مطالبات بتصنيف قتل الصحفيين جريمةً ضد الإنسانية

الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحريات الإعلامية في العالم العربي وأفريقيا نواكشوط
الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحريات الإعلامية في العالم العربي وأفريقيا بنواكشوط (الجزيرة نت)

أحمد الأمين-نواكشوط

قَتْلُ الصحفيين وإفلات القتلة من العقاب، ومحاولة الحكومات التحكم في ما ينشر ويبث، تحديات  تواجهها المهنة وممارسوها في مختلف أنحاء العالم.

كانت هذه خلاصة خرج بها المشاركون في مؤتمر دولي بنواكشوط حول الحريات الإعلامية في العالم العربي وأفريقيا، نظمته نقابة الصحفيين الموريتانيين وحضره رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين وممثلون لنقابات أفريقية وعربية.

المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون في العالم والتحديات الأمنية التي يواجهونها فرضت نفسها على نقاشات المؤتمر، لتتجسد في مطالبات بإنشاء مرصد لحماية الصحفيين، وتصنيف قتلهم جريمة ضد الإنسانية، ومحاكمة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية، ودعوة الهيئات الدولية إلى الضغط على الحكومات لإجبارها على حماية الإعلاميين.

النقاشات التي تناولت مشاغل الصحفيين سيطر عليها موضوع التحديات الأمنية التي تهدد حياة الإعلاميين، وكانت الأرقام التي قدمها رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين جيم بوملحه خلال افتتاح المؤتمر صادمة، حيث أكد أنه في كل سنة يموت أكثر من مئة صحفي، وقد سقط نحو 2300 صحفي خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، كما يوجد اليوم ما يزيد عن مئتي صحفي في السجون.

بوملحه بدا منزعجا من سكوت العالم والهيئات الدولية على هذا الواقع، وقال في حديث للجزيرة نت إن "استمرار القتل وإفلات القتلة من العقوبة يشكل أكبر التحديات وأخطرها، ولا بد من العمل الجاد للوقوف في وجه ما يتعرض له الصحفيون"، ودعا الهيئات الدولية إلى التحرك من أجل إجبار الحكومات على تأمين الصحفيين.

جلسة نقاش في مؤتمر الحريات الصحفية (الجزيرة نت)
جلسة نقاش في مؤتمر الحريات الصحفية (الجزيرة نت)

التحدي الأمني يبدو أكثر حدة في أفريقيا وفقا لرؤية رئيسة اتحاد الصحفيين الأفارقة ماريا لويزا روجيريو، فالصحفيون في هذه المنطقة ضحايا للاضطرابات السياسية والصراعات الإثنية، ويتعرضون للقتل والتصفية والإخفاء والسجن بشكل مستمر.

وقالت روجيريو في حديث للجزيرة نت إن "الصحفيين في أفريقيا لا يجدون الحماية ويتعرضون للقتل بشكل مستمر، ففي الصومال على سبيل المثال يقتل الصحفيون بمعدل ثلاثة كل أسبوع، ويشكل إفلات القتلة من العقاب عاملا آخر يعمق المشكل ويضاعف المرارة".

ويطرح نشاط التنظيمات المسلحة في القارة عامل خطر آخر، وفقا لرئيس اتحاد الصحفيين التشاديين بيلنغر لارمي، فتلك التنظيمات "تشكل تهديدا للعاملين في مجال الإعلام بحكم طبيعة عملياتها وتوجهاتها".

وقال لارمي في حديث للجزيرة نت إن "عمليات هذه التنظيمات لا ترتبط بزمان ولا مكان، وقد تستهدف الصحفيين لمجرد مخالفتهم رأيها"، وعبر عن قناعته بضرورة التنسيق والتبادل للحد من هذا الخطر.

المساحة الواسعة التي احتلها موضوع الأمن في المؤتمر، لم تلغ تحديات أخرى كان أبرزها التحدي الذي تفرضه محاولة الحكومات السيطرة على الصحفيين والتحكم فيما ينشر ويبث، سواء من خلال مصادرة حرية التعبير أو استخدام وسائل أخرى تقوم على الترغيب والترهيب.

روجيريو: غياب قوانين تحمي الصحفي وعدم تطبيق الموجود منها، تحديات يواجهها الصحفيون بأفريقيا (الجزيرة نت)
روجيريو: غياب قوانين تحمي الصحفي وعدم تطبيق الموجود منها، تحديات يواجهها الصحفيون بأفريقيا (الجزيرة نت)

ولاحظ المشاركون في النقاشات التي ركزت على الحالتين العربية والأفريقية أن الحكومات في هذه البلدان -رغم التفاوت- لا تزال تعمل على إخضاع الإعلاميين لتوجهاتها، حيث تحاصر الصحفيين الذين لا يستجيبون لذلك وتعاقبهم أحيانا.

وقالت رئيسة اتحاد الصحفيين الأفارقة إن "غياب قوانين تحمي الصحفي في وجه السلطة، وعدم تطبيق الموجود منها، يعتبر أحد التحديات التي يواجهها الصحفيون في القارة، فلا يزال الصحفيون يتعرضون للاعتقال والمحاكمة أمام المحاكم الجنائية لمجرد أنهم نشروا خبرا لا يروق السلطة، أو كشفوا جوانب من فسادها".

وأمام ذلك يرى نقيب الصحفيين الموريتانيين أحمد سالم ولد المختار السالم أنه "بات من الضروري التعاطي مع هذه التحديات بشكل جماعي ومنسق، نظرا لشموليتها وخطورتها".

وطالب ولد المختار السالم في حديث للجزيرة نت بسن قوانين رادعة لحماية الصحفيين وضمان عدم إفلات القتلة من العقاب، ودعا الهيئات الدولية إلى التحرك لإجبار الحكومات على ضمان أمن وحرية العاملين في مجال الإعلام.

المصدر : الجزيرة