صور التعذيب الصادمة بالعراق تثير تساؤلات أخلاقية

مصادر تؤكد تعذيب مختطفين عراقيين
مشاهد التعذيب تكررت بشكل لافت في العراق مؤخرا (الجزيرة)

تذكّر صور كُرّم ملتقطها الأسبوع الماضي في فرنسا بصور سجن أبو غريب السيئ السمعة بالعراق، بل إنها أسوأ، حيث تصور مدنيين في الموصل يواجهون الاغتصاب والتعذيب والقتل على أيدي جنود جيشهم بعد استعادته السيطرة على مدينتهم من تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقول مراسل الحرب المخضرم من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) جيريمي بوين عن تلك الصور التي التقطها المصور الكردي علي أركادي "إنها أكثر الصور الشريرة والمزعجة التي شاهدتها في حياتي".

وحصلت مجموعة من الصور بعنوان "تقبيل الموت" التقطها أركادي أثناء مرافقته وحدة من القوات الخاصة العراقية، الأسبوع الماضي على جائزة بايو، أكبر جائزة فرنسية لمراسلي الحرب.

وقال بوين الذي رأس لجنة التحكيم لجائزة بايو-كالفادوس، إن الصورة ليست قوية حقا فحسب، بل "إنها شريرة".

لكن ليس المحتوى فقط هو ما أزعج لجنة التحكيم، فقد أقر أركادي (34 عاما) بأنه تعرض للضغط من أجل ضرب اثنين من المشتبه فيهم أوقفتهم القوات العراقية، وأنه أقدم على صفع رجل وضرب آخر خلال جلسة تعذيب بهدف إنقاذ نفسه، وأنه "ليس فخورا" بذلك. لكن مراسلي حرب آخرين تساءلوا عما إذا لم يكن تخطى خطا أحمر.

وبينما أصر بوين على أن "الخدمة التي قام بها بالتقاط تلك الصور أقوى من حقيقة ارتكابه بعض الأخطاء"، لم يقنع ذلك آخرين.

وقال عضو آخر في اللجنة طلب عدم ذكر اسمه إنه يشعر بالقلق إزاء المسائل الأخلاقية التي تثيرها تلك الصور "الصادمة".

واضطر أركادي إلى الفرار من العراق مع أسرته في وقت سابق هذا العام، حاملا معه صورا وأفلاما قال إنها تثبت ارتكاب "وحدة الرد السريع"، التي رافقها لشهرين، جرائم حرب.

وقالت وكالة الصور (سبعة) التي يعمل لها ومقرها الولايات المتحدة والتي ساعدته على الخروج من العراق، "ما بدأ قصة إيجابية بالنسبة لعلي حول الجنود السنة والشيعة الذين يقاتلون في المعسكر نفسه ضد عدو مشترك، تحوّل إلى رحلة مروعة تشمل التعذيب والاغتصاب والقتل وسرقة مدنيين أبرياء على أيدي عناصر وحدة الرد السريع".

صورة تكشف تعذيب أفراد من الحشد الشعبي لأطفال في قرية بنواحي القيارة جنوب الموصل (ناشطون)
صورة تكشف تعذيب أفراد من الحشد الشعبي لأطفال في قرية بنواحي القيارة جنوب الموصل (ناشطون)

اغتصاب نساء
وقال أركادي "رأيت اثنين من الأبطال (قادة الوحدة) يرتكبان أمرا سيئا"، مضيفا "بدؤوا بتعذيب أشخاص واغتصاب نساء. كل شيء تغيّر في ذهني، أصبحت مشوشا. قررت أن أقوم بالمزيد من التحقيق".

وقال بوين الذي أمضى عقودا في كتابة تقارير عن الشرق الأوسط، إن حقيقة كشف أركادي عن انتهاكات لم تكن لتنكشف لولاه هي العامل الأهم.

ورفض مراسل الحرب البريطاني من صحيفة غارديان والحائز على جائزة "شون سميت" بدوره إدانة أركادي.

ويعتمد عمل المراسلين المستقلين إلى حد بعيد على خياراتهم الشخصية ومعاييرهم الخاصة، فـ"إما لا يقومون بأي تغطية، وإما يذهبون إلى تغطية أكثر المواضيع إثارة للجدل. هم فقط يغذون" وكالات الأنباء التي تريد أن تظهر أنها "لا تزال تعمل رغم أنها لم تعد تغطي معظم المواضيع".

وتابع "وعندما تحدث مشكلة ما، يصبح الشخص كبش فداء ويبدأ الجميع بالكلام عن الأخلاقيات".

وقال سين سميث، وهو مصور من غارديان، إن أركادي لم يكن يجدر به المشاركة في عمليات تعذيب، لكن المصورين أحيانا يجدون أنفسهم في مواقف صعبة.

وأوضح "إذا رافقت أشخاصا كهؤلاء لا يمكنك القول: لا أوافق على ما تفعلونه.. تسير معهم وتختفي، وربما ينتهي بك الأمر للشرب حتى الثمالة معهم".

وأشار إلى أن هناك دائما "خطرا حقيقيا بأن ينتهي بك الأمر مرميا على جانب الطريق برصاصة في رأسك".

المصدر : الفرنسية