طالبة مصرية تبدد أحزان مؤبد والدها بالتفوق

عبد الرحمن محمد-القاهرة

عامان ونصف العام من معاناة لم تنته بعد منذ اعتقال والدها، وحكم صادم عليه بالسجن المؤبد يبعث بين الفينة والأخرى هواجس مفزعة بالحرمان من اللقاء والوصال، وعقبات أخرى ذات صلة لم تفت من عزمها لتحقيق مفاجأة لم ترد بخاطر القريب قبل البعيد.

وبينما احتبست أنفاس البعض أملا في أن تسعد أسماعهم بأسماء ذويهم من طلاب الثانوية العامة ضمن الحائزين على المراتب الأولى لهذا العام، لم يصدق ذوو الطالبة أميرة إبراهيم العراقي أسماعهم حينما أُذيع اسمها مصحوبا بالإعلان عن حصولها على المرتبة الأولى مكرر على أقرانها.

ولم يكن مبعث المفاجأة افتقاد أميرة استحقاق هذه المرتبة لما عُرف من تميزها واجتهادها، وإنما ما تمر به من ظروف استثنائية يصعب معها تحقيق تلك الغاية، فوالدها إبراهيم العراقي البرلماني السابق وأستاذ المسالك البولية والكلى بجامعة المنصورة قيد الاعتقال منذ مطلع عام 2014 وصادر بحقه حكم بالمؤبد في مايو/أيار 2015.

تقول أميرة إنها رغم ما مرت به من ظروف صعبة اكتنفت أحوال أسرتها جميعا نتيجة اعتقال والدها والحكم عليه، فإنها استطاعت بفضل الله والثقة به أن تحقق هذه النتيجة وتدخل البهجة والسرور على ذويها.

وتابعت في حديث للجزيرة نت "لا أعلم بعد ما إذا كان والدي قد وصله الخبر، لكنني متأكدة من أنه سيكون فخورا بي ومبتهجا بهذه النتيجة"، لافتة إلى أن سعادتها لا توصف بما أثمره تفوقها من "أثر حسن لدى الكثير من أهالي المعتقلين والمطاردين وأهالي الشهداء ورافضي الانقلاب".

مفاجأة
ورغم حرصها الشديد على تحصيلها الدراسي وبذل كل طاقتها الممكنة في سبيل ذلك سعيا لتحقيق نتيجة تدخل بها السرور على والدها المعتقل، فإنها لم تكن تضع الحصول على المرتبة الأولى هدفا، مما فاجأها هي نفسها.

وأكدت أميرة ما تداوله نشطاء بشأن عدم تهنئة وزير التربية والتعليم الهلال الشربيني لها بحصولها على المرتبة الأولى، رغم قيامه بذلك مع كافة أوائل الجمهورية، مضيفة أنها ليست مهتمة بمعرفة سبب ذلك وأن الوزارة هي المعنية بتبرير الأمر.

ودفع هذا الأمر المتحدث باسم حركة "جامعة مستقلة" والعضو السابق بهيئة تدريس جامعة القاهرة أحمد عبد الباسط، الذي فصلته السلطات لمواقفه المعارضة، إلى إطلاق مبادرة لتهنئة الطالبة أميرة من كل دول العالم بمختلف الوسائل.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن عددا من النشطاء بمدينة نيويورك تفاعلوا مع المبادرة وقدموا تهنئات مصورة نشروها بمواقع التواصل الاجتماعي، وأن من المنتظر أن يزداد ذلك التفاعل في بلدان مختلفة خلال الساعات المقبلة.

‪أحمد عبد الباسط أطلق مبادرة لتهنئة الطالبة أميرة من كل دول العالم بمختلف الوسائل‬  (الجزيرة نت)
‪أحمد عبد الباسط أطلق مبادرة لتهنئة الطالبة أميرة من كل دول العالم بمختلف الوسائل‬  (الجزيرة نت)

ليست الوحيدة
أميرة لم تكن الوحيدة مصدرا لبهجة ذويها ممن يمرون بظروف مشابهة، فقد حفلت نتائج الثانوية العامة بعشرات النماذج والقصص لطلبة معتقلين وآخرين أبناء معتقلين حققوا نتائج مثيرة للتقدير والإعجاب رغم ما يعانونه من ظروف استثنائية وصعبة نتيجة استهداف النظام المصري لهم ولذويهم.

وفي هذا السياق، رأت الباحثة الاجتماعية صفاء صلاح الدين أن هؤلاء الطلاب "تعاملوا مع الأمر كتحد يحتاجون لتجاوزه لما سيتحقق بذلك من إدخال السرور على ذويهم والتخفيف عنهم من وطأة الأوضاع الصعبة التي يعيشونها".

وأشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أن هذا النجاح "يدل على إصرارهم على أن يظلوا عناصر فاعلة في المجتمع، ويعكس إدراكهم بأنه كما أن لهم حقوقا يصرون عليها فإن عليهم واجبات هم قادرون على تحقيقها"، لافتة إلى ضرورة تقديم التحية لأمهات هذه النماذج لما لهن من دور أكيد في ذلك.

رفض الوزير الشربيني تهنئة الطالبة أميرة، دفع الصحفي المختص بشؤون التعليم هاني مكاوي إلى اعتباره "وزيرا بدرجة مخبر لخشيته المحاسبة على إجراء اتصال هاتفي لمجرد كونها ابنة معتقل معارض للنظام".

ورأى في حديثه للجزيرة نت أن "نتائج هذا العام كشفت إصرار المعتقلين وذويهم على الاستمرار في الصدارة العلمية وإثبات كونهم عناصر فاعلة ورائدة في المجتمع رغم ما يتعرضون له من انتهاكات صارخة".

المصدر : الجزيرة