رجال الموصل.. من الفرار إلى الاعتقال

Displaced Iraqi men who fled their homes during a battle between Iraqi forces and Islamic State militants, stand in line for a security check at Hammam al-Alil camp checkpoint south of Mosul, Iraq April 14, 2017. Picture taken April 14, 2017. REUTERS/Muhammad Hamed
رجال عراقيون وصلوا لتوهم إلى حمام العليل يخضعون لفحص أولي (رويترز)

ظل ضابط المخابرات العراقي يكرر نفس السؤال على محمد (46 عاما) الهارب من الموصل "لماذا لا تزال ملتحيا؟".

وبعد أن عبر مع زوجته وأطفاله خطوط القتال بين الحكومة والمليشيات الداعمة له وبين تنظيم الدولة الإسلامية، كان محمد يمنّي النفس بخيمة وفرصة لالتقاط الأنفاس والراحة في مخيم النازحين المزدحم في بلدة حمام العليل.

وأشار نشطاء في مجال حقوق الإنسان إلى أن الأمر انتهى به بدلا من ذلك إلى الاستجواب ثم الاعتقال، وهو مصير يشاركه فيه آلاف اتهمتهم السلطات بأن لهم صلات بالتنظيم.

ويفر قرابة ألفي شخص يوميا مع تضييق الحكومة الخناق على مقاتلي تنظيم الدولة المحاصرين في النصف الغربي من المدينة، آخر معقل كبير متبق لهم في العراق.

ويُقتاد البالغون الفارون لمخيم حمام العليل -وهو نقطة وصول النازحين- إلى مجمع ذي أسوار يفحص فيه الضباط بطاقات الهوية ويطابقونها مع قاعدة بيانات لمن يشتبه في أنهم أعضاء بالتنظيم.

أحقاد شخصية
لكن نشطاء في مجال حقوق الإنسان والسكان يقولون إن قاعدة البيانات لا تستند دائما إلى الأدلة، وإنما إلى الأحقاد الشخصية أحيانا وإلى مجرد المظهر الخارجي مثلما حدث في حالة محمد، علما بأن إطلاق
اللحى إلزامي في ظل حكم التنظيم الذي سيطر على الموصل عام 2014.

وظل الرجل يقول "سيدي، لم يكن لدي وقت لأحلقها.. كنت أفر مبتعدا"، بينما جرى إبقاء أسرته في منطقة مسوّرة منفصلة.

وقال الضابط الذي طالب محمد بالنظر أرضا خلال التحقيق "من أين أنت؟ ماذا كنت تفعل تحت حكم داعش؟".

‪الحكومة العراقية تخضع جميع الرجال الفارين من الموصل للتدقيق الأمني‬  (رويترز)
‪الحكومة العراقية تخضع جميع الرجال الفارين من الموصل للتدقيق الأمني‬ (رويترز)

قوائم سرية
وحين لم تعجبه الردود أرسله الضابط إلى حاوية شحن جرى تحويلها إلى مكتب لمزيد من الاستجواب، رغم أن اسمه لم يكن مدرجا في قاعدة البيانات.

وقال الضابط مفسرا قراره "هو جاء من بابل وهي قرية خارج الموصل حيث كان يختبئ قناصة داعش في المزارع ويطلقون النار على المدنيين. وقبل أن يستطيع الذهاب إلى حال سبيله، علينا أن نتأكد من زملائنا هناك ماذا فعل في ظل داعش".

وقال رئيس وحدة العمليات الأمنية المشتركة الخاصة بإجلاء النازحين من الموصل الفريق الركن باسم حسين علي إن السلطات تلقي القبض على نحو ثلاثين شخصا كل يوم لصلاتهم المزعومة بتنظيم الدولة. وأضاف أن "داعش يرسل الناس إلى المخيمات، ولذلك علينا تنقيتهم".

وتقدر هيومن رايتس ووتش أن نحو 1200 شخص اعتقلوا وأن نحو 700 آخرين أرسلوا إلى بغداد للتحقيق، بيد أنه لم يُعرف بعد إن كان أي منهم قد أدين".

ويكشف ليث محمد -وهو ضابط مخابرات كبير في حمام العليل- أن مصادر "ذات مصداقية" ممن فروا من الموصل، أعدوا "قوائم" بمن عملوا مع تنظيم الدولة.

ويقول الفريق علي بشأن التحقيق "هناك تدقيق أمني.. نسحب هوية النازحين الذكور فقط.. يتم تدقيقها على الحاسبات، وفي حالة ظهور أنه مطلوب للأجهزة الأمنية يعزل عن عائلته وتبلغ عائلته".

لكن كبيرة الباحثين في الشأن العراقي بالمنظمة الحقوقية بلقيس ويلي تقول إن مديري السجون في حمام العليل والقيارة جنوب الموصل، أبلغوها بأنهم يعتقدون أن ثلث النزلاء لديهم أبرياء، وأنهم كثيرا ما كانوا يُحتجزون لتشابه أسمائهم مع مطلوبين. وحوت قائمة ترقُّب واحدة نحو 80 ألف شخص مشتبه به.

وتشير بلقيس إلى أن كثيرين زج بهم في السجون بسبب اتهامات كاذبة تحركها خلافات شخصية، وفي حال إطلاق سراح الرجال يتعين الحصول على تصاريح أمنية للمطالبة بأموال محتجزة في البنوك أو رواتب للموظفين تحتجزها الحكومة.

المصدر : رويترز