ندوة ببرلين: مصر تشهد أسوأ الانتهاكات بتاريخها

المشاركون بالندوة اعتبروا أن مصر وصلت لطريق مسدود سياسيا واقتصاديا وإنسانيا تحت حكم السيسي. الجزيرة نت
المشاركون في الندوة اعتبروا أن مصر وصلت لطريق مسدود سياسيا واقتصاديا وإنسانيا تحت حكم السيسي (الجزيرة نت)

خالد شمت-برلين

اعتبر مشاركون في ندوة نظمتها مؤسسة "هاينريش بول" البحثية الألمانية أن مصر تعاني الآن من أسوأ أزمة لانتهاكات حقوق الإنسان بتاريخها، ورسموا صورة سوداوية للأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، وشددوا على أن بروز صوت ضحايا قمع نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي للرأي العام يمكن أن يؤثر على السياسة الألمانية والأوروبية تجاه القاهرة.

وعقدت ندوة المؤسسة البحثية القريبة من حزب الخضر المعارض في برلين أمس الاثنين تحت عنوان "أزمة حقوق الإنسان بمصر ومسؤولية أوروبا"، وشارك فيها باحث ألماني بارز بالشأن المصري، وممثل لمنظمة حقوقية دولية، وناشطان مصريان مرا بتجربة اعتقال قاسية تعرضا خلالها لتعذيب مروع في السجون المصرية، وأفرج عنهما بعد ضغوط أميركية وألمانية.

وقدمت الصحفية بمجلة دير شبيغل ومديرة الندوة فيونا إيهلرز توصيفا للأوضاع المصرية الراهنة، مشيرة إلى أن مصر دولة تسودها أحكام الطوارئ، ويعاني اقتصادها من مشكلات كارثية، ويحكمها قائد سابق للجيش وصل للسلطة عبر انقلاب عسكري، ويستخدم مكافحة الإرهاب مبررا لتقليص الحريات وإبقاء الآلاف من معارضيه السياسيين بغياهب السجون، وأشارت إلى إعادة ألمانيا تطبيع علاقتها مع القاهرة رغم توقيع السيسي على قانون المنظمات الحكومية المثير للجدل.

وتحدث ممثل لمؤسسة هاينريش بول عن استمرار المؤسسة في تجميد عملها في مصر، وصعوبة قبول نشطاء مصريين المشاركة في فعاليات تقيمها بألمانيا عن أوضاع بلدهم بسبب خوفهم من إضرار نظام السيسي بأسرهم.

وروى الناشطان والمعتقلان السابقان محمد سلطان وأحمد سعيد تجربتين قاستين للاحتجاز والتعذيب بالسجون  المصرية، واتفقا على أن مرور أكثر من عام على خروجهما من هذه المحنة لم ينسهما أكثر من ستين ألف معتقل يمرون بنفس معاناتهما السابقة ويستحقون الدفاع عنهم وإطلاق حملة ضغط دولية على نظام السيسي للإفراج عنهم.

ورأى سلطان أن استقبال السيسي في برلين وعواصم غربية يعني فقدان الغرب قيمه الديمقراطية، وذكر أن وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري أظهر تفهما لتوقعه نشوء موجة واسعة من التطرف بمصر إنْ استمر التعذيب بسجون هذا البلد.

واعتبر  سعيد -وهو طبيب بفرانكفورت اعتقل لمدة عام بمصر بعد سفره إليها لحضور حفل زفاف هناك- أن السيسي عاجز عن مساعدة ألمانيا وأوروبا في أي مجال، وأوضح أن أعداد اللاجئين القادمين لأوروبا من مصر تضاعفت أربع مرات عما كانت عليه قبل عامين، في وقت تزايد الإرهاب.

احتجاجات سابقة على زيارة السيسي إلى ألمانيا (الجزيرة نت)
احتجاجات سابقة على زيارة السيسي إلى ألمانيا (الجزيرة نت)

وقال ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش بألمانيا فولفغانغ بوتنر إن الخارجية ودائرة المستشارية الألمانيتين منفتحتان تجاه الفضايا الحقوقية، ووصول أصوات ضحايا الاعتقال والسجن في مصر إليهما من شأنه إحداث تغيير بالسياسة الألمانية تجاه القاهرة.

ولفت فولفغانغ إلى أن أكثرية النشطاء المصريين غادروا بلدهم للمنافي، في حين بقي عدد محدود ممنوعين من السفر ويخضعون مثل المنظمات الحقوقية لمراقبة مكثقة.

واعتبر رئيس وحدة بحوث الشرق الأوسط بالمؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية شتيفان رول أن صورة شعب مكمم الأفواه هي الأكثر تعبيرا عن مصر من صورة الأهرامات الموجودة بشعار الندوة، وذكر أن السياسة الألمانية تجاه مصر السيسي متأثرة بعوامل عدة منها مسألة اللاجئين والاهتمامات الاقتصادية والتصور المغلوط بتحسين أوضاع الأقباط في ظل النظام الحالي.

وقال رول إن تجاوز السيسي للخطوط الحمر بارتكابه مذبحة رابعة لم يواجه من ألمانيا وأوروبا بسحب سفرائهم من القاهرة رغم اتفاقهما على اعتبار ما جرى مذبحة، ولفت إلى أن برلين ضيعت فرصة للتأثير لصالح المجتمع المدني بمصر نتيجة منحها السيسي اعترافا رمزيا يحتاجه باستقباله مرتين في برلين، وسفر المستشارة ميركل ووزراء ألمان بارزين للقاهرة.

وأشار الباحث إلى أن فرصة ثانية ما زالت متاحة لألمانيا من خلال ربط مساعداتها وتأييدها لإقراض مصر من المؤسسات الدولية بتحسين نظام السيسي أوضاع حقوق الإنسان وتحقيق انفتاح سياسي.

ورأى رول أن تطورات مصر مرتبطة بتحولات السياسة العالمية، وأوضح أن الجميع يعرف أن مصر دولة مفلسة واقعيا ولا يمكنها العيش بلا مساعدات خارجية حيث تخصص حكومتها 40% من ميزانيتها السنوية لسداد فوائد الديون.

وخلص الباحث الألماني إلى استبعاد تخلي نظام السيسي عن السلطة وفعل أي شيء للاحتفاظ بها، بينما رأى الناشط أحمد سعيد أن الغضب المتصاعد وتردي الأوضاع الاقتصادية يؤشران لإمكانية اندلاع ثورة جديدة تحقق آمال المصريين في الحرية والعيش الكريم.

المصدر : الجزيرة