حين يتحدث مرسي عن أمور شخصية

محمد غلام- الدوحة

حينما يتحدث الرئيس المصري المعزول محمد مرسي عما يعانيه شخصيا وليس عن أمور عامة كالشرعية والوطن والانقلاب، فاعلم أن الأمر جلل وخطير.. ذلك ما عبر عنه عدد كبير من النشطاء والسياسيين والحقوقيين المصريين.

فقد آثر مرسي دائما -خلال سلسلة جلسات محاكمته التي امتدت إلى العشرين- تحدي نظام عبد الفتاح السيسي، والحديث عن الطابع السياسي لمحاكمته وبطلانها وتمسكه بشرعية منصبه.

ويوم أمس، كشف مرسي جانبا أمام جنايات القاهرة مما يتعرض له من معاملة قاسية بلغت حد منعه من مقابلة أهله ومحاميه طوال أربع سنوات، وأن هناك أشياء يود مناقشتها مع محاميه تمس حياته الشخصية.

وفي تصريحات صحفية، أكد عبد الله نجل الرئيس أن والده معزول تماما عن العالم وأن أخباره "منقطعة" عن عائلته ومحاميه منذ السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2013، حين زاره محاموه في محبسه بسجن برج العرب بالإسكندرية.

وقال عبد الله مرسي إنهم تقدموا بعشرات الطلبات للسلطات وللمنظمات الحقوقية، إلا أنه "لم يحدث شيء".

معاملة مريبة
ويقول د. محمد محسوب وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري السابق لـ الجزيرة إن معرفته بشخصية الرئيس مرسي تخوله القول إن الأمر خطير، وإن مرسي حينما يتحدث عن معاناة شخصية فإن "الأمر أكبر بكثير" من ذلك.

ويضيف أن مرسي وكثيرا من المعتقلين في عهد مبارك لم يتحدث أي منهم عن معاناة شخصية، وإن كانوا عانوا بالفعل، ولكنهم آثروا دائما الحديث عن الأمور العامة.

ويتابع محسوب أن ما تسرب من بعض المحامين أيام كان يسمح لهم بلقاء مرسي قبل سنوات أن معاملته كانت "مريبة"، مشيرا إلى أن المسلسل الذي قتل فيه الكثير من المعتقلين سابقا بمنع الدواء عنهم -والرئيس مرسي أحد من يتناولون الدواء بشكل مزمن- يراد له أن يتكرر مع مرسي، وأن "عملية منع الدواء ربما تستهدف النتيجة التي حصلت مع كثيرين ممن قضوا في السجون المصرية".

ضغوط كبيرة ومتواصلة
وكان مفترضـا أن تستمع المحكمة أمس لمرافعات دفاع الرئيس المعزول، لكن محاميـه سليم العوّا تنحى عن الترافع مكتفيا بتقديم مذكرة مكتوبة، وذلك إثر تعرض عصام سلطان القيادي بـ حزب الوسط لإغماء داخل قفص الاتهام، إذ اعتبر العوا حالة "سلطان" الصحية دليلا على المعاملة القاسية داخل السجن.

كما اعتبرت حملة "الشعب يدافع عن الرئيس" أن "الرئيس لا يطلق مثل هذا التصريح إلا إذا كان يتعرض لضغوط كبيرة ومتواصلة من قبل سلطة الانقلاب".

ووفق الحملة فإنها المرة الأولى التي يخرج فيها "الرئيس المختطف" عن صمته منذ إخفائه عام 2013، ويتحدث بشأن أمور تخص سلامته وحياته الشخصية، و"هذا يمثل قلقا بالغا بشأن صحته".

ورأت أن ذلك يمثل "صرخة مدوية للمجتمع المصري والإقليمي والدولي، وأن صحة الرئيس بلغت من الخطورة ما لا يمكن السكوت عنه.. وسط صمت وتواطؤ من جميع أطراف المعادلة السياسية والحقوقية".

وطالبت الحملة بضرورة إجراء كشف طبي شامل ومراجعة كافة الأدوية والأطعمة التي يتلقاها مرسي في محبسه.

أما مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، فكتب أن حرمان مرسي من نفس الحقوق التي تمتع بها الرئيس المخلوع حسني مبارك أيام اعتقاله "عار".

كما وصف الناشط السياسي إسلام لطفي تصريحات مرسي بأنها عار سيظل يلاحق الجميع حكومةً وقضاء وحقوقيين وسياسيين مؤيدين ومعارضين.

وتساءل السياسي والإعلامي حمزة زوبع معلقا على شكوى مرسي "أين أصحاب دكاكين حقوق الإنسان؟".

ويسود اعتقاد واسع أن مرسي ورفاقه يتعرضون لعملية قتل بطيئة وممنهجة لتغييبهم في صمت، ليس لأن السلطات المصرية لم تتعهد قط بسلامة المعتقلين السياسيين بسجونها، وإنما أيضا بالنظر إلى حوادث الوفاة المتواصلة بالسجون المصرية نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية.

المصدر : الجزيرة