كيف يعمل صحفيو مصر؟

Anti-Government protesters shout slogans during a demonstration outside the Egyptian Journalist Syndicate in downtown Cairo, Egypt, 25 January 2015. According to local reports official celebrations of the 2011 protests which led to the fall of the Mubarak regime were cancelled due to the death of Saudi King Abdullah, however, security across Cairo has been increased ahead of 25th January, in the lead up to which their have been renewed protests both by Morsi supporters
مهرجان تضامني مع الصحفيين المصريين خارج نقابتهم بالقاهرة (الأوروبية)


عبد الله حامد-القاهرة

تعمل الصحفية "م" مراسلة لأحد المواقع الإخبارية العربية التي لا تروق للنظام المصري، وهي تبذل كل يوم جهدا فوق العادة للحصول على تعليقات خبراء حول الأوضاع الراهنة، بعد أن بات معظمهم يخشون الحديث لها، وانتقل الذعر لها شخصيا فتوقفت إلى حين عن مراسلة الموقع المغضوب عليه.

تقول: ورغم ذلك أنام على هلع من اقتحام الأمن منزلي واعتقالي بتهمة التخابر مثلا.

وخرج من مصر عشرات الصحفيين والإعلاميين بعد أن جرى التضييق عليهم في أعمالهم بل وتهديدهم، مثل يسري فودة وليليان داود.

ومن المعتاد أن تجد عددا من صحفيي مصر بالخارج يكتبون على صفحاتهم في فيسبوك معربين عن الأمل في العودة يوما ما لزيارة الأهل، غير أن ما يمنعهم هو الخشية من الاعتقال.

انسدت كافة السبل أمام زوجات وأبناء الصحفيين المصريين المعتقلين فرفعوا أكف الضراعة لبارئها
انسدت كافة السبل أمام زوجات وأبناء الصحفيين المصريين المعتقلين فرفعوا أكف الضراعة لبارئها

القائمة السوداء
ودخلت مصر "القائمة السوداء" في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2017 والذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود" مؤخرا، حيث احتلت المرتبة 161 بالقائمة التي تضم 180 دولة على مستوى العالم.

ووفق تقرير المنظمة "تتنوع وسائل قهر الصحفيين ما بين الاعتقال التعسفي لعشرات الصحفيين، والمحاكمات الجائرة وتكميم الأفواه والحبس لمدد طويلة دون محاكمة، وترسانة قوانين مقيدة للحرية آخرها قانون الهيئات الإعلامية الذي صدر قبل أشهر".

ويتزامن صدور التقرير مع الذكرى الأولى لاقتحام قوات الأمن مبنى نقابة الصحفيين بالقاهرة، للقبض على صحفيين كانا يعتصمان بها.

وتفاقمت وقتئذ الأزمة بين السلطة والصحفيين، فدعا مجلس النقابة لجمعية عمومية كانت الأضخم في تاريخها، وطالبت باعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي وإقالة وزير الداخلية.

وبالمقابل، صعدت السلطات إجراءاتها واحتجزت نقيب الصحفيين السابق (يحيى قلاش) وعضوين بمجلسها بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، ولاحقا عوقب النقيب وعضوا المجلس بالسجن عاما مع إيقاف التنفيذ.

وحشدت السلطة لانتخاب عبد المحسن سلامة نقيبا للصحفيين ضد قلاش، ثم عين صحفيون مقربون من السلطة قيادات لهيئات تنظيم الصحافة والإعلام.

واضطر رئيس مجلس إدارة الأهرام أحمد النجار للاستقالة عقب قرار هيئة تنظيم الصحافة بمنع إدارات المؤسسات من اتخاذ أية قرارات قبل الرجوع للهيئة، ثم أحيل للتحقيق بتهمة الإساءة للمؤسسة بوسائل الإعلام.

ومنع سكرتير عام نقابة الصحفيين حاتم زكريا عضواً بالمجلس من حضور اجتماع هيئة المكتب، بالمخالفة للقانون.

‪إقرار قانون المؤسسات الصحفية يستهدف إحكام القبضة على المؤسسات والمجالس الصحفية‬ إقرار قانون المؤسسات الصحفية يستهدف إحكام القبضة على المؤسسات والمجالس الصحفية (الجزيرة)
‪إقرار قانون المؤسسات الصحفية يستهدف إحكام القبضة على المؤسسات والمجالس الصحفية‬ إقرار قانون المؤسسات الصحفية يستهدف إحكام القبضة على المؤسسات والمجالس الصحفية (الجزيرة)

صعوبات ومخاطر
وأكد الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد "تزايد صعوبات ومخاطر العمل الصحفي بمصر في ظل قوانين مثل قانون الإرهاب الذي يجرم الاعتماد على مصادر غير رسمية فيما يتعلق بتغطية الأحداث الساخنة، فضلا عن تجريم نقل الأخبار لبعض الصحف والقنوات المحلية والدولية، وإحالة من يقوم بذلك إلي دوائر الإرهاب في قضايا نشر أخبار كاذبة أو محاكمتهم عسكريا".

وتابع "فرض الطوارئ يضاعف القيود على النشر، ويمكن الرقيب من رقبة الصحيفة، كما جرى مؤخرا من مصادرة صحف معروفة بولائها للسلطة" مؤكدا أن جملة الإجراءات والقوانين المشددة تنتج رقابة ذاتية من الصحفي على قلمه بـ "أضرار أفدح من قسوة الإجراءات نفسها".

ورأى الناشط والصحفي أحمد عبد العزيز أن "كل خطوات السلطة تؤكد سعيها لحصار الصحافة بالقوانين المقيدة حتى تشرعن إجراءاتها القمعية وتأتي بالطوارئ في هذا السياق".

واعتبر عبد العزيز في حديثه للجزيرة نت أن "إقرار قانون المؤسسات الصحفية يستهدف إحكام القبضة على المؤسسات والمجالس الصحفية تمهيدا لاختيار من يراه النظام من القيادات الصحفية منفذا لرؤيته".

وأشار إلى أن "ممارسة الصحافة -خاصة بالنسبة للفرق الميدانية التي تعمل على الأرض ـ بمثابة مغامرة كبرى، ربما لا تكون محمودة العواقب".

بدوره، دافع سلامة بالقول "وضع الحريات الصحفية تحسن تماما، حيث نجحت في إنقاذ أربعة صحفيين من دخول السجن في قضايا نشر" مؤكدا عدم التدخل لصحفي متهم في "قضايا إرهابية". 

ورفض النقيب في تصريحات صحفية "ما جرى من اقتحام للنقابة منذ عام" مع تأكيده على "وقوع خلل في معالجة الموقف أوصل النقابة لهذه المرحلة".

المصدر : الجزيرة