضى" وقد خطف وهو يتهيأ لصلاة الفجر، ولم يمر على زواجهما إلا أيام ليخطفوا فرحتها كما خطفوها من قبل حينما رأتهم يعتقلون أباها (المدير بالتربية والتعليم بالشرقية) قبل ثلاثة أعوام".
وتشكو آلاء الهم والحزن على أبيها وفراق زوج لم ير أي منهما الآخر بما يكفي وقد "صار أمل رؤيته بين القضبان أو خلف الأسلاك كابوسا مزعجا".
أما زوجة الدكتور مصطفى النجار، الطبيب والسياسي المختفي منذ نحو شهرين وعجزت أسرته ومحاميه عن معرفة مكانه وسط بيانات حكومية تؤكد عدم علمها بمكانه أو إلقائها القبض عليه، فقد كشفت عن حالة قهر أخرى بمصر.
السيدة شيماء، لم تتحدث عن مشاعرها كزوجة، فـ"نفسية الأولاد تعبانة جدا"، وسهيل ابنها ذو السنوات الست "كل يوم يسألني متى يأتي أبي هو خلص شغله؟، ودائما ما يتذكر مواقفه الطريفة، وكان غاضبا لأن مصطفى لم يوصله للمدرسة أول يوم دراسي، ومفتقد لكل الحاجات الحلوة من يد بابا مهما جبتها أنا". وابنتاه الأخريان "يمنى" (13 عاما) و"هنا" (11 عاما) تعيشان كوابيس يومية وشوق عارم إليه.
ومن ألم إلى ألم عبرت زوجة خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين عن كم الحزن والقهر والمعاناة لفراق ابنتها عائشة المختطفة قبل أسابيع، وكيف أن الأمن المصري رفض السماح برؤيتها وأنها حاولت أن تراها وهي تخرج من عربة الترحيلات دون جدوى، حتى سمعت صوت عائشة يناديها.
وتحت عنوان "آيات الله" كتبت السيدة عزة توفيق بفيسبوك الأربعاء "كنت أقف أنظر لعرية الترحيلات التي لا أعلم إن كانت عائشة بها أم لا والحرس يكيدون لي حتى يحيلوا بيني وبين رؤيتها، وإذا بها تنادى وأنادي عليها".

وحكت سارة الشاطر، أخت عائشة عن معاناة (عبدالله) ابن أختها المعتقلة، وكيف ترك مدرسته لرؤية أمه عند العرض على النيابة وكيف منعه الضابط من رؤيتها وكيف أخذته لعمارة مواجهة حتى يرى أمه، وكيف قال لها "ممكن تشيليني عاوز أشوفها"، فحملته فوق كتفيها ومع ذلك لم ير أمه وكيف كانت مشاعره وماذا كتب لها؟
وأضافت سارة عبر صفحتها بـ"فيسبوك" الثلاثاء "جئت ووجدته يرسم على السبورة وقد كتب بالإنجليزي (عاوز ماما أنا بابكي)".
المصدر : الجزيرة